| محليــات
تغمض عينيك في الليل..
تُهاجس النوم...، تستحثّه القدوم...، لا يأتي...
تتذكَّر اليوم... الأيام... اللَّحظة... اللَّحظات تلك التي عبَرت بك...،
تفزع...، قد تجلس فوق فراشك...، تهرش رأسك...، تحرِّك يدك... تسأل: لماذا؟!.. وقد لا تفعل.. بل يضطَّرب صدرك.. تحسب أَن قلبك سوف يغادره... ولكن من أي الجهات في جسدك النَّاحل، أو العكس وأطرافك تبرد... تعرق، وجبهتك تفعل كذلك.
تتذكَّر الغد...
يراودك الشعور ذاتُه..
يمر شريطٌ طويلٌ لا ينتهي... تستعرض فيه ذاكرتك كلَّ شيء...
تطلق تنهيدة طويلة... لماذا؟!...
ذلك الوجه الذي اعتدت لقاءه... يتوارى خلف الأبواب... وذلك الصوت الذي كان يأتيك في لحظات المطر... كأنَّه السَّراب يتلاشى، وتلك اليد التي كانت إليك في أيام الرَّخاء نسيت دفئها وحلَّت بكفِّك البرودة...
بيتُك العامر بكلِّ الذين تعرف ولا تعرف.. غدا خاوياً على انقاضه... لم تعد تحلو لك لقمةٌ وأنت بدون أيٍّ منهم... ولم تعد تستعذب بارد الشراب وأنت تتجرَّع مرارة الخيبة.
تنهض من فراشك...
تجوب كلَّ زاوية من زوايا بيتك... تسأل الجدران عن الأصوات والمقاعد عن الأجساد، والأبواب عن المفاتيح، تتذكَّر ظلَّ هذا، وصوت ذلك، وضحكات هنا، وحديثا هناك...
تعود إلى فراشك...
تضع يدك تحت خدِّك... رويداً رويداً تذهب في اغفاءة الخيبة... في أيَّة لحظة يُفزعك القلق، تنهض الصباح قد يكون القادم المضيء وحده في حلكة الصدر... ومرمى البصيرة... تسأل عينيك عن النور...
لا تدري أهو قادمٌ من داخلك، أم هو قادمٌ من الانتشار من حولك...، لوحة الأرض تستدعيك النَّهوض... تقف على قدميك... تشعر بتراخٍ... شيءٌ يعتلج في رأسك...
أيّ ُخزي يتردَّى له الإنسان.. وأيُّ عارٍ تصل إليه البشرية...؟
وأيُّة حياةٍ تحلو في غياب ما يستدعي القلق...
ويمرض الإنسان...
يزداد قلقه...
تتداعى لقلقه أجهزته الرئيسة... يستجيب لها دمه... يفرز ما يتسلَّل إلى ضوابطه وكوابحه... فتنطلق داخله انذارات المرض... يرتفع ضغطه.. تضيق شرايينه... تُغلق أوردته الدقيقة، تتصلب مسارات الحياة في داخل هذا الجسد... تتعطَّل أدوارها...
يتخيل النهاية.. الموت.. ويحسب أنَّه الخاتمة لمأساة الخيبة...
قلبه... هذه المضخة للحياة قد انكسرت... ضاقت بهدوء الفرح فيها، وبطمأنينة السعادة داخلها، وبسكينة النجاح السَّاكنة فيها...؟
فالهدوء لم يعد...، والفرح ترك...، والسكينة غادرت...
والإنسان يمارس خيبة الخيبة في الإنسان...
والأرض التي تعجُّ من حوله... موحشةٌ حوله..
والنَّاس الذين يتحركون من حوله... لا وجود لهم حوله...
ويزداد قلقاً...
والأطباء يُصرِّحون بأنَّ «القلق» مرض العصر..
فليتهم يصرِّحون بأنَّ القلق ذاته هو الإنسان ذاته...
ظاهره الملموس هو، وباطنه المحسوس ما في الجوف..
ذلك الذي تحمل الذَّواكر في داخلها أشرطة تسجيل لكلِّ ما ترسمه خطواته على الأرض فيها...
|
|
|
|
|