| الاقتصادية
في البداية أود التأكيد على أن حيثيات المقال تدور حول أهمية تنشيط دور السعوديات في التنمية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي بدون الوقوع في هوة ترجيح كفة الجانب الاجتماعي على الاقتصادي أو العكس مع التنويه الواضح بأن ذلك المشروع السامي يتم بتضافر الجهود الحكومية والأهلية على حد السواء هذا فعليه فان دعوتي هنا لتوسيع خروج المرأة السعودية للعمل على مصراعيه فسيكون ذلك بعباءة الإسلام لا بدونها كما يتخوف البعض من هوة تسطيح الأمور،
وعليه فإلي حيثيات الرؤية النقدية التي لا تدع مجالاً للشك من أن المرأة السعودية حققت وأنجزت بمجهودها الكثير ولم تنل سوى القليل الأمر الذي يرجع لسوء التنظير حول قيمة اشراكها في التنمية الشاملة تماشياً مع طلب السلامة وسد الذرائع،
] المحور الأول: يذهب البعض بعدم سلامة الأخذ بالنسبة المتدنية لمساهمة المرأة في خطة التنمية والمقدرة 5% «خمسة بالمائة» نظرا لكون تلك النسبة غير دقيقة وينقصها اضافة مساهمة المرأة القابعة في المنزل تماشياً مع القيمة الاقتصادية للنشاطات المنزلية الأمر الذي اختلف فيه جملة وتفصيلا نظرا لكون تلك الشريحة عاطلة اقتصاديا عن العمل بكل المقاييس وخارج سوق المهن والوظائف المدرة للربحية والحديث هنا بغض النظر عن أهمية دورها الاجتماعي الذي سمي اجتماعيا نظراً لكونه كذلك وهو الأبعد ما يكون للجانب الاقتصادي الممكن احتسابه في المعدلات التنموية، هذا وقد يكون الحديث مقبولاً بلغة العصر إذا ما تم الحديث بملامسة واقع المرأة السعودية الطموحة وجدوى الاستفادة من فرص العمل التي تتيحها ثورة المعلومات وامكانية مزاولة الأعمال والوظائف عن بعد عبر الاستغلال الأمثل والكفاءة لشبكة الانترنت مع بيان تفصيلي عن الكيفية التي يمكن عبرها مزاولة الأعمال عبر الانترنت،
] المحور الثاني: يتم الاشارة بما مفاده لا نصه على الداوم بأن التقدم والرقي (لا) يتم عبر المصانع أو التجارة أو أسواق العمل كما يحاول المنظرون وعلماء الاجتماع استبعاد دور المخططين الاقتصاديين هذا ومن وجهة نظري أرى أن في ذلك تنظيرا كبيرا للغاية لا يلامس أرضية الواقع الذاهبة بالتأكيد على كون الاقتصاد هو الحصان الذي يجر العربة ويحرك معدلات النمو الاقتصادي فما قيمة الدافعية والانجاز التي ينظر حولها دون وجود القنوات السليمة التي تستثمر ذلك الدافع لدى الفرد العادي وكيف نستبعد دور الرساميل «رؤس الأموال» التي تنهض بالمؤسسات التجارية والصناعية وتمتص الأفراد القادرين على العمل واستغلال الأمثل للكفاءات،
] المحور الثالث: يتم الحديث بشكل مغالى فيه مع الاتكاء على كفة الدور الاجتماعي للمرأة ووجوب احتسابه في معدلات المساهمة في الخطط التنموية مع بيان ما لتربية الأجيال والأعمال المنزلية من قيمة لا تملك كاتبة هذه السطور في الدراسة النقدية التي ملخصها بين أيديكم سوى التسليم بمبادئ دور المرأة في المنزل لكن دون انكار المساهمة الفعلية لها في سوق العمل والوظائف وأعيب على المنظرين تكحيل القضية بما يمهد للعمى بشأن اسهام المرأة في التنمية بدعوة لاحتساب عمل المرأة كمربية للأجيال والأنشطة المنزلية دون توجيه الاهتمام الكافي بالأنشطة الاقتصادية المدرة للربحية والدخل المالي الثابت،
