| الاقتصادية
حتى عهد قريب كانت المؤسسات والشركات تعلن عن وظائف شاغرة مجزية في العطاء والبدلات تملأ بها الصحف والمجلات المهنية المحلية. فيتقدم العشرات بل والمئات من الباحثين عنها لشغلها اما الآن فان اعلاناتها اصبحت اقل في عددها ونوعيتها وصارت لا تجتذب إلا نفرا قليلا مشترطة لشغل وظائفها كفاءات وخبرات متميزة وبرواتب شهرية هي اقل في متوسطها الاجري لسوق العمل واقل مما يتوقعه المتقدم السعودي حينما تراوحت اجورها بين الالفي والثلاثة آلاف ريال. وصار سوق العمالة نفسه اكثر صعوبة عما عهده من قبل حيث الاحتفاظ بالعمالة المدربة او الولاء للشركات هو امر لا يمكن الاعتماد عليه فمعظم المؤسسات تعاني من صعوبة البحث عن عاملين جدد تتناسب مع تطلعاتها في مرحلة اختيارهم او تعيينهم او تدريبهم او تحفيزهم فتارة نراها مترددة في الاحلال او التجديد مدعية انها تستنزف الكثير من مواردها وجهودها لتوظيفهم وتارة مفضلة الموظف الوافد الجاهز علميا وعمليا والاقل اجرا عن المواطن. وطغت على السطح في الآونة الاخيرة ظاهرة اقتناص العمالة المتدربة من الشركات المنافسة بدلا من عناء تدريبها وتأهيلها وبتكاليف عالية. ويمكن ان نرجع اسباب ذلك الى محورين، المحور الاول هو ضعف الرغبة في العمل في القطاع الخاص لغياب الحافز المالي المغري للموظف السعودي. فمثلا نرى المدرس العربي الوافد يوظف في المدارس الخاصة في حدود الراتب اعلاه معتبرة إياه راتبا مغريا للقدوم الى المملكة محققا فائضا ماليا لذويه، بينما يعتبر المدرس السعودي ذلك الراتب متواضعاً جدا لا يكاد يفي بحاجاته الاسرية والاجتماعية مدعما وجهة نظره بأن هناك فارقاً كبيراً بين مستويات الدخل الفردي بين المملكة والدول العربية الشقيقة يصعب حال معيشته عندئذ في مساواته بأجر الوافد وهو صادق. ويبدو ان ظاهرة الاستعانة بالمدرسين الوافدين ستبقى لفترة قد تطول أو تقصر متوقفة كلية على خيارين هما: اما أن يقبل المدرس السعودي بالراتب السابق والقبول بالامر الواقع شاء ام ابى. واما ان ترفع المدارس الخاصة من جانبها رسوم الدراسة السنوية الى ضعف ماهو عليه حاليا حتى تتمكن من توظيف السعوديين بأجور أعلى وتحقيق وتطبيق لوائح وانظمة السعودة.
والمحور الثاني ما نجده في عجز المؤسسات عن تحقيق الرضا وترسيخ الولاء الوظيفي للسعوديين لمنع تسربهم وانتقالهم بين المؤسسات الخاصة. هذه ظاهرة منتشرة بين اوساط المبتدئين ينتقلون فيها من شركة لاخرى حال حصولهم على راتب وبدلات هي افضل. وبالمقابل فكثير من الشركات تحجم عن الاستثمار في التدريب خوفاً من فقد العمالة لصالح من يدفع اكثر بعدما كانت قد تكبدت خسائر مالية لتدريبهم، والافضل هنا ان يراعى التصميم الامثل للوظيفة قدرات وحاجات وشخصيات الافراد من ناحية وحاجات المؤسسات من ناحية اخرى. فالهدف من تصميم الوظائف هو تحقيق التوازن بين رغبات الباحثين عن عمل وبين ظروف وفعاليات المؤسسة. توازن يحدد فيه مدى قابلية العمالة السعودية للتوظيف مع مدى توفر الفرص الوظيفية يتم توزيعها حسب فئات المجتمع مرتبطة بمكونات سوق العمل وهيكلته. وفي حال وجود تباين بين العرض والطلب فاننا نتوقع تدني الرضا وضياع الثقة بين الموظف والمؤسسة.
ونتوقع ان تنظر مؤسسات القطاع الخاص بأنها مستغلة من قبل الموظفين شاعرة بأنها تدفع اجوراً اكبر مما يستحق العمل لادائه فيما يشعر الموظف من جانبه بأنه مستغل من قبل المؤسسة وانها دائما تأخذ منه أكثر مما تعطيه حقا.
|
|
|
|
|