أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 9th September,2001 العدد:10573الطبعةالاولـي الأحد 21 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

نصائح تربوية للآباء الجدد من أجل تفوق أبنائهم!!
إبراهيم بن عبد الله السماري
التربية الصالحة ضرورة من ضرورات الاصلاح وأساس مهم من أسسه. وكل إصلاح وصلاح فإنما سببه التربية الجيدة. والعكس كذلك وقد ربى الله سبحانه وتعالى أنبياءه فأحسن إعدادهم للقيام بأعباء الرسالة. وربى كل نبي أمته على الخير والهدى المثمر لصلاح النفس وإصلاح الغير.
ولأن الرسل صلى الله عليهم وسلم أسوة حسنة للمؤمنين فإن كل أب في بيته عليه واجب ومسؤولية تربية أولاده لأنه راع ومسؤول عن رعيته كما أرشدنا إلى ذلك نبي الهدى صلى الله عليه وسلم. والهدف من ذلك هو إصلاح الفرد الذي هو اللبنة الأولى لصلاح المجتمع والأمة.
وأول ما يخطر في ذهن الوالد عندما يرزق بمولود هو كيفية تهيئة أفضل السبل لحياة هانئة كريمة لهذا الابن وإن شقي الأب وتعب. وحتى في العصر الجاهلي كان سبب وأدهم بناتهم هو شعورهم بمسؤوليتهم نحوهن.
طالعت في إحدى المجلات تقريراً عن المقارنة بين استطلاعين للرأي في الغرب أجري أحدهما سنة 1977م وأجري الثاني عام 1998م واختيرت عينة الاستطلاع من الآباء الذين كان أبناؤهم من الناجحين وممن تجاوزوا سن الحادية والعشرين وممن يشغلون مناصب مرموقة وكان موضوع الاستطلاعين واحداً هو الإجابة على السؤال التالي: تأسيساً على خبرتك الشخصية مع أبنائك ما أهم النصائح التي يمكنك ان تسديها للآباء الجدد فيما يختص بتربية أبنائهم؟
انتهى محللو الاستطلاعين إلى أنه برغم الفارق الزمني بينهما وهو أكثر من عشرين سنة إلا انه تبين ان هناك شبه اتفاق على أهم الخطوط الرئيسة في التربية التي ذكرها المستنطقون بالاستطلاعين. وتم تجميع الإجابات واختيرت من بينها النصائح الأكثر تكراراً وجاءت على النحو التالي:
النصيحة الأولى: أغدق على أولادك حباً ودعهم يشعرون بمدى حبك لهم. إن الحب الأسمى هو الحب المقترن بالكرم والتضحية. ولكن من الضرورة ان يصاحب هذا الحب إشعار الطفل بالأمان بحيث يكون على يقين أنه إذا ارتكب سلوكاً خاطئاً فإن حب والده له لن يتأثر وإنما سوف يسعى إلى إصلاحه فحسب مع الحرص على تأكيد حب الوالد لولده في هذه الحالة.
النصيحة الثانية: لا تنشغل عن أولادك إذ يجب أن يحظى كل طفل بوقت كاف من كل من والديه يشعره بالاهتمام ويتحقق هذا الشعور من خلال مشاركة الوالد لولده في اللعب والترفيه البريء والنزهة والقراءة أي في جميع أنشطته وهواياته. ومن المهم هنا ماتوصل إليه الاستطلاع من ضرورة مشاركة الوالد لولده في النشاطات المدرسية رياضية أو ثقافية.
النصيحة الثالثة: كن مرحاً مع أولادك لأن خفة الظل ضرورية لحفز همم الطفل وإثارة كوامنه وعلى الأب ألا يخاف من وقوعه في الخطأ بسبب مرحه لأن هذه هي طبيعة البشر.
