| الاخيــرة
عاد ملايين الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة لينهلوا من معين العلم في شتى المعارف.
لقد كان الكثيرون وليس البعض يعتمد على الاختبار كأساس لاستذكار الدروس لكي يتم التحصيل على مراحل متعددة خلال الفصل الدراسي، أما وقد تم اختصار تلك الاختبارات والاكتفاء باختبار شهري واحد فقد أصبح الطلاب وأولياء أمورهم واحداً من اثنين، فمنهم من يترك الاستذكار لحين قرب الامتحان الشهري ثم يستجمع قواه في عدد محدود من الأيام قد لا يتمكن خلالها من استيعاب ما يجب استيعابه فتكون النتيجة أقل مما هي متوخاة وبعد الاختبار الشهري يترك الاستذكار مرة أخرى لحين قرب حلول موعد الاختبار الفصلي النهائي ليعاود الكرة مرة أخرى فتكون النتيجة النهائية دون ما هو مطلوب، ومنهم من يحسب لكل شيء حسابه فيستذكر مواده الدراسية كل يوم أو كل أسبوع أو فيهما معاً حتى يكون أكثر استيعاباً وأحسن حالاً عند حلول موعد الاختبار، وهذا النمط من الاستذكار هو الأفضل والأيسر والأبقى والأضمن، ولا ريب فالاستذكار على جرعات محدودة يكون أكثر رسوخاً وأبقى في الذاكرة، كما أنه الأسلم عند حدوث ما قد يواجه الطالب من حالات طارئة عند قرب حلول الاختبار مثل وفاة أحد الأقارب أو المرض شفانا الله وإياكم وعافانا وأبعد عنا كل مكروه.
لقد اعتدنا في هذه المنطقة من العالم أن نؤجل ما يمكن تأجيله حتى لو كان لدينا من الوقت ما يكفي للإنجاز دون عناء والبعض منا أو فلنقل أغلبنا يرغب في أن يستمتع بإضاعة الوقت في المكتب أو المنزل لمجرد إضاعته وكأنه ليس العمر والحياة، وعندما يعتاد الطالب على أن يؤجل وقت الاستذكار إلى حين موعد الاختبار فإنما هو بهذا يحاكي والديه وإخوانه ومجتمعه في تأجيل ما يمكن تأجيله، حتى ولو أن ذلك التأجيل سيترتب عليه تراكم لما هو مطلوب مما يستوجب وقتاً أكثر مما لو تم الإنجاز في حينه.
وأبناؤنا ولله الحمد يكتسبون من مجتمعهم الكثير من الثقافات والأخلاق الحميدة التي استلهموها من تعاليم الإسلام الحنيف، لكنهم في حاجة ماسة إلى النظرة في أوجه القصور العملية لدى المجتمع، وعدم محاكاته لمجرد المحاكاة وعلى الآباء الذين يستطيعون ترك ما اعتادوا عليه من عادات خاطئة أن يكونوا أكثر وضوحاً أمام أبنائهم بالتحذير من تلك العادات وتبيان ضارها، كما أن عليهم ان يكونوا اكثر الحاحاً على الأبناء في سبيل تصويب ما هو خطأ لدى الآباء أو المجتمع، والحرص على اتباع ما هو أصلح واعتقد ان علة التأجيل هذه هي أهم القضايا التربوية التي تتطلب من الآباء مزيداً من الصبر، ومناقضة الذات حتى يتجاوز الابن والده ويفوقه في مقدار إنتاجه العلمي والعملي، ولا أعتقد أن واحداً يرغب في أن يكون على وجه الأرض من هو أفضل منه سوى أبنائه.
إن نظرة المجتمع نحو اختصار الاختبارات الشهرية إلى اختبار شهري واحد تتمثل في رأيين: أحدهما يقول إن ذلك الاختصار لم يأخذ بعين الاعتبار عادات مجتمعنا وظروفه، وأهمية الاختبارات كحافز للطلاب على الاستذكار والمراجعة، ولذلك فإن مردوده على الطلاب كان أكثر سلبية بينما يرى البعض الآخر أن اختصار الاختبارات الشهرية على اختبار شهري واحد سيخفف من رهبة الاختبارات كما أنه أسلوب تربوي لتعويد الطلاب على الاستذكار دون اختبار وعدم تأجيل ما يمكن تأجيله لأن الذي لا يستذكر دروسه أولاً بأول لن ينال ما يأمله وستكون نتائجه غير مرضية.
|
|
|
|
|