| الاقتصادية
رغم محدودية انتشار المصارف الإسلامية كمؤسسات اقتصادية مالية استثمارية يتجر بها لا فيها طبقا للشرع الحنيف إلا أن النجاح والإنجاز لها وأمام منافستها الربوية لا تزال تصطبغه أبعاد عدم التعاون والطلب الاجتماعي لها، أبعاد عادة ما تنحصر في قصر فهم بعض الأفراد والمؤسسات في معرفة طبيعة عملها أو الالمام بفرص استثماراتها المباركة، ويعد ضعف الحماس والطلب العام لخدماتها المصرفية وافتقارها إلى آليات حديثة تساير العصر وتلبي احتياجات المجتمع المسلم عاملا سلبيا يزيد من تلك المحدودية، فضلا عن التقصير والتجاهل البين التي تقابله المصارف من قبل الدعاية والإعلان والترويج وكأنها على غير ذي بال في وسائلها، اضف إلى أن المصارف تواجه اليوم اتهامات حادة، فهي متهمة من البعض بالتحايل على الشرع مجبرة على التعاملات الربوية في مضمونها، وطالما تحايلت وابتدعت طرقاً ملتوية في استغلال أصولها وودائعها المالية فقد أضحت عديمة المصداقية غير جديرة بالتعامل معها بحال، وعلى الجانب الآخر فإن المصارف الإسلامية ترد على الاتهامات بأنها محاولات يائسة وذرائع تهدف جميعها إلى الحد من تطورها وانتشارها ولا صحة ولا مكان لما يقوله المروجون مطلقا بين أروقتها، وأنها وما تقدم من خدمات مصرفية ومن استقطاب لرؤوس الأموال وتدويرها إنما يتم بربحية وكسب حلال طبقا لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية بعيداً عن الشكوك والآثام متوقعة مستقبلا زاهرا قريبا،
إلا أن جوهر القضية وحقيقته يبدو ليس في هذا ولا في ذاك، نعتقد أنها قضية تحديات مصيرية أساسا تقف المصارف الإسلامية عند مفترق طرق وليس لها إلا أن تتجدد أو أن تتبدد، فالتجديد يتطلب منها حتمية الدخول الفعَّال المكثف والمشاركة التنموية لجميع القطاعات الاقتصادية في العالم، وبمستويات لا تقل فيها درجات مساهماتها الاقتصادية والاجتماعية عما تقدمه المصارف الغربية المماثلة سواء التوسع في برامج التسليف والقروض الإسلامية أو التسهيلات للحسابات الجارية والمدفوعات، ويلمس العملاء واقعيا خدمات مصرفية من البنوك التجارية تفوق بكل المعايير ما تفعله المصارف الإسلامية، وقد نالت المصارف التجارية بذلك استحسان العملاء ورضاهم لما توفره عليهم من جهد وتعب في أمور مصرفية شخصية مثل تسديد الفواتير، انتشار أجهزة الصراف الآلي وبطاقات الائتمان والشيكات السياحية دافعة معظم عملائها إلى عدم التفكير أو الانتقال إلى المصارف الإسلامية،
إن مرحلة الانفتاحية القادمة تستلزم من المصارف الإسلامية ضرورة التجدد في معرفتها الجيدة بالأسواق واحتياجات المشروعات الإنتاجية واجتذاب شرائح المتعاملين بجميع طبقاتهم،
والانضمام إلى تنظيمات مصرفية حديثة تضمن الودائع المصرفية برقابة ونظم محاسبية شفافة، وهذه أدوات تساعد جيدا على تحسين القدرة التنافسية لها في التحديات المستقبلية من عولمة ومن منظمة التجارة العالمية،
ولا ننسى أن اتفاقية الجات تنص في مجال الخدمات المالية على عدم التمييز بين المؤسسات الأجنبية العاملة وبين المؤسسات الوطنية المماثلة، فينبغي للمصارف الإسلامية بحث ودراسة عمق التحدي المصيري بأساليب مناسبة تواكب حجمها لمواجهة تحديات تحرير تجارة الخدمات المالية، ولها أن تفكر بجدية في التحالفات وعمليات الدمج والحيازة فيما يفترض منها اتخاذ المزيد من الخبرات إزاء نوعية منتجاتها وخدماتها المصرفية من صناديق استثمارية مشتركة ومن أسواق جديدة،
وللمؤسسات والشركات أن تشارك من جانبها بأدوار أكبر في أعمالها المصرفية الإسلامية بغية النهوض بهذا القطاع الهام ودعمه بكل الامكانات المتاحة لها، ويتعين على أصحاب رؤوس الأموال أولا استكشاف فرص التعامل فيها كمثيلاتها وثانيا تخفيف الارتباط الكلي مع المصارف التجارية،
|
|
|
|
|