| محليــات
مع أنني استمتعت بإجازتي التي قضيتها مع العائلة في ربوع ماليزيا وسنغافورة إلا أن الإنسان لا يسلم من المنغصات التي تشكل أهم ذكرى في رحلته. عندما ينغمر الإنسان في السعادة يحتاج في بعض الأحيان إلى ما يذكره بأنه يعيش في حالة سعادة لا تعرف بأنك يوم أمس كنت سعيدا حتى يصيل عليك ضرسك في اليوم التالي. كنت قررت أن أتابع الكتابة من هناك (ماليزيا وسنغافورة) مستغلا التطور التقني من فاكس وبريد الكتروني وتلفون الخ. ورغم أن هذه الإجازة مكرسة بالكامل للعائلة إلا أني رأيت أن العمل أثناءها سيكون ممكنا. فالأطفال ينامون في وقت مبكر خصوصا إذا كرفتهم طوال النهار من مكان إلى آخر ومن ملاعب إلى أخرى. وقد حددت أن يكون موعد نومهم الساعة التاسعة ليلا وهو الموعد الذي أبدأ فيه العمل. ويمكن أن استمر في العمل ثلاث ساعات وهي مدة كافية لإنجاز نصف صفحة من زاوية يارا أو صفحتين كاملتين من مسلسل (أبو رويشد) الذي اتفقت على كتابته مع الفنان القدير خالد سامي. سار الأسبوع الأول كما خطط له وكتبت حلقتين ليارا وثلاث حلقات من المسلسل.. وفي اليوم الأخير من الأسبوع الأول وهو اليوم الذي قررت فيه أن أبعث بهذه المواد المنجزة إلى الرياض عبر البريد الالكتروني والفاكس اختفى الجهاز بكامل ما فيه من مواد. من الواضح أنه سُرق. لا أظن أنكم مشتاقون لتعرفوا كيف سُرق فهذه قضية أخرى. أشير قبل كل شيء إلى أن ماليزيا حسب تجربتي ورغم سرقة جهاز كمبيوتري هي من أكثر بلدان العالم التي زرتها أمنا وأمانا. أعتقد أن حادثة سرقة جهازي كانت درسا لي لن أنساه أبدا. هي تجربة فلسفية وثقافية رغم اني خسرت الجهاز وكثيرا من المواد والوثائق الشخصية إلا أني أعدّ ما حدث تجربة ضرورية تمنيت أنني مررت بها منذ وقت طويل. فهي درس عظيم في مسألة التساهل.
كنا أنا وزوجتي قررنا أن نضع روتينا أمنيا نلتزم به حرفيا. وقد قسمنا ما بحوزتنا من وثائق وأشياء إلى ثلاث درجات أمنية. المجموعة الأولى تتضمن الجوازات والفلوس وتذاكر السفر وبطاقات الائتمان وهذه تأخذ الاولوية في الحرص والدقة. المجموعة الثانية تتضمن الأجهزة الثمينة مثل الكمبيوتر والكاميرات. والمجموعة الثالثة الشنط وما تتضمنه من ملابس وخلافها.
لأول مرة أترك جهاز الكمبيوتر المحمول خارج صندوق الأمانات الموجود بالغرفة. فقد كان ضمن المخطط الأمني أن أعيد الجهاز إلى صندوق الأمانات فور الانتهاء من الكتابة. ولكني مع الأسف تساهلت. كانت تلك هي المرة الاولى التي أتساهل فيها، ومن حسن الحظ أن الدرس جاء من أول تساهل. هناك فرق عظيم بين أن تتعلم الدرس نظريا في المدرسة وبين أن تتعلم الدرس عمليا من التجربة. تساهل بسيط في خطة محكمة أفقدتني وثائق هامة وستة آلاف ريال قيمة الجهاز والأهم من ذلك التزامي المبدئي مع القارىء ومع الاستاذ خالد سامي.
جلست بعدها أتخبط لأني على مدى خمس عشرة سنة لم أكتب صفحة واحدة بالقلم والورقة. فالمقال الذي أكتبه بواسطة الكمبيوتر في ثلاث ساعات احتاج الى ثلاثة أيام لكتابته بالورقة والقلم. عندها تصبح الكتابة مثيرة للسأم.
أقدم اعتذاري الشديد للقارىء واتمنى أن أواصل الكتابة بشعاري (التزام بالجودة والمرح).
yara4me@yahoo.com
|
|
|
|
|