| الثقافية
* أما زلت تكتب الشعر على طريقتك؟
قلت لك، ذاك عهد مضى، أما الآن، فأنا إنسان آخر، اصنع شيئاً آخر.
* هل فرغت مما تصنع؟!
أوشكت أن انتهى، وبعده، سأضع قلمي وأوراقي على قارعة الطريق ليكونا عرضة للنهب!!
* أين أنت من وصف الفن والفنانين؟!
الفن يا صديقي في أفضل أحواله هو إعطاء شكل لأشياء لا شكل لها، ناهيك عن أنه احتجاج دائم، وجدل عريض، ورفض أزرق.. و(من الرفض تولد الأشياء)! أما أعظم الفنانين فهم المحتجون على كل المحاور، محتجون على أسلوب التعبير، وطريقة اللغة، وعلاقة الكلمات ببعضها! محتجون على العصور التي يدحونها بأنفاسهم وأعمارهم، محتجون على غبار الوقت ولون الحبر وشكل الورقة!!
واحتجاج الفنان يتجه إلى محاولة التغيير، (ولكن المجتمعات أكثر تعقيداً من براءة الفنان، لذا فإنها لا تسمح له بهذا التغيير، فيردُّ، إما إلى التصوف، أو العزلة، أو العدم أو مغامرات الأسلوب والشكل، أو الأحلام، أو الانتهازية، أو سرقة الأقنعة)!!
* ماذا يؤلمك؟!
يؤلمني هذا الركود المعرفي.. هل تعلم ياهذا ان العلم المستقر كالجهل المستقر؟! نعم.. ليتنا نحترق بدهشة السؤال، ونيران التردد بين العلم والوعي.
أين هذا الرجل الحكيم، الذي يوسع الحدود، ويحرّض على عبورها، هذه السلالة المنقرضة التي كانت تعرف أن الذائقة محدودة، والذوق راحة يد تنبسط، وتنقبض، تحب وتكره، وأن الفن غير محدود!!
متى نعرف ان ما تكرهه الذائقة ليس بالضرورة خطأ، ولذا فالرجل الحكيم يفني عمره محارباً في سبيل توفير حقوق الوجود لآداب وعلوم ومعرفة قد لا يحبها، هذا من ناحية، ومن أخرى فإنه يقاتل قبيلة تسعى إلى زراعة أسلاك شائكة جديدة على الحدود، قبيلة قومية، وأخرى أيديولوجية، وثالثة متكبرة صلفة، ورابعة مغرورة، ضيقة الأفق تزعم ان معارفها وحدها شمس المعارف التي تتنزّل أشعتها على رقاب التخلف والجهل، وتلتف حول رقابها!!
* ماذا تتذكر في هذه اللحظة؟
اتذكر بيت شوقي القائل:
والدين يسرٌ.. والخلافة بيعةٌ والأمر شورى.. والحقوق قضاء
* وضّح أكثر!!
يقول الشاعر العذب عدنان الصائغ:
في غفلة من دموعي سأضحك.
المطارات مقفلة، والبلاد على بعد سنبلة من وريدك، يا أيها الشاعر المتسكع بين القواميس، لا لغة غير هذا الأنين الذي يتصاعد من باطن الأرض «........» (ولكن للنهر رائحة لاتغيب)!!.
* لم أفهم ماذا تقصد!!
أحببت ان أعطيك نصين مختلفين لكل منهما نكهة حمراء تشي بمذاقها.. تصورْ ان هناك أقواماً، لا يؤمنون بالمباني التجاورية، والقمة لاتتسع إلا لبناية واحدة، هم يختارونها لك وعليك السمع والطاعة!!
ياسيدي متى تفهم ان كل مليحة بمذاق، وكل عروس بعطر، فلا السفرجل يغني عن التفاح، ولا التمر يكفي عن الزبيب، بل الزبيب لايغني عن العنب.
* ولكن لماذا تقولها بانفعال؟!
أقولها لأن النص الذي بين يدي نص يدمي القلب.. اسمعه معي إذا سمحت، يقول صديقي عدنان الصائغ ، الشاعر العراقي المتعب والمذبوح بين المنافي:
( ما الذي يغنيك؟!
ماذا سيغني السجين اخضرار السهول، سأرجع من وطن النفي
بعد ثلاثين عاماً لأطرق باب البلاد بعكاز شيخوختي
الرجال هم غرف لانتظارك، تضحك حين تراني أغلّف قلبي بكيس البلاهة مرتبكاً مثل طير تعلّق في الشوك)!!
alarfaj2000@ayna.com
|
|
|
|
|