النصيحة الرابعة: ضع نظاماً للسلوك الأسري ولكن مع الحرص على أن يكون هذا النظام مرناً وليس نظاماً صارماً كما يجب في كل الأحوال ان يدعم هذا النظام مبدأ الثواب والعقاب؛ لأن هذا النظام إذا كان بدافع الحب فهو من أهم وسائل جلب السعادة. وفي البيت المسلم فإن الالتزام الديني بدون إفراط أو تفريط هو النظام الأمثل للسعادة الأسرية.
النصيحة الخامسة: على الأب ان يمارس سلطاته الأبوية فإلى جانب المرح والحب الذي يغدقه الأب على أولاده فإن كلمة «لا» إذا دعت إليها الحاجة تكون ضرورية. ولكن لاتصلح «لا» هذه مجردة بل ليكن الأب على استعداد ليشرح سبب معارضته لرغبة أولاده أو منعهم من شيء أو نهيهم عنه وخلفيات ذلك كله.
يقول بعض المشاركين في الاستطلاع: إنك تكسب أكثر إذا استعملت العسل بدلاً من الخل. المكافأة لها آثار إيجابية اكثر من العقاب. من الممكن ان تظهر الغضب ولكن يجب ان لايعني هذا للطفل أنه أصبح منبوذاً أو غير محبوب.
النصيحة السادسة: يجب أن يتعاون الوالدان في تربية ولدهما وأن يكونا جبهة تربوية واحدة. على الوالد ان يساعد الأم في أعباء تربية الولد، وأن لا تظهر أمام الولد أية بوادر للخلافات بينهما في الرأي أو في غيره.
عن ضرورة تعاون الأبوين أشار بعضهم إلى ضرورة ان يتشارك الأب مع الأم في عملية تنظيف ومداعبة الولد يومياً. وعن ضرورة شعور الطفل بالوئام بين والديه قال أحد المشاركين في الاستطلاع: إذا لم تكن موافقاً على مايراه شريكك فلا تبد ذلك أمام الطفل بل انتظر وكلمه فيما بعد.
النصيحة السابعة: على الوالدين ألا يعاملا الطفل بأكبر من قدراته إذا ما اتحت أمام الطفل خيارات غير محددة وفتحت أمامه المجال لتعليقات كثيرة عن نوعية الأكل والملبس مثلاً فإنك تفتح باب شر لن تستطيع إغلاقه فيما بعد. فالوسطية هنا مطلوبة، لأن الصرامة الزائدة لها ضررها والليونة واللطافة الزائدة عن الحد قد يكون ضررها أكبر وقد تفتح الطريق أمام الطفل ليتلاعب بأبويه.
النصيحة الثامنة: أنصت لولدك باهتمام؛ لأن هذا الإنصات هو مفتاح فهم مشاعر الطفل وإشعاره بأهميته وهو مشجع له على إبداء مافي جوانحه من هموم وتساؤلات.. كما أنه وسيلة مهمة لكسب ثقة الولد وإذا كسب الوالد ثقة الطفل منذ سن مبكرة كان التواصل بينهما أمراً أسهل. إلا أنه يجب أن ينتبه الآباء إلى أهمية وقت الانصات فكلما دعت الحاجة للإنصات فعلى الأب أن يخصص وقتاً للإنصات لولده وعدم تأجيله بحجة البحث عن وقت آخر أطول.
النصيحة التاسعة: كن قدوة حسنة لأولادك وحاول ان تكون مثلاً طيباً لهم لا تأمرهم بشيء وتفعل ضده أو تنهاهم عن شيء وتفعله لأن القدوة هي أمثل طريقة لنقل القيم من الآباء إلى الأولاد.
النصيحة العاشرة: احرص على تحديد المسؤوليات في البيت بحيث يعرف كل شخص واجباته ومسؤولياته مع ضرورة ترسيخ نماذج حقيقية للشجاعة الأدبية عند كل عضو في هذا البيت وضرورة تشجيع الولد على ممارسة العمل خارج البيت وتحت إشراف الوالد بما يوافق سنه.
النصيحة الحادية عشرة: يجب أن يحرص الوالد على التدرج في تربيته لابنه حتى يصبح قادراً على اتخاذ القرار المناسب على أن يكون هذا التدرج مناسباً لسنه ودرجة نضجه وقدراته النفسية والبدنية وموازياً لتحميله بعض المسؤوليات؛ لأن ذلك سوف يفضي إلى تحفيز ثقته بنفسه والمثل الصيني يقول: «بدلا من أن تعطي ولدك سمكة علمه كيف يصطادها».
النصيحة الثانية عشرة: على الوالد أن يحفظ كرامة ابنه وان لا يحرجه أمام الآخرين مهما كان عمره وان لايسفهه أبداً وأن يبتعد عن شدة النقد لما ينجزه أو يتكاسل عنه. ولكن بدل ذلك عليه أن يشعره بأنه بذل أقصى جهد ممكن وأنه يمكنه المحاولة مرة أخرى فيما بعد؛ لأنه إذا لم يعط الوالد ولده الثقة فلن يستطيع اي فرد آخر أن يعطيها له.
النصيحة الثالثة عشرة: على الوالد أن يتحمل تبعات الأبوة متسلحاً بالعلم عن طريق البحث والقراءة في كيفية تربية ولده؛ لأن خبرات وحكمة الآخرين تفيده جداً وقد تجنبه الوقوع في المواقف المحرجة. وفي مجتمعنا المسلم هناك نماذج تربوية نجدها في سير الأنبياء وعلى رأسهم قدوتنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وفي سير الصالحين تصلح أن تكون معيناً لاينضب وزاداً مشبعاً لكل راغب في تربية أولاده تربية صالحة.
النصيحة الرابعة عشرة: على الأب ان يستمتع بأبوته وأن تنمو مشاعره مع نمو مشاعر ولده وأن تضفي عليه الأبوة شعوراً عميقاً بالمتعة. كما ان استمرار الوالد بين أولاده في تجربته يمنحه دون ريب الحكمة والفهم وثراء التجربة فيشعره ذلك كله بالفخر والاعتزاز حين ينجح أولاده في حياتهم.
إن هذا بالضبط مايمكن التعبير عنه في مجتمعنا المسلم بشكر الله عز وجل على نعمة الأبوة فالأبوة نعمة كبرى يجب شكر المنعم عليها حق شكره قال تعالى: (يخلق مايشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير) سورة الزخرف الآيتان 49 و50.
هناك أمران في غاية الأهمية جداً نبه إليهما المشاركون في الاستطلاع وأفردتهما هنا لشدة الحاجة إليهما في مجتمعنا اليوم؛ فقد ركزوا كثيراً على أهمية الانتماء الديني وأشاروا إلى أهمية اهتمام الأبوين ببعضهما وألا يفضي الاهتمام بالأولاد إلى انشغال أحد الأبوين عن شريك حياته؛ لأن ذلك سوف يؤدي إلى خلل في العلاقة الأسرية وسوف يؤثر سلباً في تربية الطفل.
سبب تركيزي على هذين العنصرين أنه في المجتمع الغربي حيث تطحن المادة كل سلوكيات التعامل نجد ان آباء الناجحين والمتميزين كانوا حريصين على تربية أبنائهم تربية دينية وفي أجواء أسرة متعاونة وهو مايحرص عليه الإسلام.
وهذا يرد على ما يدعيه بعض العلمانيين وذوي النظرات الضيقة من ضعف أثر الدين وقلة تأثيره في النفوس اليوم.
إن هذا التوجه نحو التدين في مجتمع مادي يؤكد ان للوازع الديني الموافق للفطرة أثراً قوياً وتأثيراً عظيماً في التربية. لقد حرصت على إيراد نتائج هذين الاستطلاعين لما فيهما من تأكيد على أهمية التربية الدينية في مجتمع لايعير هذا الأمر كبير اهتمام فالأب المسلم أحق أن يحافظ على مراعاة هذا الوازع لأنه مسؤوليته التي سوف يسأل عنها يوم القيامة ولأنه مثاب على تربيته التربية الصحيحة.
وبالله التوفيق..
alsmariibrahim@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved