| المجتمـع
* تحقيق أمل القحطاني:
الوقت هو العمر.. بل هو في حقيقة الأمر رأس المال الحقيقي للإنسان سواء كان فرداً أو مجتمعاً..
فالوقت يمر بسرعة بل بأقصى سرعة دون أن يشعر المرء كيف مر ولا كيف انقضى.. فهو يمر مر السحاب وكأنه يسابق الريح هكذا بدأت الإجازة الصيفية قبل شهرين.. وهاهي تنتهي دون أن نشعر، وكلما انقضى يوم نقص عمر الإنسان شيئاً فشيئاً بمقدار مرور الأيام وتتابعها.
يقول الشاعر:
والوقت أنفس ما عنيتُ بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع |
ولم يبق إلا أيام معدودة ويعود أبناؤنا وبناتنا إلى مقاعد الدراسة ولكن قبل ان تنتهي الإجازة.. ماذا استفاد أبناؤنا وبناتنا منها؟.
«الجزيرة» تستطلع آراء العديد من الطالبات والمعلمات للتعرف على كيفية قضاء الإجازة لدى هؤلاء وماذا استفدن منها؟..
* منال محمد طالبة في الصف الأول ثانوي.. تقول: بصراحة بدأت الإجازة وستنتهي بعد أيام ولم استفد منها بشيء.. فأنا في الليل أسهر على الفضائيات والأفلام والإنترنت وفي النهار أنام ولا أصحو إلا وقت المغرب وهكذا حياتي كلها مملة، وروتيني اليومي لا يتغير أبداً.. وأتمنى ان تعود الدراسة حتى تترتب الأوقات وننتهي من ملل الصيفية.
وأوضحت «ريم فايز» ان الإجازة في نظرها تعني النوم والخمول والكسل وعدم تنظيم الأوقات فهي تشغل أوقاتها بقراءة المجلات غير المفيدة ومتابعة آخر الموضات من الملابس والمكياج والاكسسوارات والتجول في الأسواق والتنقل بين المشاغل النسائية والاطلاع على آخر قصات الشعر الجديدة.. ورغم ان كل ما تفعله هو هواياتها إلا انها تشعر بفراغ، ولم تستفد من الإجازة.
أما الطالبة أحلام يحيى تقول: في كل سنة أضع لنفسي نظاماً وجدولاً في الإجازة الصيفية لكي استفيد من وقتي، ولكن لا اتبع هذا النظام وأهمل الجدول الذي وضعته لنفسي واهتم بالمناسبات والأفراح والخروج إلى الأماكن الترفيهية ومدن الألعاب وكل ما اكتبه يذهب هباء منثورا.. وبعد ان تنتهي الإجازة اتندم على ضياع الأوقات ولازلت حتى الآن على هذا الوضع منذ 3 سنوات.
أم ريان.. معلمة رياضيات أوضحت ان مفهوم الإجازة لدى الكثير من الناس هو السهر ليلاً والنوم نهارا والسفر والخروج والتنزه.. السفر والتنزه مطلوب ولكن بشكل منظم ومعقول، فيجب على رب الأسرة ان يتعاون مع زوجته لوضع برنامج في الإجازة ليتبعه كل أفراد المنزل وان لا يهملوا الجانب الديني والثقافي في البرنامج وان يحرصوا على تنظيم الأوقات والتطبيق الدقيق لما جاء في جدول البرنامج.
أما الفئة الأخرى من الفتيات فهي من احسنت استغلال الإجازة وأجادت إدارة الوقت ونظمت برنامجاً معيناً لتطبيقه وعرفت ان الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك وان ما ذهب لن يعود.. فهذه «نورة سلطان» تقول: هذه الإجازة من أجمل الإجازات فقد استغليت وقتي فيها وسجلت في المركز الثقافي الصيفي للبنات بأبها والتحقت بدورتي حاسب آلي ولغة إنجليزية وتعلمت الكثير والمفيد بما يواكب متطلبات العصر، كما انني حضرت بعض الفعاليات النسائية لمهرجان صيف أبها 1422ه الذي كان ناجحاً بجميع مقاييسه والفعاليات النسائية في هذا العام مميزة ومنوعة والمحاضرات مفيدة جداً.. أتمنى الاستمرار في هذا المستوى العالي من قبل اللجنة المنظمة للمهرجان.
وأضافت «أروى عسيري» ملتحقة بالمركز الصيفي بأبها ان المركز أشغل وقتها بكل ما هو مفيد ونافع كما ان الزيارات الميدانية التي قام بها المركز كانت ناجحة ورائعة جداً فزيارة المكتبة العامة كانت لي كالحلم وأصبحت حقيقة بعد التحاقي بالمركز، أيضاً شاهدنا بعض القرى التراثية مثل قرية ابن حمسان والمفتاحة والمعارض التشكيلية ومعرض التصوير الفوتوغرافي.. كل ذلك أضاف إلى معلوماتي وثقافتي الكثير والكثير وأصبحت الآن قادرة على نقل تراث منطقة عسير إلى أي منطقة أخرى من خلال زيارتي ومشاهدتي لتراث المنطقة.
