| مقـالات
* وقفت وسط الطريق أريد أن أعبر إلى الجانب الآخر، والسيارات تمرق بسرعة، والسائقون يُمسكون (الجوال) بيد، و(المقود) بيد أخرى ويتحدثون باهتمام وتوتر!
وتعجبت كم هو متعب إنسان المدنية الحديثة، مأكول وقته، مهموم فكره، مرهق جسمه، تتوالد حاجاته كما تتوالد الدقائق والثواني، ولا يكفيه الزمن لاستكمال ما يحلم به!
تُلاحقه المغريات في كل مكان، وتطلبه الطلبات كل حين، والنظام الذي يجب أن يسير في دهاليزه لكي يقضي حاجاته وأمانيه طويل ... طويل!
إنسان اليوم لا سقف لما يريد، لا يعرف القناعة، ولا القناعة تعرفه!
كلما أسس حاجة، سعى إلى تجديد حاجة، وكل مطلب من مطالبه له روتين مرهق لا بد أن يمضي فيه حتى يُقال له خذه!
ولا ترى اليوم شبيها لإنسان المدنية الحديثة إلاّ (دودة القز) التي تنسج على نفسها خيوط الحرير حتى تخنقها وتموت بداخلها!
إن رغباتنا وأحلامنا وأمانينا وطلباتنا في الحياة أشبه ما تكون بخيوط الحرير الناعمة، تظل تلتف حولنا حتى لا تبدو إلاّ رؤوسنا ثم تختفي الرؤوس تحت ضغط المطالب التي لا تنتهي!
متى يكون للإنسان فرصة ليسترجع روحه ورحانيته أمام ضغط المطالب المادية المحسوسة! متى يسأل الإنسان نفسه عن قيمة الوسائل أمام الغايات؟ متى يعي بأن الوسائل هي مجرد وسائط وأن الغايات هي القيمة الحقيقية التي عليها المعول!؟
لماذا نُعنى بالشراب والطعام والسكن والمتاع وهي ليست سوى معين للبقاء وننسى الحقيقة الكبرى التي ننساها في غمرة الفرحة واللهو والانشغال بالوسائل المعيشية!
لا وقت لإنسان اليوم في لجج حياته المدنية الحديثة، لكي يقف متأملاً مراجعاً محاسباً متسائلاً!
كيف يمكنه هذا و(الجوال) في يده و(مقود) السيارة في اليد الأخرى، وقائمة الأعمال المطلوب تنفيذها تتجدد في جيبه كل نهار!
بريدة ص ب 10278
|
|
|
|
|