أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th September,2001 العدد:10572الطبعةالاولـي السبت 20 ,جمادى الآخرة 1422

محليــات

يارا
عروستي اسمها كريمة
عبدالله بن بخيت
لو ما كسبت من سفرتي لماليزيا غير أني سمعت أحد السعوديين ينادي زوجته باسمها في السوق لكفاني هذا. فهذه واحدة من أهم التجارب المفرحة التي خرجت بها من هناك وأعتقد أن هذه واحدة من فضائل السفر للخارج.
أتذكر مشهداً درامياً على الطبيعة بين رجل وامرأة في سوق اليورومارشيه بالرياض كشف لي نظرة كثير من الناس للمرأة.
كان السوق مكتظا بالمتسوقين، رجال ونساء وأطفال جاؤوا طمعا في التخفيضات المعلنة وفي ذلك التدافع والاكتظاظ من الصعب أن يحتفظ الإنسان بتوازنه أو مرافقيه فمرة تجد نفسك إلى جوار زوجتك ومرة تجد أن هناك عربة تفصلك عنها ومرة تبتعد عنها أمتاراً.
في تلك الأثناء شاهدت تجربة أيقظتني على حقيقة غريبة جدا لم تكن جزءا من وعيي من قبل.
رجل في الثلاثينات من عمره يقلب بعض الأطعمة المعلبة ويقرأ بعض التعليمات المكتوبة عليها فجأة سمعته يقول: شوفي هذا وعندما رفع رأسه اكتشف أن زوجته ليست حوله بحث عنها بناظريه فلمحها تقف على بعد حوالي عشرة أمتار.
فأخذ يحرك يده ليسترعي انتباهها ولكن يبدو أنها لم تنتبه لحركات يديه فرفع رقبته وهو يحرك يديه فلم تنتبه أيضا فقال بين الهمس والصراخ: أقول أقول رددها أكثر من أربع مرات لعلها تسمع صوته فتتعرف عليه ولكن الزوجة كانت مستغرقة في قراءة بعض المعلبات ولم تسمعه بدا عليه شيء من التوتر فرفع صوته أكثر وهو يردد: أقول أقول شوفي شوفي، ثم بعدها صرخ بقوة قائلا: ما تسمعيني يا إلهي وعندما يئس تماما أخذ يدافش وشق طريقه بالقوة إليها.
نبهني الرجل إلى حقيقة كانت غائبة عن تفكيري تماما وهي أننا لا يمكن أن ننادي نساءنا في الأماكن العامة بأسمائهن.
عندما تأملت في الأسماء وجدت ان الاسم لا يعكس أي شيء عن طبيعة حامله سواء كان امرأة أو رجلاً فهناك منيرة متعلمة وهناك منيرة جاهلة وهناك منيرة كبيرة في السن وهناك منيرة صغيرة في السن وهكذا في الأخلاق والشكل إلى ما لا نهاية. لا أعرف لماذا لم يناد ذلك الرجل زوجته باسمها في السوق؟ ما الذي كان يخشاه؟ هل يخاف أن يعرف الناس اسم زوجته؟ وإذا عرف الناس الغرباء اسم زوجته ما الذي يمكن ان يترتب على مثل هذه المعرفة؟ عندما فكرت في الأمر وجدت أن المسألة ظاهرة ثقافية بدأت ألاحظ الأخبار في الصحف خاصة أخبار الزواج وإعلانات التعزية تلاحظ ان اسم المرأة مصادر تماما فهناك عبارة تقليدية تكرر في كل أخبار الزواج وهي عبارة (كريمة) زفاف الشاب أو المهندس أو الملازم أو الطيار أو الخباز فلان الفلاني على كريمة فلان ابن فلان كل النساء اللاتي أعلن زواجها على صفحات الجريدة أخذن لقب (كريمة).
اسأل هؤلاء الذين يرفضون أن تعلن أسماء بناتهم في أخبار الزفاف: هل هؤلاء يستعيبون على الكاتبات السعوديات اللاتي يوقعن بأسمائهن هل يستعيبون على المسؤولات اللاتي ترد أسماؤهن في الأخبار أم هل الزواج نفسه عيب ويجب ألا يذكر فيه اسم العروس صاحبة الشأن؟ لماذا لا نقرأ زواج فلان ابن فلان على فلانة بنت فلان والأمر من هذا أننا نقرأ في إعلانات العزاء الخاص بالنساء تجاهلاً تاماً لاسم المرأة فغالبا تذكر المرأة بصفتها والدة فلان أو فلان الثاني هل الموت عمل مخجل حتى لا نذكر أسماء موتانا من النساء ما الذي يمنع من أن نقول في الإعلان الفقيدة فلانة بنت فلان أسوة بالرجال.
الإنسان (الرجل والمرأة) هو الكائن الوحيد الذي له اسم محدد وأي مصادرة لاسمه في أي مجال هو سحب جزء أساسي من الاعتراف بإنسانيته .

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved