| مقـالات
لقد كانت المملكة واحدة من الدول السباقة في تطبيق قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين التي صدرت بميثاق الأمم المتحدة.
هذا وتستهدف المملكة من تطبيق تلك القواعد خدمة الوطن من ناحية خلق المواطن الصالح، والمشاركة في مكافحة الجريمة والعمل على منع وقوعها بإصلاح المنحرف.
والحق نقول إن الدعوة إلى التطوير تحتاج لدراسات ميدانية موضوعية تعتمد على منهجية علمية تمكنها من الوقوف على أوجه القصور والسلبيات لكي تخرج بتوصيات تدفع بإمكانات تحقيق الأهداف المنشودة من الإبداع في هذه السجون.
ومع هذا فنحن نجد أن التخصص يملي علينا أن نتناول رؤيتنا في التطوير من زاوية اجتماعية، وبالتالي سوف نعرض بإيجاز شديد رؤيتنا الاستقرائية لواقع الرعاية داخل السجون وما يعتريها من قصور وما نراه إزاءها من تطوير.
أولاً: الموقع: كم نرى مناسباً أن يعاد النظر في مواقع بعض السجون الحالية بحيث يكون موقع السجن قريبا ما أمكن من المرافق التي يمكن الاستفادة من خدماتها مثل المستشفيات والمحاكم والشرطة وبعض المرافق الأخرى... الخ وأن يكون الوصول إليه سهلا لتيسير أعمال العاملين به وسهولة وصول أسر المسجونين دون عناء وأن يكون قريبا إلى حد ما من الأحياء المعمورة الآهلة بالسكان بشرط أن يكون صحيا ويتوفر فيه الهدوء والراحة.
ثانياً: المباني: من المناسب أيضا مراعاة أن تكون المباني مبسطة بحيث لا يعاني النزلاء أو العاملون أي جهد أو عناء عند الانتقال داخليا، وأن يكون مقسما إلى وحدات أو مساكن مستقلة، وأن تكون غرفة المراقب أو الملاحظ أو المشرف في نفس أماكن نوم النزلاء ويفضل أن تكون جوانبها ذات رؤية واضحة بما ييسر له أمر الإشراف على المجموعة من كافة الجوانب، مع تزويد المبنى بالمرافق اللازمة كالمطاعم والمطابخ ودورات المياه وأن تكون الحجرات متسعة وتوضع بها الأسرة علي هيئة صفوف وتزود هذه الأماكن بدواليب لحفظ الملابس.
ثالثا: الأثاث: نقترح أن يزود السجن بالأثاث اللازم لأداء العمل على أن يماثل النوع السائد في بيوت معظم النزلاء وذلك لتوفير حياة تشبه تماما الحياة العائلية العصرية في المجتمع السعودي.
رابعاً: العاملون بالسجن:
تتولى وزارة الداخلية تكليف واحد من الضباط المشهود لهم بالكفاءة لإدارة السجن يعاونه عدد مناسب من الضباط والقوة اللازمة للحراسة في الداخل والخارج للحيلولة دون الهروب. وإزاء ذلك نقترح أن يكون لهذا المدير وكيلان أحدهما عسكري والآخر اجتماعي لتوفير جوانب الرعاية اللازمة للنزلاء.
ونقترح أيضا أن يشترك هذا الوكيل الاجتماعي في لجنة استقبال النزلاء القادمين للسجن حديثاً ليبدأ معهم عمل الرعاية الاجتماعية بمجرد وصولهم لإزالة مخاوفهم وإعادة ثقتهم وإجراء عمليات الطمأنة المهنية، وطمأنته بالنسبة لأسرته ويقوم بتهيئته للحياة الجديدة في السجن ويقوم بتسجيل الحالة متضمنا البيانات الأولية وعمل البحث الاجتماعي الأولي وتحويله للكشف الطبي عليه وإجراء الفحص النفسي ثم تشخيص حالته ورسم خطط العلاج المناسبة.
ومن المبادىء الإنسانية التي تحتاج لعناية خاصة في تطبيقها في محيط المسجونين:
1 الرعاية الصحية: وفي هذا الصدد نقترح أن يعين بكل سجن طبيب أو أكثر، ولكن الواقع أن عدد الأطباء لا يتناسبون مع عدد المسجونين مطلقا خاصة أن المسجون حبيس الجدران ويصعب التوجه به إلى مستشفى بعينه أو طبيب يرغبه، ومن الملاحظ أنه لا يوجد بالسجون الأطباء الضروريون خصوصا النفسيين الذين هم ركيزة العلاج والتأهيل في السجون، إذ يلزم تفرغ جهاز طبي فني للسجون وبعدد كافٍ من الأطباء والممرضين والاخصائيين.
2 الرعاية الدينية: إن من أهم وسائل الإصلاح والتقويم إيقاظ الوازع الديني في نفوس المسجونين، وتوفير برامج الرعاية الدينية فإن صوت الضمير والوازع الديني هما العلاج الفعال في تقويم المنحرفين وتحويلهم إلى مواطنين أسوياء.
والحقيقة والواقع أن جهاز الوعظ والإرشاد الديني في السجون يحتاج لدعم خاصة تزايد عدد المسجونين تبعا لازدياد عدد السكان.
3 الرعاية التعليمية:
لقد أصبح العلم في عصرنا الحاضر من ضرورات الحياة مثل الماء والهواء، والتعليم للإنسان المنحرف يسمو به من الأخطاء ويجعله يستعيد ثقته بنفسه، ويشعر بإنسانيته، وكرامته فلا يقدم على ارتكاب الجريمة.
وما من شك أن هناك إيجابيات في برامج التعليم بالسجون بدءا من محو الأمية وقد حققت نتائج طيبة في السنوات الماضية.. إلا ان هناك سلبيات منها أن عدد القائمين بالعملية التعليمية لا يتناسب مع عدد المسجونين المتزايد. ونقترح إنشاء وحدات تعليمية في السجون وتزويدها بالمناهج والكتب الدراسية والمعلمين.
4 الرعاية الاجتماعية والنفسية:
وهي الناحية التخصصية التي تعد أساس العمل وركيزته بالسجون المعاصرة وهذا يلزم توفير أعداد كافية من الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين للعمل الاجتماعي والنفسي متعدد الجوانب منه ما يرتبط بالعمل مع الجماعات داخل السجون وخارجها بما يتضمنه من نواحٍ ثقافية وتعليمية ورياضية وترويحية مع العلم أنه لا يتوافر بالسجون حتى الآن الاخصائيون خصوصا النفسيين على الرغم مما تفرضه النظريات العلمية الحديثة وما يستتبعها من مهام للجهاز الاجتماعي.
5 التدريب المهني:
تزايد في الآونة الأخيرة الحث على الاهتمام بالنشاط الصناعي والمهني بالسجون ولذا يتطلب الأمر العمل على إنشاء مصانع وورش تتيح الفرصة لأكبر عدد من المسجونين للتدريب على مهن مختلفة. وهذا يدعو للمطالبة بإنشاء مراكز للتدريب المهني بالسجون.
وبعد مازلنا نلح في أن موضوع التطوير يكون في ضوء تقييم موضوعي وشامل لما هو قائم، وفي ضوء الدراسات المقارنة، والدراسات الميدانية. والله الموفق.
|
|
|
|
|