ولا اريد هنا التحدث عن الامام الشافعي كصاحب عقيدة ومذهب فهو في هذا الجانب غني عن التعريف.. ولكن الذي اود ان اشير اليه هو ان الامام ابا عبد الله محمد بن ادريس الشافعي كان شاعرا مجيدا.. وقد عنى بجميع اشعاره والتعليق عليها الاستاذ محمد عفيف الزعبي واخرجها في ديوان سماه ديوان الامام الشافعي والملاحظ انه ليس للامام الشافعي قصائد مطولة وانما هي ابيات ومقتطعات قصيرة لكنها تعادل في قيمتها وما تحويه من حكمة ونصح وارشاد مطولات غيره من الشعراء بل تفوقها من حيث المستوى الادبي والتوجيهي.
والبحث عن الدليل على اقلاله يقف بي عند قافية الحاء اذ فيها ما يكفي لذلك حيث لم يأت فيها بأكثر من ستة أبيات مجزأة تحت ثلاثة عناوين هي «فراسة مفتي» وتحته جاءت هذه التوطئة «وحدث الربيع بن سليمان قال: كنا عند الشافعي اذ جاءه رجل برقعة فنظر فيها وتبسم ثم كتب فيها ودفعها اليه قال: فقلنا يسأل الشافعي عن مسألة لا ننظر فيها وفي جوابها؟ فلحقنا الرجل واخذنا الرقعة منه فقرأناها واذا فيها:
سل المفتي المكي هل في تزاور
وضمة مشتاق الفؤاد جناح
قال واذا اجابه اسفل من ذلك:
أقول: معاذ الله ان يذهب التقى
تلاصق اكباد بهن جراح
قال الربيع فانكرت على الشافعي ان يفتي لحدث بمثل هذا فقلت: يا ابا عبد الله تفتي بمثل هذا شابا؟ فقال لي: يا أبا محمد هذا رجل هاشمي قد عرَّس هذا الشهر يعني شهر رمضان وهو حدث السن فسأل هل عليه جناح ان يقبل او يضم من غير وطء؟ فأفتيته بهذه الفتيا .. قال الربيع فتبعت الشاب فسألته عن حاله فذكر لي انه مثل ما قال الشافعي فما رأيت فراسة احسن منه.
اما العنوان الثاني فهو «الفقه والتصوف متلازمان» وتحت هذين البيتين:
فقيها وصوفيا فكن ليس واحدا
فإني وحق الله اياك انصح
فذلك قاس لم يذق قلبه تقى
وهذا جهول كيف ذو الجهل يصلح
وكان العنوان الثالث السكوت سلامة وتحته ثلاثة أبيات هي: