| الثقافية
* القرشي.. الأب..
يتدفق القرشي حناناً ورقة وشفافية مع الجميع فما بالك بأولاده وبناته إنه نهر دافق من العطاء والحنان.. وعطاؤه المعنوي يرقى بنفوس أبنائه.. فهو يحثهم على الطموح في طلب العلم والمعرفة وعلى التعامل الممتاز مع الأغراب والأقارب.
وأذكر في ذات يوم قدم لي بعض النصائح منها:
1 عدم عمل أي شيء يضطرني للاعتذار.
2 الحرص على استمرارية العلاقات الطيبة مع الأهل والمعارف.
3 الحرص الدائم على الاطلاع والقراءة.
4 الاهتمام بالمواعيد التي لابد أن أنفذها في الوقت المناسب.
6 القناعة ليس لانها كنز ولكن لأنها راحة بال، إلى غير ذلك من النصائح التي أعتز بها واحاول تنفيذها.
علمني أيضاً ألا أقابل الإساءة بالمثل فهو متسامح حتى مع أعدائه.. الشيء الوحيد الذي يبعده عن الأهل هو اهتمامه الشديد بعمله وانشغاله بالتزاماته الأدبية والثقافية واشتراكه الدائم بتمثيل المملكة العربية السعودية في الخارج في العديد من المؤتمرات الأدبية وحضوره الدائم لهذه المناسبات مما جعل وقته ليس ملكه.
كنت حريصة جداً على اللحاق به كلما سنحت لي الفرصة فعندما كان سفيراً للملكة في السودان طرت إليه ومكثت عنده عدة شهور وعندما يأتي إلي جدة فإني أقضي معه أسعد أوقاتي وأشعر أني ارتويت من دفق المعرفة وألوانها وأسهر الليل في كتابة بعض الابيات الشعرية وكأني مكثت في مكتبة عامرة.
حريصة على ارضائه لأنه حساس جداً جداً وحريص على التعامل الممتاز مع الناس.
أذكر أني غضبت منه ذات يوم لأنه علّق على أكلة طبختها له ولم تعجبه وكنت أنذاك في المرحلة الثانوية فجاءني واعتذر ولم يغادرني إلا وقد ارتسمت على شفاهي بسمة وضحكات..!!.
أما عن علاقته بأخفاده فهو يحبهم جداً ويسأل عنهم دائماً ولولا ظروف سفره لكان حريصاً على أن يكونوا معه كل يوم وأني ألتمس منه ذلك ليستفيدوا من ثقافته وغزارة أدبه وفنه ويذيقهم عسل سفره وعمق تفكيره وتدبيره للأمور.
أذكر أني أجريت لي عملية جراحية قال لي إثرها عدة أبيات منها:
شفاؤك كان للقلب الشفاء
ومن بعد الشجون غدا هناء
فيا من حبها للناس نفح
من الجنات يملؤهم صفاء
ويامن دأبها للخير عهد
ومن للعلم أجزلت العطاء
سلمت لنا وزاد الله ربي
كمالاً منك يغمرنا عطاء!! |
له بعض الشعر في مواساة ابنته الكبرى فريال عند فقدها لابنها البكر فيصل محمد طرايزوني غريقاً وبإذن الله شهيداً في البحر في ديوانه ستائر المطر بعنوان «ناشئ في الورد» وقد كان معجباً جداً بالمرحوم وأخلاقه وأدبه وطموحه العلمي في شتى المجالات.
يعجبني جداً عطاؤه حتى وهو في أشد حالات المرض، لاحظت ذلك عندما انتابته وعكة صحية مؤخراً ودخل إثرها العناية المركزة وكان مرتبطاً بموعد مع المجمع اللغوي بالقاهرة لتقديم قصيدة الافتتاح ومحاضرة عن المرحوم حمد الجاسر فكلما أفاق ذكرني بالموعد وأنا أقول له بإذن الله ستشفى وتذهب في الوقت المناسب وبالفعل وبفضل الله سبحانه ذهب في الموعد.. وألقى القصيدة والمحاضرة الملتزم بها.
