أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 9th September,2001 العدد:10573الطبعةالاولـي الأحد 21 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

آفاق بلا حدود
العجيب أن أحداً لم يُظهر عجبه!!
د. محمد أبوبكر حميد
ان ما يحدث ليس إلا نتيجة لما حدث.. الكثير من الدول الصديقة والمتعاطفة مع العرب والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص أبدت عجبها بهمس وعلى استحياء: كيف يطالب العرب اليوم بإدراج الصهيونية المتمثلة في دولة اسرائيل ضمن «العنصرية » وهم الذين سعوا اليها واعترفوا بها ومدوا لها أيديهم؟! أليست الصهيونية هي إسرائيل؟!
لقد قاطعت معظم دول العالم خاصة في أفريقيا وآسيا إسرائيل بعد حرب سنة 1967م، وقطعت أفريقيا كلها تقريبا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل فضلاً عن الدول الاسلامية جميعا وبعض دول المعسكر الشرقي التي كانت تنظر نظرة احترام وعطف (وإن كان قلبها مع اسرائيل بالطبع وإن لم تجاهر به).
لكن الامر تغير بعد أول اعتراف بإسرائيل في معاهدة كامب ديفيد وما تلاها من اتفاقات مع الفلسطينيين التي تضمنت الاعتراف بإسرائيل.
وبعد هذه الخطوة التي أقدم عليها الفلسطينيون أصحاب الشأن وبعض الدول العربية زال الحرج عن بقية دول العالم، فأعادت كل الدول الاجنبية التي قاطعت اسرائيل مجاملة لنا علاقتها بإسرائيل فوراً، وكانت الهند في مقدمتها حيث تعد علاقتها بإسرائيل اليوم نموذجاً في التعاون العسكري والنووي. ولم تتورع تركيا المسلمة الجذور الاوربية الهوى من مد اليد لاسرائيل في كل المجالات. وكما تهدد الهند بتعاونها مع اسرائيل باكستان المسلمة، يشكل التعاون التركي الاسرائيلي تهديدا على الجيران العرب عسكريا واقتصاديا. وخلعت دول أوربا الشرقية سابقا جميعا برقع الحياء للصلة الحميمة بين الشيوعية والصهيونية. أما دول أفريقيا سواء التي يجمعنا بها الاسلام او الشعور بالظلم من هيمنة القوي على الضعيف فقد وجدت ان لا تثريب عليها في البحث عن مصالحها مع إسرائيل التي تعتبر من الناحية التقنية صناعيا وعسكريا اكثر دول الشرق الاوسط تطورا.
فلماذا يطالب العرب اليوم في مؤتمر دوربان بجنوب افريقيا الذي تعقده الامم المتحدة بإدراج الصهيونية ضمن العنصرية؟!
لقد كانت الصهيونية بالفعل مدرجة ضمن العنصرية بموافقة غالبية دول العالم المتعاطف معنا وبقرار من الأمم المتحدة سنة 1975م فمن الذي تغير؟ نحن الذين تغيرت مواقفنا من إسرائيل التي تعتبر بلغات كل المعاجم المعادل الواقعي للصهيونية ولم نعترض سنة 1997م عندما مارست الولايات المتحدة ضغوطها على الأمم المتحدة فسحبت إسرائيل من قائمة العنصرية، والاعتراف بإسرائيل كان اعترافا ضمنيا بالصهيونية. فما الذي حدث؟ ولماذا نطالب الغير الالتزام بمبدأ نحن بدأنا بهدمه؟ واذا كان اصحاب المصلحة الحقيقية قد رأوا في الاعتراف بالدولة الصهيونية أملا في حل مشكلتهم فما ذنب الآخرين اذا خذلونا اليوم ولم يطالبوا بإدراج الصهيونية مرة أخرى ضمن العنصرية ولسان حالهم يقول «اذا كان رب البيت قد اعترف فشيمة الاصدقاء السير على خطاه» مع الاعتذار للشاعر.
لقد فتح أمل «السلام» مقابل «الاعتراف» بإسرائيل الباب على مصراعيه للاصدقاء والاعداء وللمسلمين والكافرين ولاصحاب النفوس الضعيفة مجال التعامل مع إسرائيل جهاراً نهاراً وبصفاقة وبلا حياء. وحتى الذين يدينون اسرائيل اليوم لما ترتكبه من جرائم على مرآى ومسمع من العالم لم يلوح أحد منهم بقطع العلاقة مع إسرائيل او التخفيف منها، فتجري الادانة في واد وتجري العلاقة في واد آخر.
لقد أصبح العرب والمسلمون بما فيهم الفلسطينيون أنفسهم منقسمون على انفسهم في الموقف من إسرائيل رغم اكتشاف الجميع ان ما تم الآن بعد اكثر من عشر سنوات من جهود السلام لا يزال نوعا من الكتابة على الماء! وأن الامل في لفتة «موقف عادل» او «محايد» على الأقل من زعيمة العالم الحر الولايات المتحدة يعد أيضاً ضرباً من الكتابة على الهواء! وقد انسحبت أمريكا من مؤتمر دوربان قبل اسرائيل فأثبتت انها صهيونية اكثر من الصهيونيين!
فهل توجد صفاقة وقحة ولا مبالاة بنا أكثر من ذلك؟!
ان العرب والمسلمين وفي مقدمتهم أصحاب القضية بحاجة الى وقفة صادقة مع أنفسهم لتحديد «موقف» بعد كل الذي حدث قبل مطالبة الآخرين بإدانة إسرائيل.
لقد قالها الله لهم قبل خمسة عشر قرناً من فوق سبع سموات «إن الله لا يُغيِّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم».

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved