| العالم اليوم
* رام الله الوكالات :
كان علم فلسطيني ممزقاً يرقد وسط بركة من الدماء على أرضية مكتب أبو علي مصطفى بعد نقل جثمان زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى المشرحة.
وحلقت طائرات هليكوبتر إسرائيلية من نوع أباتشي (أمريكية الصنع) فوق بناية سكنية يقيم فيها زعيم الجبهة الشعبية ويتخذها مكتبا في رام الله واطلقت ثلاثة صواريخ من خلال إحدى نوافذ البناية أمس الاثنين.
وبقى اطار النافذة في مكانه لم يمس لكن الزجاج المهشم وانبعاث الدخان الأسود الناتج عن اطلاق الصواريخ وقف شاهدا على المجزرة بالداخل.
وقال فادي أبو صلاح عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «كان أبو علي مصطفى بداخل مكتبه كالعادة حينما سمعنا انفجارا كبيرا وكان هناك اتربة كثيرة وحطام زجاج متطاير».
وأضاف «وبعدها بثوان سمعنا انفجارا آخر وهرعنا الى مكتب أبو علي مصطفى وكان هناك الكثير من التراب وكان هناك حريق وظللنا ننادي عليه لكنه لم يرد وبعدها ذهبنا الى كرسيه وعرفنا ان (الصواريخ) اصابته».
وقال مساعدو أبو علي مصطفي وحرسه الشخصي الذين هرعوا الى موقع الحادث ان الصواريخ اطاحت برأس زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (64 عاماً) وهو أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية.
وقال الجيش الإسرائيلي ان أبو علي مصطفى وجماعته وراء العديد من التفجيرات بسيارات ملغومة منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقال خليل عوارثة الذي كان يعمل بورشته خارج المبنى « شاهدت صاروخا من الجهة الشرقية يخترق البناية بعدها صعدت وآخرون الى مكتب أبو علي مصطفى فوجدناه راقدا على مكتبه وقد تفحم تماما ونقلناه الى المستشفى..
والحقت القذائف أضرارا فادحة داخل مكتب أبو علي مصطفى الذي كان متصلا بشقته السكنية وخلفت كومة من المعادن الملتوية والزجاج المهشم. وغطت الأوراق أرضية المكان واختلطت برائحة المعادن المحترقة والدماء المراقة.
وتمزق العلم الفلسطيني بشدة حتى صعب التعرف عليه.
وجلس حرسه الشخصيون ينتحبون خارج البناية التي تقع في ضاحية البيرة بمدينة رام الله في الضفة الغربية وبعضهم لطخت ملابسه ببقع الدم.
وهرع جيران أبو علي مصطفي في البناية السكنية الى مسكنه لمعاينة الدمار.
وكانت زوجة أبو علي مصطفى وأطفاله الخمسة الذين يعيشون في دمشق في اجازة بالخارج حينما وقع الهجوم وقد شكل اغتيال أبو علي مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اطار الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة لتصفية القيادات الفلسطينية.
وجاء الاغتيال الذي سارع الجيش الإسرائيلي الى تبنيه بعد ساعات على اجتماع عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون لحكومته الأمنية لتحديد «الرد» على عمليات استشهادية فلسطينية مسلحة أوقعت سبعة قتلى إسرائيليين خلال اليومين الماضيين.
لكن أبو علي مصطفى لم يكن مجرد ناشط فلسطيني في الانتفاضة فحسب بل انه قيادي فلسطيني تاريخي.
وقال وزير الثقافة والإعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه في وصفه انه «أحد أهم خمسة قياديين في منظمة التحرير الفلسطينية».
واعتبرت السلطة الفلسطينية على لسان نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان إسرائيل وباغتيالها أبو علي مصطفى «تكون قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء».
وبالرغم من التصعيد الكبير في الهجمات الإسرائيلية ضد الانتفاضة والمقاومة إلا ان اختيار إسرائيل تصفية قائد فلسطيني بمكانة مصطفى كان أمرا غير متوقع. وباغتياله تكون إسرائيل قد انتقلت من استهداف الناشطين والكوادر في الانتفاضة الى مستوى قيادات الصف الأول ومن شخصيات من عيار ثقيل.
واعتبر مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية ان اغتيال أبو علي مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يعكس قرارا إسرائيليا بتصفية القيادة الفلسطينية.
وقال البرغوثي في حديث لوكالة فرانس برس «هذا قرار بشطب القيادة وإعلان حرب على القيادة السياسية لبث حالة رعب في صفوف القيادات التي تتبنى سياسة الانتفاضة».
وأضاف ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون «يضرب في كل مكان ودون قيود وعلى القيادة الفلسطينية وكل أجهزتها ان تعمل من أجل الانخراط في الانتفاضة».
وعمليا فإن حكومة شارون أخذت خلال الأشهر الماضية باستهداف قياديين وناشطين فلسطينيين أكثر وزنا مع كل عملية اغتيال نفذتها.
وفي نهاية شهر تموز/ يوليو الماضي شن الجيش الإسرائيلي هجوما مشابها تماما لهجوم أمس في رام الله حيث قتل ثمانية فلسطينيين في مكتب لحركة حماس في نابلس بشمال الضفة الغربية بينهم اثنان من أبرز قياداتها السياسيين.
وفي الاسبوع الماضي نجا جهاد المسيمي من مخيم بلاطة قري نابلس وهو ضابط برتبة عقيد في الشرطة الفلسطينية وأحد قيادات حركة فتح من محاولة اغتيال اعترف بها الجيش الإسرائيلي.
وكان مروان البرغوثي المتحدث باسم الانتفاضة وأبرز قادتها نجا من محاولة اغتيال مشابهة أيضا أمام مكتبه في مدينة رام الله الشهر الماضي.
إلا ان اغتيال أبو علي مصطفى كان الأبرز في سلسلة الاغتيالات هذه التي تواصلها إسرائيل منذ اندلاع الانتفاضة قبل 11 شهرا.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان أن أبو علي مصطفى كان يقف وراء هجمات نفذتها الجبهة الشعبية في إسرائيل.
وقال افي بازنر أحد المتحدثين باسم شارون ان مصطفى «ليس سياسيا بل إرهابي خطير» متناسيا أن إسرائيل هي بؤرة الإرهاب.
في حين ان سيرة هذا الفلسطيني الذي بدأ مسيرته في العمل الوطني الفلسطيني منذ كان في السادسة عشرة تقول انه «كان زعيم الجناج البراغماتي في الجبهة الشعبية».
|
|
|
|
|