| الاخيــرة
قرأتُ كما قرأ غيري التوضيح الذي وافتنا به واس من القاهرة ونُشر على الصفحة الأولى من جريدة الجزيرة يوم الخميس الماضي11/6/1422ه. وفيه تفنيد المملكة لمزاعم عراقية تدعي ان دورية سعودية انتهكت الحدود العراقية قبل ايام. وقد ورد في الخبر ان ما أثاره العراق بهذا الشأن هو تضليل وافتراء. وأن حقيقة ما حدث ان خمسة اشخاص عراقيين مسلحين تسللوا من جهة الحدود العراقية الى داخل الاراضي السعودية عند الساعة الحادية عشرة من ليلة السبت السادس من جمادى الآخرة الحالي الخامس والعشرين من اغسطس. وقد توغل المتسللون المسلحون داخل اراضي المملكة بحوالي ثمانمائة متر وفي هذه الأثناء كانت دورية مركز (الكسر) التابعة لحرس الحدود السعودي والمكونة من ثلاثة افراد واقفة بجانب خط الاسفلت. وقد قام المتسللون بمفاجأة الدورية وإطلاق النار عليها مما تسبب في اصابة الجندي السعودي/ سعد بن علي الصلبي/ وتم سحبه من قِبلهم الى داخل الحدود العراقية. ولا يُعرف حتى الآن (يوم 11/6/1422ه) اذا كان على قيد الحياة ام انه توفي متأثرا بإصابته. وقد جاء في خبر الصفحة الاولى لذلك اليوم ايضا بأنه قد تم تصوير موقع الحادث الذي وقع داخل الحدود السعودية وشمل مع آثار سحب الجندي السعودي المصاب الدم الذي نزف منه. كما تم التحفظ على نوازع الذخيرة المستخدمة في اطلاق النار من قِبل المتسللين العراقيين. وقد تضمن الخبر الذي ورد عن رسالة موجهة الى الجامعة العربية ان هذا الحادث ليس الاول الذي تنتهك فيه القوات العراقية حدود المملكة لخلق جو من التوتر واختلاق القصص التي تجانب الحقيقة والصواب ولا تخدم البتة العلاقات العربية والجهود المبذولة لمساعدة الشعب العراقي في محنته، وتندرج تحت الاضرار بمصالح الامة العربية والاسلامية حيث تم إحاطة الجامعة العربية من قِبل المملكة العربية السعودية بأحداث مماثلة في مذكرات رسمية.
[ هذا هو الخبر كما ورد في الصفحة الاولى يوم الخميس الماضي بتفاصيله في الرسالة الموجهة الى الجامعة العربية لتفنيد المزاعم العراقية دون ان تكون في تلك التفاصيل أية إشارة للجندي السعودي المختطف متخبطاً في دمه الا اشارة الى مصيره المجهول وتصوير آثار دمه وكأنه للتحفظ على الصور بمثل التحفظ على فوارغ الذخيرة.
وعلى الرغم من اننا نقرأ بين الحين والآخر عن مناوشات حدودية بين المملكة وبين العراق لا يكف فيها النظام العراقي عن عادة الاعتداء على الجيران التي بدأها صيف 1990، ويحاول بتكرارها الضعيف إحياء أوار حرب لا يعرف كيف يداوي هزيمته فيها التي لم يجرها على نفسه وحسب بل على شعب العراق بأكمله وعلى أمن المنطقة واستقلالها كلها من الحضور الاجنبي، فإن الخبر قد بدا محطاً للتساؤل وتحديدا فيما يتعلق بمصير الجندي السعودي سعد بن علي الصلبي الذي لم يثر الخبر أي تساؤل عن مصيره. كما انه لم يشر ولو مجرد اشارة الى المطالبة بمعرفة مصيره المجهول بعد ان تم اطلاق النار عليه وسحبه مسربلاً بدمائه الى داخل الحدود العراقية.
والحقيقة ان انشغال الخبر بتفنيد الافتراء العراقي القائل بأن المملكة هي التي بدأت بالاعتداء، على أهمية مثل هذا التوضيح، قد شكل إغفالا حتى وإن لم يكن متعمدا لمصير الجندي الذي كان الأحرى التساؤل عن مصيره والمطالبة برده الى ارض وطنه ليرد الاعتبار له كشهيد إن كان ميتا او كذواد عن ارضه ان كان حياً.
وإن كان قد عرف عن المملكة تاريخيا سياستها المتأنية تجاه الامور الخلافية بين دول الجوار وكذلك امتناعها عن الدخول في مهاترات اعلامية حتى مع اعتى الحملات الاعلامية الخارجية التي قد توجّه ضدها الا ان ذلك شيء وعدم التعبير عن اي ردة فعل استنكارية على اطلاق النار واختطاف الجندي الذي كان مرابطاً في حر الصحراء وصهيب الصيف للدفاع عن وطنه والمطالبة به شيء آخر، فلا بد ان هناك اسرة كانت تنتظر عودة سعد من اداء واجبه الوطني على الحدود بفارغ الصبر في نهاية المساء او في نهاية الاسبوع او في نهاية الصيف.
لا بد ان احتمال ان يواجه سعد الموت اثناء تأدية واجبه لم يكن سراً على الأسرة إذ ان تكسب لقمة العيش القليلة الحلال من خلال العمل في الدفاع عن الوطن بدورية حرس الحدود عمل له ثمنه الباهظ الذي قد لا يكون أقل من بذل الروح ولا بد ان اسرة سعد لا تعبأ بكلام الجرايد أيا كان ولكن لا بد ان اسرة سعد كانت ولا تزال تتوقع إن غاب سعد ان يغيب كشهيد يعتز بشهادته في سبيل بلاده او كأسير لا تكف المطالبة بعودته ليعيش في الحالتين كمواطن في حضوره وغيابه.
إننا نقول ذلك ككلمة حق في حق مواطن سعودي كان يقوم بواجب خدمة الوطن ولا نشك ان المملكة ليست بأي حال من الاحوال أقل حرصاً على مصائر مواطنيها من تلك الدول التي تقيم الدنيا ولا تقعدها من اجل المطالبة بظفر مواطن من مواطنيها وجندي من جنودها. فليست مبادلة اسرائيل لجندي واحد من جنودها بثلاثين اسيراً لديها وليست مطالبة امريكا برفات جنودها في فيتنام أكثر أهمية من حرص المملكة على مواطنيها.
|
|
|
|
|