«مهند عبدالله» في الصف الأول المتوسط.. ذكر ان اخوانه الذين يكبرونه سنا لا يستفيدون من أوقات فراغهم وخاصة في الإجازة الصيفية ومع ذلك فهو لا يقتدي بهم، فقد التحق بنادي موتيل المطار الصحي بأبها الذي توجد به أنشطة رياضية منوعة مثل السباحة والسونا وألعاب القوى والجاكوزي والكاراتيه وغيرها الكثير، كما انه مشترك في حلقة تحفيظ قرآن كريم في أحد المساجد، وقد استطرد حديثة قائلاً: الحمد لله في الإجازة الصيفية كثفت جهدي وحفظت 5 أجزاء واحفظ من قبل 13 جزءاً وأدعو الله ان ينفعني بالقرآن ويصلح شباب المسلمين.
ومما يؤسفني كثيراً ان أرى بعض اخواني الشباب الذين هم عماد الأمة يسهرون ويضيعون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه فأنا أراهم بكثرة في مقاهي الإنترنت والاستراحات وعلى الأرصفة لماذا لا نرى هؤلاء الشباب في المراكز الصيفية أو في تحفيظ القرآن الكريم أو حتى في ناد صحي من أجل صحتهم وسلامة أبدانهم.
* «بشاير الزهراني» في الصف السادس الابتدائي، تقول: إن والديّ في الإجازة يحرصان على استغلال الأوقات، وفي بداية كل إجازة صيفية يشتري والدي مجموعة من الكتب لنقرأها ونستفيد منها، ثم ينظم لنا مسابقة بعد قراءة الكتب ليرى مدى استفادتنا واستيعابنا لهذه الكتب، كما ان والدي حريص على ان نرى معرض الكتاب، وقد قمنا بزيارته وزيارة معرض الطفل الأول للكتاب الذي اقيم في المفتاحة والذي اشتريت منه الكثير والمفيد واطلعت على قصص وأشرطة تعليمية جميلة.
وذكرت «مها العبدالله» خريجة جامعية: ان مدى استفادة الابناء من الإجازة الصيفية إنما يعود إلى الوالدين وتخطيطهما وتنظيمهما لأوقات أبنائهما، فهما قادران على ان يجعلا أبناءهما يحسنون استغلال الإجازة بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة. وأكدت ان المجتمع الذي تعيش فيه الأسرة له الدور الفاعل في التأثير على نظام الأسرة وسلوكهم في قضاء الإجازة وأوضحت ان لكل اسرة ظروفاً تجبرها على قضاء الإجازة بشكل معين فهناك بعض الأسر تعيش الإجازة في خوف وقلق دائم لأن أبناءها لم ينجحوا في الدور الأول ولايزال عليهم دور ثان في نهاية الإجازة، فهم حريصون كل الحرص على نجاحهم في الدور الثاني خوفاً من إعادة السنة.. وهناك أسر اعتادت قضاء إجازاتها في الأماكن المقدسة وهذا استغلال جيد، وأسر أخرى اعتادت على البقاء في مقرها نظراً لمرض أحد افراد الأسرة أو ظروف عزاء أو ما يماثلها، وغيرها من النماذج الأخرى، فلكل أسرة ظروفها المعينة واحوالها الخاصة وهذه الظروف هي دائما ما تصنع برنامج الإجازة.
وأكدت الاخصائية الاجتماعية «هيلة الغامدي» انها تلاحظ التباين والاختلاف الشاسع بين طالباتها بعد نهاية كل إجازة فمن الطالبات من احسنت الاستغلال ووفقت وأخرى من ضيعت أوقاتها وثالثة عصفت بها ظروف جبارة وقوية.. فكل طالبة تعيش مع أسرتها حسب نمط الحياة الذي اعتادت عليه هذه الأسرة، ولكن يجب ان يكون هناك وعي وادراك من الوالدين بأهمية الوقت وخاصة الفراغ الذي يعيشه الأبناء في إجازة طويلة كالصيف.
وقد يحدث لا سمح الله نتائج لا تحمد عقباه بسبب التفريط والاهمال كضياع الأبناء وفسادهم وانحلال سلوكياتهم واختلاطهم برفقاء السوء وعدم رغبتهم في العودة إلى الدراسة.
وفي ختام حديثي لكم اتمنى ان تكون جميع الأسر ونحن في نهاية الإجازة قد استفادت من وقتها وافادت أبناءها ورفهتّهم وامتعتهم.. ليعود الأبناء والبنات إلى الدراسة وهم جادون ونشطون.. وكل عام والجميع بألف خير.
|
|
|
|
|