| مقـالات
تشارك المملكة العربية السعودية دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي لتعليم الكبار الذي يوافق الثامن من سبتمبر/ 20 جمادى الآخرة. وبهذه المناسبة نلقي نظرة على العمل العربي المشترك كما جاء في استراتيجية تعليم الكبار في الوطن العربي الذي وضعته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. فقد بدأ الاهتمام بتعليم الكبار من خلال محو الأمية حين قامت جامعة الدول العربية عام 1948م باستفتاء عن مكافحة الأمية في الدول المشتركة في الجامعة وقد انتهى بتوصيات مستفيضة كان من بينها: يوصي المؤتمر بالعناية بتعليم الكبار لإيقاظ وعي الآبا والأمهات بضرورة تعليم البنت وأهمية النهوض بالأسرة والمجتمع. وتعتبر البداية الحقيقية للعمل العربي المشترك حين دعت اليونسكو الى عقد المؤتمر الإقليمي لتخطيط وتنظيم برامج محول الأمية في البلاد العربية الذي انعقد في الاسكندرية 1964م وكان لمركز سرس الليان حضوره المؤثر في ذلك المؤتمر. وقد أصدر المؤتمر ميثاق الاسكندرية المشهور. ومن ايجابيات المؤتمر القرارات العملية التي اتخذها بشأن العمل العربي المشترك فقد أصدر ثلاثة قرارات على جانب كبير من الأهمية:
- إنشاء جهاز خاص لمحو الأمية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المنبثقة من جامعة الدول العربية وحدد القرار وظائف الجهاز وكان من بينها العمل على القضاء على الأمية في البلاد العربية في مدة اقصاها خمسة عشر عاماً كما اشتملت الوظائف على التخطيط والتنسيق وتبادل الخبرات والوثائق والمعلومات والمتابعة والنشر والتوثيق والدراسات والتجارب والبحوث وإعداد القادة وعقد المؤتمرات.
- إنشاء صندوق عربي لمحو الأمية يكون تمويله بالطرق التي يحددها الجهاز العربي لمحو الأمية وتحديد المبلغ الذي يجب تجميعه في الصندوق العربي للقيام بالعمل العربي المشترك في محو الأمية.
- أصدر المؤتمر قراراً ببدء الحملة العربية لمحو الأمية.
وبقيام الجهاز الإقليمي العربي لمحو الأمية في عام 1966م بدأت مسيرة العمل العربي في مجال محو الأمية وتعليم الكبار تأخذ طريقاً جديدا وتعتبر الفترة الى عام 1973م فترة استكشاف وبناء فكان الجهاز منطلقاً من قرارات وتوصيات مؤتمر الاسكندرية الأول يمارس مهام واضحة هدفت بدرجة أساسية إلى إثارة الوعي بمشكلة الأمية وآثارها على مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي والى دعوة الدول العربية لإنشاء اجهزة متخصصة لمحو الأمية إن لم تكن قائمة ودعمها وتنشيطها إن كانت موجودة، وحث الدول على اصدار تشريعات منظمة لعمليات محو الأمية. وبالاضافة الى ذلك قام الجهاز بدعم الدول بما تحتاجه من عون فني ومساعدات لزيادة فعالية الأجهزة والإدارات المسؤولة عن محو الأمية إضافة إلى الدورات والحلقات والمؤتمرات. ولعل من أبرز الإنجازات التي تمت خلال هذه الفترة عقد مؤتمر الإسكندرية الثاني تحت اسم المؤتمر الإقليمي الثاني لتقويم نشاط محو الأمية في الدول العربية والذي انقعد في الإسكندرية في الفترة 14-20 ديسمبر 1971م والذي اهتم بمواصلة الدراسة في اوضاع الأمية في الوطن العربي وصدر عنه ميثاق الإسكندرية الثاني مجدداً العهد والميثاق على الالتزام بما تعاهدت عليه الوفود في المؤتمر الأول بربط الجهود بالعمل الجماهيري والاستفادة من منجزات العلم والعمل على تطوير الإنسان العربي وتعزيز العمل العربي المشترك. إن العمل العربي المشترك في تلك الفترة التي وصفت بأنها مرحلة الدعوة والإنشاء قد انفتح على مناهج العمل المختلفة وأخذ من كل منها ما يناسبه، وقد قامت العديد من المراكز بمساعدات من الهيئات الدولية حملت في داخلها سمات تلك المناهج وأساليبها وأقواها واولها تأثيراً مركز سرس الليان الدولي ، فقد اهتم بكل المناهج المفيدة وأعد القيادات وبالأعداد الكافية لنقل تلك المناهج بشتى اساليبها الى الدول العربية، ومن المراكز المهمة التي نشأت في الدول العربية اضافة الى مركز سرس الليان الدولي بمصر:
- معهد ابو غريب في العراق للتربية الأساسية ثم تنمية المجتمع.
- المركز القومي للتنمية الاجتماعية في شندي بالسودان الذي بدأ بمنهج تنمية المجتمع ثم التعليم الوظيفي ثم محو الأمية الحضاري وما زال دوره على المستوى الوطني العربي قائماً.
- المركز الوطني لمحو الأمية في الجزائر بدأ بمحو الأمية الوظيفي وما زال يؤدي دوره في إعداد الأطر والمواد والاشراف على حركة محو الأمية. وهناك بعض المراكز التي أثرت في عمليات التدريب وإعداد الأطر منها مركز الدرعية في المملكة العربية السعودية ومركز الفويهات في ليبيا. وبحلول عام 1973م بدأ العمل العربي المشترك يشق طريقاً جديداً لاكتشاف المنهج الخاص به، وبالطبع فإن الذخيرة الوافرة من التجارب والأعداد المتزايدة من المتخصصين والادارات الخاصة بمحو الأمية وتعليم الكبار التي قامت في كل الدول العربية تقريباً والمراكز المتخصصة في عديد من الأقطار العربية وايضاً الطريق المسدود الذي وصلت اليه المناهج المتعاقبة على المستوى الدولي وعجزها جميعاً عن التأثير في مشكلة الامية بالصورة المتوقعة بل وعن فهم طبيعتها في اطار حركة المجتمع،، كل ذلك كان دافعاً للقيادات العربية لإعادة النظر في مجمل النشاط وتوجهاته الفكرية والخروج بنظرية متكاملة للتعامل مع الأمية كظاهرة تستحق الاهتمام والعمل الجاد. ونتمنى التوفيق لجميع الدول العربية في سعيهم الحثيث للقضاء على الأمية وما تبقى منها في المجتمعات العربية العريضة.
والله من وراء القصد.
' كلية التربية- جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|