| الثقافية
(1)
ولولت الأم وتعالى صوتها... نساء القرية هرولن لاستقصاء الخبر.. انطلق طفل ليخبر الأب أن زوجته أحالت الحارة بركاناً من الضوضاء.. ازدحم البيت المبني من الطين بالأجساد ولم يستطع الأب الوصول إلى زوجته إلا زحفاً بين الأقدام.. عندما اقترب غرس وجهه في عيني طفله فأغشي عليه..
بصوت شاحب قالت الأم« عيناه العسليتان صارتا خضراوين».
حدجها الأب بنظرة ريبة متسائلاً«هذا ابني؟».
تراجعت الأم وانكمشت قائلة« إنه يحيى، ابنك».
اقترب الأب سائلاً طفله« أمريض أنت؟»..
قال يحيى«أنا بخير يا أبي».
قال الأب« هل عيناك تؤلمانك؟».
نظر يحيى في بقايا المرآة المشنوقة على مسمار صدئ ضحك ببراءة أطفال القرى المنسية ثم قال« لقد أعطانا الفقيه زيتوناً أخضر تنبته مزرعته فأكله التلاميذ أما أنا فشطرت الزيتونة وثبتهما مكان عيني».
(2)
سأل الأستاذ« من منكم يحفظ حروف الهجاء؟».
وقف أحد الطلبة بسرعة قائلاً «أنا.. أنا يا أستاذ. أ. ب. ت. ث..».
قاطعه يحيى بصوت عال «أنا.. أنا.. أنا يا أستاذ».
نهره الأستاذ وطلب منه أن يحضر ولي أمره في الغد.
قال يحيى«لم أفعل خطأ.. إنه لا يحفظ حروف الهجاء فمنذ أن أصبحت عيني زيتونيتين صارت حروف الهجاء فقط.. ف.. ل.. س.. ط.. ي.. ن».
(3)
تمدد على السرير لا يستره سوى سروال قصير.. بدأ الطبيب بالكشف عليه وكلما حاول النهوض منعه والداه.. حاول الطبيب تهدئته فقدم له الحلوى.. قبض عليها صارت حجراً.. في اليوم التالي صدر قرار بمنع استيراد الحلوى ومنع أي شخص من حيازتها دون تصريح وإلا عوقب بالحبس..
بكى يحيى فتساقطت من عينيه الحلوى.. قبض عليها.. تحولت حجارة.. خرج للشارع وبدأ يبكي والاطفال يتلقفون الحلوى ويقذفون بالحجارة الجنود الذين يبادلونهم بالرصاص.
عبدالعزيز عبدالغني عسيري الطائف
|
|
|
|
|