] المحور الرابع: والأهم هنا هو مراعاة الاختلاف الجذري في مفهوم العمل المنزلي في الغرب عن الشرق فالدراسات الغربية التي تدعو لاحتساب الأنشطة والأعمال المنزلية كمساهمة في التنمية الاقتصادية لا يعول الارتكاز عليها في المجتمعات العربية عامة والخليجية خاصة نظراً لكونها معلبة في قوالب غير متوافقة مع مجتمعنا بمعنى أوسع المرأة الغربية التي تعمل في المنزل قد يرى «البعض» ولا أميل على الصعيد الشخصي نحو ذلك التوجه الذي يقضي بأن العمل المنزلي يعد مساهمة اقتصادية ارتكازاً على كون المرأة بالغرب تؤدي الأعمال المنزلية وتوفر على الأسرة عدم الاستعانة بخادمة لتنظيف المنزل أو مربية قد تلعب كذلك دور السائق في توصيل أطفالها لرياض الأطفال أو المدارس الأمر الذي يختلف عنه في المجتمع السعودي الذي تعمل فيه على سبيل المثال ما لا يقل عن خادمتين وسائق في كل أسرة متوسطة الدخل فأين التوفير؟ هل ستستغني ربة المنزل السعودية القابعة في المنزل عن الخدم أو تقوم بالجلي والتنظيف طبعاً لا أو هل يمكن لها حتى قيادة السيارة طبعا ستكون الاجابة بالنفي نظرا لتقاليد المجتمع السعودي وخصوصية وضع الاناث فيه والنقطة الأخرى أن هيكل أجور العمالة المنزلية مرتفع للغاية في الغرب والاستعانة بعاملة منزلية يكون بالساعة في اليوم «40 دولارا تقريباً» ويكفي القول ان أجر أربع ساعات عمل في يوم واحد في الغرب يساوي راتب شهر كامل لعاملة آسيوية في السعودية تتقاضى «160 دولار» ستمائة ريال سعودي في الشهر الواحد الأمر الذي يعد تفسيرا لدعوة الغرب باحتساب العمل المنزلي المكلف هناك كمساهمة تنموية ويفسر عدم تماشي تلك الدعوة المستوردة في الدول الخليجية والسعودية خاصة،
] المحور الخامس: أرى لو أن قضية اشراك المرأة في التنمية الاقتصادية تمت من مبادئ الأدوار الاجتماعية لكانت اكتفت النساء حتى النشيطات تنمويا بالجلوس في المنزل وممارسة الأدوار الاجتماعية والأنشطة المنزلية ليتماشى ذلك مع التوجه المخيف نحو تعظيم الدور الاجتماعي على حساب الاقتصادي والدعوة المؤلمة لاحتسابه ضمن معدلات مساهمة الاناث في الخطط التنموية دون مراعاة طموح السعوديات الباحثات عن موضع قدم في سوق العمل يدر عليهن دخولات وعوائد مالية مجزية وبعيداً عن النظريات لا أماري على الاطلاق بدور المرأة الرئيسي في تربية الأجيال والقيام بالأعباء المنزلية لكن دون المساس أو التقليل من المشاركة الفعلية في سوق العمل لأن ذلك ببساطة بعيدا عن أحاديث الأبراج العاجية وبلغة أقرب لمعاناة رجل الشارع العادي «ما يؤكل عيش» خاصة مع تزايد أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل ومن هم خارج دائرة سوق العمل الأمر الذي سينتج عنه عواقب وخيمة وقد تكون مدمرة فالفراغ مفسدة بكل المقاييس والمرأة في العصر الحاضر بحاجة لوظيفة كريمة تضمن لها دخلا شريفا،
|
|
|
|
|