| محليــات
منذ مساء الخميس أول أمس عادت للرياض المدينة حيويتها، واكتظاظ شوارعها، إعلاناً عن أوبة الراحلين، في عودة المسافرين...
وازدحمت المكتبات التجارية، بحثاً وراء احتياجات المدارس، والمكاتب، ومايلزم الخروج إلى ممارسة الحياة كما هي قبل شهرين من الآن... وبعض الناس منذ آخر لحظات الاختبارات، أو عند بدء الإجازة، قد هجروا الكتب، والأقلام، وعانقت أيديهم بطاقات البنوك، وتذاكر السفر، وتقلَّبت أبصارهم بين ألوان الملابس والأحذية وحقائب الأغراض الخاصة...
واليوم عاد للشوارع وجهها المشرق بحركة الناس... ومناكبة العربة للأخرى...
الجميع يذهب إما إلى عمله أو إلى مدرسته، أو إلى جامعته، أو إلى مؤسسته حيث يعمل، يؤدي ما عليه، أو يتلقَّى يستقبل ما له...
والسؤال هنا: وماذا عن أولئك الذين ينتظرون بخيبة أمل؟!...
ماذا عن طالب وقف أمامه رفض القبول؟ ويتطلع إلى الدراسة بشغف؟.. وقدرته المادية لا تساعده على الانخراض في الكليات غير المجانية؟...
وماذا عمن له طلب توظيف، أو نقل، أو ترقية، أو نظر في أمر ولم يبت فيه؟
شغل عنه المسؤول إما بسفر، وإما باجتماع، وإما بعدم مبالاة؟
وتخيلت لو أنَّ النّاس ممن يملكون قدرة القرار يتذكرون قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم: إن اللّه في عون العبد مادام العبد في عون أخيه، كم يمكن أن تزول خيبات الآمال، وكم سيطمس القول المعلب: «إنه النظام»؟!
إنَّ النظام في القبول، أو في إتاحة فرص العمل الذي يقف حائلاً دون خدمة الإنسان ينبغي له أن ينظر فيه.. ذلك لأن مبدأ الحياة أن يكون لكلِّ الأحياء حقٌّ في نيل الفرص من أجل الحياة...
والمسؤول الذي لا يضع ضميره أمامه فوق مكتبه، وتحت سنة قلمه، وعند أذنيه، وبجوار عقله، أو في داخله، وأمام ناظريه... سوف يساعد دون ريب على مضاعفة خيبات الأمل تلك التي توخز في الصدر وتستدعي الظلم في كثير...
وليته هذا المسؤول يتذكر أن في مثل هذا الأمر ظلماً لا يرضيه، وعدم تيسير لا يتوقعه والقدوة له في قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «من فرَّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرَّج اللّه له كربة من كرب يوم القيامة».
فالذي يطلب العلم إن لم يتح له يُغبن...، ولأنَّ الفرص في الحياة الراهنة تقوم على مبدأ «العلم» وما يحققه من نيل الوثائق التي هي مفاتيح الوظائف، فإن لم يتحقق له ولك ففي ذلك خيبة أمل...
والذي يملك المؤهلات ولا يجد مجالاً للعمل يُغبن، ولأنَّ العمل هو مفتاح الرزق والحياة الكريمة وممارسة ما يرضي النفس ومن ثمَّ يدفعها للعطاء بما يرضي الربّ ويحقق المواطنة... فإن لم تتحقق له هذه الفرصة فأنه في خيبة أمل...
ألا...
فمتى يكون كلُّ رئيس، وكلُّ صاحب قرار قادراً على محو خيبات الأمل، والأخذ بأيدي الناس إلى ما يحقق لهم الرضاء ويكشف عنهم العناء... كي يكون في معية اللّه تعالى... في الدنيا، ويوم يكشف عن الغطاء.. فيجد نفسه وقد فرَّج اللّه له هناك بتفريجه كرب النّاس في الأرض هنا...؟.
خالج قلمي هذا الهاجس...
ورنين الهاتف يوقظ كلَّ لحظة بحثاً عن قبول في مدرسة أو جامعة، أو نقل من مدرسة لأخرى، أو إتاحة فرص عمل، أو وجود باب مفتوح كي يتحرك الإنسان مع من يتحرك في فرحة العودة للعمل وللنشاط وللعطاء وللحياة.
|
|
|
|
|