| مدارات شعبية
عندما تكون عملية الابداع في ادبنا الشعبي ذات لغة تنهض بالذائقة وتجعل من لحظة الاقتراب من النص جمالا يكون قريبا من استثارة وجداننا وعواطفنا وعقولنا، عندها ندرك ان عملية الابداع هنا، قد تحول جمالها الى رؤى فنية تجعلنا نلمس ونشعر هذا الجمال ونستمتع به.
ولأننا في الآونة الاخيرة قد افتقدنا هذا الحس الذي جعل المتابع والمدرك لأحداث الساحة الادبية الشعبية يلمس انها شبه جامدة ومعطلة من النصوص الابداعية.
وفي تقديري لذلك فإن السبب يعود لكثرة التجارب الشعرية الهابطة و الرخيصة ولكثرة ماينشر في الكثير من المجلات التي تدعي بانها تخدم ساحة هذا الادب وتتبنى عمليات الابداع فيه ايضا.. وهي بذلك عكس مايطرح فيها ان لم تكن قد تبنت هدم عمليات الابداع ودفنه للابد.
وفي تصوري فإن التجارب الشعرية النبطية «المبدعة» والمكتملة قد لانجدها سوى عند القلة القليلة من الرموز الشعرية البارزة عند من يشار لهم بالبنان على ارضية هذه الساحة التي اختلط فيها الغالي بالرخيص والحابل بالنابل.
وقد يتفق معي الكثير على ان معظم النصوص والتجارب التي نراها يوميا قد لا تعدو كونها تجارب شبه وهمية وخالية من الابداع الحقيقي الذي ننشده وبعيدة كل البعد عن ملامسة المشاعر والوجدان.. حيث هي في مجملها نوع من الحكي المركب والخالي من مقومات الابداع في القصيدة النبطية التي ليس بها خصائص فنية مبدعة، سواء في اختيار البحر او القافية او حتى انتقاء الالفاظ ومعايرة القصيدة مع معانيها وتكامل وحدتها وعضويتها، مما جعلها اعمالا لا ترقى الى درجة الابداع مطلقاً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: الى متى ونحن نفقد ذائقة الابداع في الشعر على هذه الساحة؟ وهل مايطرح الآن جدير بالاهتمام والمتابعة؟! اظن جازماً بأن الحال في وقتنا الحاضر بحاجة الى غربلة، والى دراسة واهتمام ومتابعة من القائمين والمهتمين بهذا الادب الذي نعتبره جزءاً لا يتجزأ من ثقافة وادب بلادنا الغالية.
وان لم اكن مخطئا فان المسؤولية الكبرى هنا تقع على معظم المجلات الشعبية التي فتحت الباب على مصراعيه لكل من هب ودب، حتى أذابت ذائقة رائحة الابداع التي لم نعد نشم رائحتها.. دون مراعاة لعشاق هذا النوع من الادب الذي يمثل هويتنا وتاريخنا وتراثنا المجيد.
وختاماً وعبر صفحة مدارات الجزيرة ادعو القائمين والمهتمين والمشرفين على هذا الادب بان يضيقوا الخناق على مدعي الشعر والباحثين عن الشهرة والظهور من اجل الظهور.. لكي تبقى الساحة لفرسانها المبدعين ولكي نستطيع المحافظة على هذا الادب بالصورة التي تليق به والله اعلم.
علي آل حصوصة القحطاني
|
|
|
|
|