وبعدها قام بعمل لقاءات صحفية واذاعية وتلفزيونية ولم يتخلف رغم المرض.
يبهرني أيضاً اهتمامه بالمواعيد ويحضر في الوقت المحدد ويحرص على ذلك.
اهتمامه بأناقته وهندامه وعطره وهو في أشد حالات المرض.
يبهرني اهتمامه بالقراءة فهو يقرأ 18 ساعة في اليوم واهتمامه ليس بالأدب فقط وأنما بكل أنواع المعرفة من سياسية واقتصادية واجتماعية.
رحلاته معي
رفقته رائعة.. شفافة.. سعيدة رحالة متميز يحب الحركة ويحضن الحياة والأحياء بشوق.. اجتماعي من الدرجة الأولى ولديه الحس الحي في التصرف مع الناس والحرص على استمرارية العلاقات.
كنت معه في رحلة إلى العراق وبيروت واليونان كانت رحلة ممتعة للغاية حيث كانت رحلة ثقافية أدبية وسياحية في أوائل رمضان عام 1973م للمهرجان الأدبي الذي يقام لتكريم الأدباء.
وبعدها رحلة إلي بيروت التقيت خلالها مجموعة عديدة من الأدباء والادبيات منهن الشاعرة لميعة عمارة وقد أعجبت بشخصيتها القوية التي توحي بكبرياء المرأة العربية وشموخها.
ثم كانت رحلة اليونان الى ثلاث عشرة جزيرة يونانية.
كان والدي هادئاً لايحب أن يزعج أحداً أو يوتره.
فإن أحب إيقاظي قال بعض الابيات بطريقة ألحان ونغمات شعرية فأستقيظ ويقول لي إنا هنا جئنا للفسحة وليس للنوم..!!
لديه قدرة فائقة على الاقناع والاستماع..
سلبياته.. من المعروف أن لكل منا مميزاته وسلبياته ولكني أرى أن سلبياته إذا قيست بايجابياته فإنها لاتعد نسبة يؤخذ بها.
من سلبياته حبه للعزلة رغم محبته لمعرفة الناس، انصرافه الى عمله وانشغاله بأدبه ومجده أبعده عنّا وعن أحفاده.
لاينام إلا سويعات قليلة.
ثقته الكبيرة بالناس مما يسبب له بعض الأزمات والمشاكل.
لايوجد انحسار لرغبته في الكتابة والشعر ولايزال عطاؤه متدفقاً منهمراً في شتى المجالات والأغراض.. المقربون إليه من أدباء المملكة العربية السعودية وأذكر منهم السيد حسن فقي ومعالي الشيخ غازي القصيبي، الشيخ علي زين العابدين والشيخ عبدالله بن خميس وغيرهم كثيرون.
المواقف المؤثرة في حياته
كثيرة ومتعددة.
1وفاة والده وهو طفل في التاسعة.
2وفاة والدته كان مؤثراً جداً حيث كانت علاقتها به وبأخته الوحيدة المرحومة منيرة عبدالله القرشي علاقة أم وأب حيث أنها قامت بتربيتهما واحتضنتهما احتضاناً عميقاً وغمرتهما بالحب والحنان والرعاية اللازمة.
فكان لوفاتها أكبر الأثر وأشد الحزن، ورثاها بأبيات في ديوانه..
3 وفاة حفيده فيصل محمد طرابزوني غريقاً وهو ابن ابنته الكبرى فريال وقد عانى من ذلك كثيراً ورثاه بقصيدة رائعة في ديوانه ستائر المطر.
4 بعض الصدمات من المقربين له والذين وضع ثقته فيهم.. ولكن لعل ذلك معين له على الكتابة والتجربة التي تضفي على شعره العمق والتأثير.
|
|
|
|
|