| مقـالات
لابد أن الجميع يلحظ بأن الفعل الثقافي لدينا يعاني من الذبول والتصحر، وعدم وجود البيئة والمناخ الملائم الذي يحتوي دورته الطبيعية بين المبدع والمتلقي بحيث يوصلها إلى المرحلة المثمرة، فالكتاب لدينا يصدر كالشهاب السريع الذي سرعان ما يترمد دون أن ينال المقعد الملائم الذي يفهرسه ضمن الواجهات الحضارية المهمة للمجتمع...!!
والمعروف دائما في البلدان التي تهتم بحركة النشر والطباعة وتدعمها، وجود أنشطة إعلامية من شأنها أن تمهد السبل للكتاب وتأخذه باتجاه القارئ، كأن يكون هناك متابعة وتغطية صحفية عبر الصحف المهتمة، ومناسبة توقيع الكتاب من قبل المؤلف في دار النشر، ومشاركة أكاديمية من قبل الأكاديميين في الجامعات في نقد ومراجعة الكتاب كأحد شروط الحياة الأكاديمية النشطة والفاعلة، وما هنالك من الأنشطة التي تستثمر الكتب كرافد مهم من روافد الحياة الابداعية.
ويبدو أن الكتب الوحيدة التي تنال المتابعة والاهتمام لدينا هي تلك الكتب التي تتعرض للمنع والسحل أو التصفية، وعندها فقط ينال الكتاب الاهتمام في العالم العربي كأحد المنشورات السرية المتداولة سراً!!
وما سوى ذلك فهو شهب ونيازك مطاردة بمصير الرماد.
وهنا لا نستطيع أن نلقي باللوم في هذا الموضوع على جهة معينة، قدر كونها تضافر عدة عوامل في صناعة طوق من الصمت حول الأعمال الابداعية المحلية.. قد يكون أولها هو القراءة وعدم انغراسها كعادة في تفاصيل يومياتنا، انتهاء بأن عملية التذوق والاستمتاع نفسها هي ملكة والصقل حتى تغدو طقسا إبداعياً رفيعاً يوازي قامة العمل الإبداعي وبحاجة إلى التطوير ومن خلال هذا المناخ، وبين ثنايا هذه الصخور، يقوم المشرفون على (جائزة أبها) بعملية تشجير واسعة النطاق، وإصرار نبيل على النيل من الرمل وعوامل التصحر بغرض الفوز في معركة الحياة والأخضر.
الجائزة وإن كانت قد منحتني أجنحة من الغبطة الخضراء أحلق بها بعض من الوقت، ولكنها في الوقت نفسه كانت تزركش المشهد الثقافي وتضفي عليه لمسات رطبة، وتأخذه بعيداً عن لوثة النفط التي تلاحقنا في أقطار الأرض، تلك اللوثة المتورطة بالطارئ والمؤقت وما هنالك من أحكام جائرة، الجائزة تتجذر عميقا في الفعل الإبداعي والحضاري لإنسان هذا المكان، حيث الينابيع الأولى، وحيث الألواح الطينية القديمة التي نقش فوقها بأن الفنون هي خلاصة روح الشعوب ورحيق ريحانها.
في النهاية شكري الوافر والأبهى للقائمين على جائزة أبها، وشكري الوافر لكل من بعث لي بتهنئته، التي أعلقها قنديلاً في غرفات القلب سواء تلك التهنئة كانت مهاتفة هاتفية أو رسالة عبر البريد العادي أو الإلكتروني، أو باقات ورود كانت تختصر الكلمات والجمل، وشكراً للزنبقة الفواحة أختي (أسماء) التي قامت بتسلم الجائزة بدلاً مني لظروف سفري، وأخيراً شكري العميق لزوجي الحبيب وأولادي الذين لولا دعمهم المستمر والدافئ ما كنت وجدت حيزاً لقراطيسي ودواتي وحكاياتي.
email:omimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|