| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
الحمد لله حمد الشاكرين حمداً يليق بجلال وجهه الكريم والحمد لله على ما قدَّر وكتب، فجعت مدينة تمير بمحافظة المجمعة بسدير بوفاة احد اعلامها ورموزها الاخيار البررة الذين قضوا جل حياتهم في التزود من الطاعات والاعمال الصالحات ذلكم هو الشيخ/ محمد بن علي بن محمد العبداللطيف ابن الشيخ علي العبداللطيف احد مشايخ بلدة تمير رحمهم الله تعالى عن عمر يناهز الثمانين عاماًً فقد تربى على يدي والده تربية دينية وتعلم العلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم وهو صغير في السن ثم توجه الى الرياض لتلقي العلم على يدي الشيخ محمد آل الشيخ ولازمه وعمل معه في المحكمة كاتب ضبط، ثم بعد ذلك انتقل الى المعهد العلمي مراقباً وكان اماماً لمسجد الحي الذي يسكنه، زامل الكثير من العلماء وتعلم العلوم الشرعية ورافق الكثير من العلماء امثال الشيخ ابن غصون رحمه الله وقد عرف بتواصله مع العلماء وحبه لاهل العلم كان رحمه الله تعالى معروفاً بخطه عند العلماء فما من كتاب بخطه وتوقيعه الا ويجد القبول لدى العلماء والقضاة كما هو حال والده وجده اللذين كانت تعتمد اختامهما وخطوطهما لدى القضاة في هذه البلاد.
عرف الشيخ محمد بتواضعه الجم وسعة صدره وحبه لاهل العلم ومخالطتهم فقد كان رحمه الله تعالى عطوفاً على الفقراء محباً للمساكين لا يحمل في قلبه كرهاً او حقداً على احد حتى انه ليندر ان تجد له مثيلاً في هذا الزمان، لقد فقده القريب والبعيد لحسن معشره وقلبه الكبير الذي اتسع للجميع.
ان صورته لا تكاد تفارق مخيلتي في منزله وفي مسجده وفي كل مكان قابلته فيه لقد كان رحمه الله عابداً شكورا فيندر ان تأتي يوماً الى مسجده بحي السويدي ولا تجده متواجداً فيه اقصد بذلك فترة ما بين المغرب والعشاء فهو اعتاد رحمة الله عليه البقاء في المسجد حتى الانتهاء من صلاة العشاء يقضيها في تلاوة القرآن الكريم وقضاء حوائج الناس فقد كان عطوفاً رحيماً محباً للناس محبوباً منهم لا تكاد تراه الا باشاً مبتسماً ترى النور يتلألأ في وجهه يحب فعل الخيرات زاهداً في البحث عن الدنيا وزخرفها زاهداً في ملبسه وفي مشربه بسيطاً في حياته متواضعاً في تعامله مع الناس لا يفرق بين كبير وصغير ولا عزيز ووضيع.
داهمه المرض فجأة ونوِّم في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض لمدة ثلاثة اشهر قضى جزءاً منها في العناية المركزة لا يشتكي ولا يتوجع حدثني احد ابنائه بانه لا يفصح عن آلامه ابدا ودائماً ما يقول انه بخير وصحة جيدة حتى وهو في احلك الظروف فقد كان عبداً شكوراً صابراً محتسباً ولا نزكي على الله احدا بعد ذلك خرج من المستشفى وتحسنت حاله لمدة سبعة اشهر او تزيد وفي يوم الاربعاء الموافق 27/4/1422ه داهمه المرض حيث بدأ بخمول وارتفاع بسيط في الحرارة مما استدعى احضار طبيب له في البيت وتم فحصه وكتب له بعض الادوية وفي يوم الجمعة صلى الجمعة وهو في احسن حال والعصر والمغرب والعشاء ونام تلك الليلة وهو لا يشعر بشيء وفي ليلة السبت انتابته نوبة سعال يخرج معه دم من الفم والانف فتم نقله الى المستشفى المركزي بالشميسي وعُمل له العلاج اللازم وفي الساعة التاسعة تطورت الحالة واصيب بجلطة لم تمهله كثيرا وانتقلت روحه الطاهرة الى بارئها.
وصدق الشاعر:
حكم المنية في البرية جار
ما هذه الدنيا بدار قرار |
ولا نقول الى ما يرضي الرب ان القلب ليحزن والعين تدمع وانا على فراقك يا ابا علي لمحزونون.
كل ابن انثى ولو طالت سلامته
يوماً على آلة حدباء محمول |
نسأل الله تعالى ان يجعله في اعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء وان يجعل ما اصابه علواً له في الدرجة والاجر وان يغفر له ولنا ولوالدينا انه القادر على ذلك وهو السميع المجيب.
«إنا لله وإنا إليه راجعون»
عبدالله بن نوفل الربيعة
|
|
|
|
|