| العالم اليوم
يُحدِث الخيرون مناسبات ومؤتمرات ولقاءات دولية لإتاحة الفرصة للإنسان ان يتصالح مع نفسه، فمن خلال الحوار الإيجابي ومبادرات مد اليد لانتشال الشعوب المحتاجة، ومعالجة مخلفات الماضي يمكن للبشرية ان تعالج جروحاً لا تزال غائرة في اماكن عديدة من جسم البشرية.
والمؤتمر الحالي الذي يُعقد في مدينة دربان في جنوب افريقيا لمكافحة العنصرية، واحد من هذه المناسبات التي كان يفترض ان يستغلها جميع البشر لتجاوز مخلفات الماضي ومعالجة أمراض العصر التي أخذت تنتشر كالندب في كثير من أماكن تواجد البشر، فالنزعات العنصرية ونبذ الأجانب التي وصلت في أحيان كثيرة إلى القتل وارتكاب المجازر لمجرد الاختلاف في اللون او القومية اوالدين.. بل وحتى المذهب في الدين الواحد. كانت فرصة لمعالجة النفوس ومراجعة الماضي لا لنبش الذكريات المؤلمة بل لوضع حدٍ لما يُرتكب من جرائم عنصرية في عصرنا الحالي. إن «الكبار» الذين يتوهمون أنهم لا يزالون اسياد العالم تعاملوا مع هذه المناسبة الرائعة.. والمبادرة السامية بغطرسة وتعالٍ، فغابت الدول الكبرى عن المؤتمر او خفضت تمثيلها مختفية خلف اعذار واهية، كمهاجمة عنصرية اسرائيل.. ووحشية جنودها. والحقيقة التي لا يريد ان يعترف بها مستعبدو البشرية في ماضيها وحاضرها، هي ان الدول التي غابت عن هذا التجمع الإنساني الحضاري لا تريد أن تتجاوز أساليب الهيمنة والاستكبار.
وإذا كانت في الماضي تستعبد ملايين البشر لتشغيل مصانعها وإدارة مزارعها، فإن قوى الاستكبار في هذا العصر تستعبد الدول لتجعل الجميع يخدمها وليس نفراً من «العبيد» الذين خلقهم الله أحراراً فطغى بعض البشر استكباراً وتسلطاً فحولهم الى رقيق يُباع ويُشترى.. وقمة الطغيان والاستكبار تتهرب من الاشتراك بمؤتمر دربان.. حتى لا تقدم قوى الاستكبار كلمة اعتذار لشعوب بنت حضارتهم وشغلت مزارعهم وأدارت محركات مصانعهم طوال عقود من الزمن.
jaser@aljazirah.com
|
|
|
|
|