| العالم اليوم
* بانكوك د، ب، أ:
ربما أثبتت الجولة السريعة التي قامت بها ميجاواتي سوكارنوبوتري رئيسة إندونيسيا في منطقة رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» أن الرابطة ليست «منظمة تتجه نحو الافول»، ولكنها أخفقت في تخفيف المخاوف الاقليمية بشأن المشاكل العميقة التي تواجهها جاكرتا،
واختتمت ميجاواتي يوم «الثلاثاء» الماضي بمغادرتها كوالالمبور جولة مرهقة شملت تسع دول في ثمانية أيام وبدأتها بزيارة الفلبين في 23 أغسطس الحالي، فلقد أصبح عرفا دبلوماسيا أن يقوم القادة الجدد في منطقة جنوب شرق آسيا بزيارة جيرانهم في الآسيان قبل زيارة أي دول أخرى، وارتأت ميجاواتي التي أصبحت رئيسة لبلادها في 23 تموز/يوليو الماضي أن تختصر زياراتها لدول الرابطة في جولة واحدة خاطفة،
ويقوم كل من جلوريا ماكاباجال أرويو رئيسة الفلبين ورئيس الوزراء التايلاندي تاكسين شينواترا المنتخبين مؤخرا بجولات مماثلة هذا العام وإن كانت على مراحل،
وتقول ملينا ناتان الباحثة بمعهد سنغافورة للدراسات الدفاعية والاستراتيجية ان «كافة الزيارات التي يقوم بها زعماء الآسيان الجديد إنما تشير أو ربما يمكن تفسيرها على أن الرابطة ليست بمنظمة تتجه نحو الافول وهي تظهر أن قادة الآسيان الجديد ينظرون إلى آسيان نظرة جدية»،
ولم تفوت ميجاواتي ابنة سوكارنو أول رئيس لاندونيسيا أية فرصة لطمأنة جيرانها إلى أن جاكرتا في عهدها ستواصل التأكيد على وحدة دول الاسيان وعلى التعاون بينها، ففي الفلبين أكدت أن إندونيسيا سوف «تواصل العمل بشكل وثيق مع الفلبين نحو المساهمة في استقرار وخير آسيان ولضمان أن تلعب آسيان دورا مهما في المنطقة وعلى الساحة الدولية»،
وتضم آسيان في عضويتها كلا من بروناي وكمبوديا وإندونيسيا وماليزيا وميانمار «بورما» والفلبين وتايلاند وسنغافورة وفيتنام،
وقد لقيت رسالة ميجاواتي ترحيبا خاصا في سنغافورة وهو ما برز من خلال استقبال رئيس وزرائها جوه تشوك تونج لها لدى وصولها إلى المطار خلال عطلة نهاية الاسبوع،
وقال لها جوه «قرارك بزيارة عواصم آسيان في أول جولاتك الخارجية إنما يؤكد مدى ارتباط إندونيسيا» بالرابطة، وملاحظا أن آسيان كانت في حالة انعدام وزن منذ الازمة المالية الاسيوية التي بدأت منتصف عام 1997، أضاف جوه ان جولة ميجاواتي التي سبقتها زيارتا رئيسة الفلبين ورئيس وزراء تايلاند «هي مؤشرات على أن نجوم كوكبة آسيان استعادت تراصها الآن» وترى سنغافورة أن زيارة ميجاواتي تمثل بداية جديدة للعلاقات الثنائية التي توترت في عهد سلفها عبد الرحمن وحيد الذي أطيح به عبر تصويت بحجب الثقة في البرلمان، وكان وحيد قد اتهم سنغافورة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بانتهاج سياسات خارجية لا تبغي شيئا سوى التربح، ثم اقترح أن تقوم إندونيسيا وماليزيا مجتمعتين بتلقين تلك الدولة المدينة «درسا» بقطع إمدادات المياه عنها، وقال السناتور كرايساك تشونهافان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ التايلاندي «إنني سعيد أن أرى ميجاواتي تتفاوض بشكل وثيق مع سنغافورة ثانية بدلا من الدخول في حرب كلامية معها مثلما كان يفعل وحيد»،
ووصف كرايساك الترحيب الحار الذي استقبل به قادة آسيان ميجاواتي بأنه «فورة الامل»، بيد أنه أشار إلى أن فورة مماثلة واكبت تسلم وحيد مقاليد الحكم في بلاده،
وبينما يشعر الجميع فى آسيان بالسعادة تجاه الاولوية التي أعطتها ميجاواتي للتعاون مع دول الرابطة، فإن ثمة شكوكا عميقة مازالت قائمة في المنطقة بشأن قدرة رئيسة إندونيسيا الجديدة على التعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية في بلادها،
وتعيش إندونيسيا رابع أكبر دولة في العالم وفقا لتعداد للسكان والتي اعتبرت لفترة طويلة عماد آسيان في فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية منذ الازمة المالية التي نشبت عام 1997 وسقوط الرئيس الاسبق السابق سوهارتو عام 1998، وبينما حققت بقية دول آسيان نوعا من الاستقرار الاقتصادي والسياسي الآن، فإن جاكرتا مازالت بؤرة محتملة للتوتر في المنطقة،
وقال كرايساك «نعد أنفسنا جميعا للعصيان المسلح الهائل المقبل»،
وفي ظل حرص ميجاواتي الشديد على الحفاظ على وحدة إندونيسيا، فإن ثمة مخاوف بشأن الكيفية التي ستتعامل بها مع الانتفاضة القادمة، وأردف يقول «لا مجال للقول انها ستسمح لاي إقليم إندونيسي بالاستقلال عن جاوا أو حتى بالحصول على الحكم الذاتي، ، وهذا أمر يخفينا للغاية»،
وفي هذا الشأن فإن تأكيد وحيد على المفاوضات ربما يتلاشى قريبا،
وفي الواقع، فإن جولة ميجاواتي في آسيان تعد تذكرة بدأب سلفها وحيد الذي عرف عنه ولعه بالسفر،
وتقول ناتان من معهد سنغافورة للدراسات الدفاعية والاستراتيجية «كانت هناك مشاعر مماثلة بالتفاؤل تجاه وحيد، وكنا نرى أن رحلاته الخارجية في البداية مهمة لحشد الدعم لإندونيسيا، ولكن بعد فترة، ظل يفعل الشيء نفسه لكن الأمور في الداخل لم تتحسن، وبالنسبة لميجاواتي فإن الكثير يتوقف على ما إذا كان الوضع الداخلي سيتحسن»،
|
|
|
|
|