| الاقتصادية
لا أحد يختلف على أهمية توطين الوظائف باعتبارها إستراتيجية أساسية لتنمية الثروة البشرية والاستفادة من الطاقات الوطنية وهي متزايدة في أعدادها وتخصصاتها من مخرجات التعليم بكافة مستوياته الفنية والجامعية، ، ولكن هل سعودة الوظائف بشكل قسري هو الحل؟ وهل نحتاج إلى مجرد توطين الوظائف كهدف نهائي وبشكل عاجل أم وفق خطة متدرجة مدروسة نضمن من خلالها تحقيق التدريب جنباً إلى جنب مع التوظيف، ، لدينا تجارب ثلاث أولاها سعودة وظائف محلات ومعارض الذهب والمجوهرات، ، والثانية أسواق وحلقات الخضار والثالثة البقالات الصغيرة، ، وهنا أشير إلى الخطوة الهامة التي تتمثل في موافقة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة على سعودة وظائف معارض بيع الذهب والمجوهرات بشكل تدريجي تقديراً ومراعاة من سموه لواقع أوضاع بعض المحلات والمعارض العاملة في هذا النشاط، وهو ما أعلنه الأمين العام لمجلس القوى العاملة الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد والذي أشار إلى ان أصحاب هذه المعارض أوضحوا ان ظروفهم الحالية لا تمكنهم من تحقيق السعودة الكاملة للوظائف لديهم حسب ما كان مقرراً في هذا الشأن، لا شك ان الموافقة من سمو وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة على هذا التدرج في توطين وظائف معارض الذهب والمجوهرات تحقق الهدف المنشود في فترة زمنية لا تتجاوز أعواماً ثلاثة يمكن خلالها تأمين قاعدة بشرية وطنية متدربة ومؤهلة للعمل في هذا المجال الذي يتطلب خبرة ودقة وادراكاً تاماً بطبيعة انواع الذهب والمجوهرات وحركة التسويق وأسعار السوق العالمية وأسلوب البيع وغير ذلك من مواصفات العاملين، ، نعم لدينا أعداد كبيرة من أبنائنا يبحثون عن عمل ولدينا نسبة بطالة ولكن يجب ان لا يدفعنا هذا إلى احلال اجباري خلال فترة زمنية قصيرة ينتج عنها ما حدث لبعض معارض الذهب التي أغلقت أبوابها في العديد من المدن والمناطق بسبب عدم توفر الكفاءات السعودية المتخصصة والمؤهلة لهذا العمل الدقيق وبالتالي يصعب استمرار العمل بها دون سعوديين حتى لا يخالفون الأنظمة والقرارات التي اتخذت من قبل، فكان الاغلاق هو الحل، وإذا كان التدرج في سعودة وظائف محال الذهب والمجوهرات يحقق قاعدة «لا ضرار ولا ضرار» وفق التوجيه الإسلامي والنهج الذي تنتهجه الحكومة الرشيدة لكل ما فيه صالح الوطن والمواطن فتدرج السعودة لا يعني أبداً تأجيل الهدف وانما ترشيد أساليبه بخطة زمنية منطقية تتيح للشباب التدرب وتتيح لأصحاب المعارض استمرار نشاطهم دون اغلاق لعدم توفر شرط السعودة، ، بينما لو استمر الاجبار على ذلك سنكون قد أضرينا بأبنائنا لعدم خبرتهم ويتضرر بعض أصحاب المحلات بما ينتج عن ذلك من تجميد لنشاطهم وبالتالي تأثر هذا القطاع، ومن الطبيعي ان يصاحب التدرج في السعودة برنامج وطني للتدريب وتقع مسؤولية ذلك على الغرف التجارية في مختلف المناطق والمدن وكذلك رجال الأعمال وأصحاب معارض الذهب والمجوهرات حتى نصل في نهاية خطة الاحلال إلى الهدف المنشود، ، أما التجربة الثانية فهي سعودة حلقات الخضار وقد نجحت تباعاً ولكن مسألة عدم بيع الخضار والفاكهة إلى البقالات الصغيرة أو عدم السماح بذلك طالما لا يعمل بها سعودي تبقى في حاجة إلى مرونة أكبر ونتمنى خطة أكثر واقعية فتسويق الخضروات المحلية والمستوردة يحتاج إلى نظرة وفتح قنوات أمامها، ، وتيسير احتياجات الناس في حاجة إلى نظرة، ، فليس الجميع يشترون من السوبرماركت وليس كل الناس معهم أموال في كل وقت لشراء طعامهم من المحلات الكبيرة، ، وهل من المنطق ان يذهب الفرد إلى سوبرماركت قد يكون بعيداً من أجل حزمة خضار أو ليمون بريالين، ، أليس أصحاب المحلات هم سعوديين ويحتاجون إلى عامل واحد قد لا يستطيع الشاب السعودي ان يداوم مثله نحو خمسة عشر ساعة يومياً في البقالة ناهيك عن الراتب الذي قد لا يتناسب معه وإذا تناسب لا يساوي أرباح البقالة الصغيرة في الشهر، وهل يعقل ان تمر السعودة عبر الضغط بالخضروات على البقالات الصغيرة؟!، ، انها مجرد ملاحظات وتساؤلات، ، والله المستعان،
* حكمة: الصبر مرهم لكل الجراح،
جدة 21351 ص، ب 108924
|
|
|
|
|