أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 29th August,2001 العدد:10562الطبعةالاولـي الاربعاء 10 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

رؤى وآفاق
المليك يرعى التعليم خلال نصف قرن
د. عبدالعزيز الفيصل
يدلف بنا العام الدراسي الذي نستقبله في الأسبوع القادم الى إكمال نصف قرن من التوسع في التعليم برعاية خادم الحرمين الشريفين، فمنذ أن ترأس خادم الحرمين الشريفين وزارة المعارف قبل نصف قرن والتعليم في تطور مستمر وتوسع ملموس، ففي منتصف العام الدراسي تكون الرعاية الكريمة قد أكملت خمسة عقود من البذل والعطاء. فقبل نصف قرن كانت البداية في التوسع، ولكنها بداية أثمرت وأنتجت، فقد فتحت المدارس في القرى والمدن بتتابع مطرد، حتى إن القرية التي لايزيد عدد الطلاب فيها على خمسين طالباً فتحت فيها المدرسة، ومع المدرسة قدم العطاء وسعة العيش، فالقرية استؤجر فيها بيت للمدرسة، كما استؤجر عدد من البيوت للمدرسين، واختير منها مدرسان أو ثلاثة للعلوم الدينية، ونشطت فيها التجارة بسبب وجود المدرسة، وبعد سنوات ليست بالكثيرة عاد طلبة المدرسة أساتذة يدرسون في مدرسة القرية، كما اشتغل آخرون في مدارس أخرى خارج القرية، ولكن أجورهم تنصب في القرية فتحسن من وضعها الاقتصادي.
لقد كان التعليم مفتاحاً لسعة الرزق، وتنويراً للمسالك الصحيحة التي توصل إلى الصحة والسلامة من الأمراض، بالإضافة إلى دفعه الجهل من سنة إلى أخرى، حتى حوصر الجهل في مناطق نائية في الصحراء، أو في الأودية التي لاتصل إليها السيارات، وبعزم خادم الحرمين الشريفين كونت فرق مكافحة الأمية، فرحلت مع البدو في مضاربهم، وعلمتهم القراءة والكتابة تحت ظلال الأشجار، وفي كهوف الجبال، إنه العزم والتصميم على محاربة الجهل في أي موضع وتحت أي سماء في مملكتنا المترامية الأطراف.
وتمر السنون والعلم في تقدم والجهل في تقهقر، حتى إن المملكة العربية السعودية بمساحتها الواسعة قد أصبحت واحة علم، فقد فتحت المدارس المتوسطة والثانوية في القرى الكبيرة، وفتحت المعاهد، ثم توسع التعليم الجامعي، فلا تمضي سنوات معدودة إلا وتفتح جامعة في مدينة من مدن المملكة، وقد سار تعليم الأبناء مع تعليم البنات جنباً إلى جنب، فأصبحت الفتاة تنافس الفتى في ميادين الطب والحاسب الآلي والمحاسبة، بالإضافة الى العلوم الشرعية والعربية.
لقد انتظمت كليات البنات في مدننا الكثيرة بثبات و اقتدار، وهي في توسع في كل سنة، فسدّت حاجة البلاد من المعلمات، واشتغلت المرأة في إدارة التعليم، والمصارف، والتعليم الجامعي.
لقد كان خادم الحرمين الشريفين عندما أسندت إليه وزارة المعارف يطلب الإطلاع على أعداد الملتحقين بالتعليم في كل عام لعلهم كثر، فآباؤهم قبل نصف قرن منشغلون في السعي لأرزاقهم، فالفلاح محتاج لابنه ليساعده في السَّنْي، وسقي النخيل والزرع، ورعاية الإبل، والبقر، والغنم، وصاحب الماشية في صحرائه يحتاج لابنه في رعاية البهم، ثم إن البدوي ينتقل من مكان إلى آخر، ففي زمن الربيع ينتجع الكلأ، وفي فصل الصيف يستقر بجوار الماء في قرية أو في وادٍ تتوافر فيه الآبار، وفي الخريف يتبع صوب المطر فيرحل إلى حيث ينزل، وفي الشتاء يرعى نبت الوسمي، فأنى له الاستقرار وتدريس أبنائه وهو في رحلة متتابعة على مدار العام، وأصحاب الحرف في المدن والقرى لايستغنون عن أبنائهم، فالخراز يسنده ابنه في حرفته، والصانع يعلم ابنه الحرفة ليرتزق منها في كبره، والحائك يحتاج إلى أبنائه، فالحرف متشعبة وتحتاج إلى أكثر من فرد، والجزار في حاجة إلى المساعدة، وخير من يعاونه ابنه، فالناس مشتغلون برزقهم، الكبير، والصغير، والمرأة والرجل، ولذلك فإن ولاة الأمر يعرفون ذلك، وخادم الحرمين الشريفين عندما كان يطلب أعداد الطلاب الملتحقين بالدراسة يعلم حاجة الآباء لأبنائهم، فقد يدخل الأب ابنه الصغير في المدرسة، ويبقي ابنه الكبير ليساعده، ومرت الأيام والتعليم في ازدياد، وقفزت أرقام أعداد الطلاب من الآلاف الى مئات الآلاف، ثم قفزت من مئات الآلاف الى الملايين، وتعالت صيحات الذين لايقبلون في الجامعات فأصبح خادم الحرمين الشريفين يطلع على أعداد الطلاب الذين لم تقبلهم الجامعات لكثرتهم، فبالأمس يطلب أعداد الطلاب فيفرح لكثرتهم، واليوم يطلع على من لم يقبل ليعالج وضعهم إنها رعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين أوصلت بلادنا إلى ماوصلت اليه الآن في مجال التعليم، فجزاه الله خيراً على ماقدم من رعاية وجهد في سبيل العلم واهله، لقد بذل جهداً وجنى ثمره، فالطلاب الذين علمهم بالأمس يراهم اليوم، منهم الوزير، ومدير الجامعة، والأستاذ في الجامعة، ومنهم الطبيب، والمهندس، وخبير النفط، وخبير استخراج المياه، وهم يعملون في المعامل والحقول، وتعبيد الطرق، واستخراج النفط وتصديره، وفي التجارة ومجالات العمل المتنوعة، إن جني هذه الثمرة يثلج الصدر، ويدخل السرور على النفس، فلا أطيب من عمل يثمر في تطوير عقول الرجال، واتساع مداركهم، فهم لبنات تطوير مجتمعاتهم في كل عصر.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved