| عزيزتـي الجزيرة
في عالمنا العربي كثير من غير المنصفين يدّعون عجز لغتنا العربية عن التعبير الفني والعلمي وليس هذا بمستغرب إذا ما علمنا أن هؤلاء ليسوا من المهتمين بالعربية أو ممن هزمتهم حضارة الغرب.
إلا أن في العربية نفسها ما يدل على المقدرة والمسايرة أما من آثر غيرها فذاك لعلة فيه أو بسبب مكتسباته وثقافته، ويمكن الرد على ادعاء عجز اللغة العربية بأدلة ساطعة منها:
1 انها لغة علم وهذا معروف بين لنا فقد استخدمها المستشرقون أنفسهم وصنفوا بها مؤلفاتهم من أمثال الدكتور (فين دايل) الذي وضع مؤلفه النقش في الحجر في تسع مجلدات بالعربية.
2 ان اللغة العربية تملك القوة والقدرة الكامنة فيها عن طريق: الترادف والاشتقاق والقياس:
فالترادف من الأدلة القوية على القدرة التي تملكها العربية في مجال الاستعمال العلمي مما لا يتوفر في كثير من اللغات ولو اطلع الباحث على كتاب لسان العرب لابن منظور لشاهد ميزة العربية في التطور والوضوح والامتداد.
والاشتقاق ميزة أخرى فيها لا يوجد في جل لغات الدنيا، فيساعد المشتق على الدلالة بزيادة مفيدة على المشتق منه ولذلك اختلفا في الصيغة.
إن الاشتقاق يساعد كثيرا على عملية التعريب فهو يجعل الكلمة العربية ذات مرونة واتساع كبير تدل منها على المصطلع المطلوب.
أما القياس فقد عرف أيضا عند القدماء وإن كان الذي تبنى فكرة القياس في اللغة جماعة من المعتزلة في القرن الرابع الهجري على أن سيد هذا الباب هو ا بن جني في كتابه الخصائص.
3 الترجمة:
إن الترجمة من اللغة العربية والعكس دليل على قدرتها على تقبل العلوم وما العصر العباسي وحركة الترجمة فيه إلا شاهد على ذلك.
لقد ترجمت كثير من الجامعات الغربية الأوروبية كتبا عربية مثل:
رسائل جابر بن حيان في الكيمياء، وكتب أبي بكر الرازي «الحاوي في صناعة الطب» «وسر الأسرار» «والجدري والحصبة».
وككتاب «القانون» للشيخ الرئيس، وكتاب «التصريف في الطب» للزهراوي.
أما العكس فقد نقل العلماء وترجموا كثيرا من المعارف والعلوم من اليونان والفرس وغيرهم وكان العباسيون قد اهتموا كثيرا بنقل شتى العلوم إلى العربية فكانت العطايا من الخلفاء للمترجمين بسخاء كبير.
وبعد: أليس من الواجب على الجميع الاهتمام بقضية التعريب خاصة بوجود الإمكانات والجامعات. إننا بحاجة ماسة إلى تطويع لغتنا العربية لمتطلبات العالم بدلا من هذا الخطر العظيم الذي يهدد لغتنا وثقافتنا ومكتسباتنا ووحدتنا نحن العرب مع هذه جميعا.
فما أحوج المجتمع واللغة على السواء إلى علماء يقفون موقف الشرف بعزيمة وجد من أجل إخراج لغتنا العربية من القواميس والكتب والمخطوطات إلى مقاعد الجامعة وأدوات المختبر والرسم أمام طالب الطب والهندسة وغيرها من العلوم، وكما أن الإسلام براء من حال المسلمين اليوم فإن اللغة كذلك.
مع الأخذ بالاعتبار أن التعريب غير المسؤول وغير المنظم ربما يؤدي إلى مشاكل وأضرار لا تقل عن مخاطر ترك التعريب.
والله أعلم.
أحمد بن عبدالله المشوح
صندوق بريد 645 بريدة
|
|
|
|
|