| الثقافية
الرواية هي فن من أرقى الفنون، بدأت ملامحها في العالم العربي من خلال مؤلفات قديمة «ألف ليلة وليلة» و«كليلة ودمنة» المنقول من الأدب الهندي بواسطة عبدالله بن المقفع ولم تتطور تلك المحاولات ذات السمات البدائية في أدوارها الفنية التي لم تخرج عن نطاق السرد العادي والقوالب التقليدية، إلا أن ذات الفن استلهمه الغربيون من العرب ووضعوا عليه بصمات تحديثية جعلته واحداً من أهم الفنون في العالم، وتطورت المدارس الروائية تطوراً كبيراً واحتفظت ذاكرة العالم بآمال ليوتولوستلوي وهيمنجواي وسيتفان زيفانج، وأخذ العالم كله ينحو تجاه الرواية بوصفها إداة فنية قادرة على اكتشاف الواقع واستشراق المستقبل وتشريح المجتمع وسبر أغوار الشخوص بالإضافة للمتعة الذهنية والوجدانية التي يحظى بها الكتّاب والقارئ على حد سواء.
ولم تقتصر النهضة الروائية على أوروبا وأمريكا، فالفائز بجائزة نوبل 1988م نمابريل غرثيا كرس لوحده ضخم للأدب الروائي بأمريكا اللاتينية كذلك وول سوينكا النيجيري بغض النظر عن صفته كشاعر أيضاً ولا ننسى الاسهامات الصينية، أو حصول الأديب المصري نجيب محفوظ على الجائزة 1988م، ولا نعني بهذا ان الجائزة هي محط آمالنا فكم من مبدع كبير هضمت الجائزة حقه غير اتهامات تلاحقها بعملاء الغرب والروائح السياسية الايدولوجية حولها لكن الكلام يجرنا لمناقشة المشهد الروائي السعودي فلسفات طويلة ظلت الرواية السعودية غير ذات عمق ومضامين حية، ولم تكن إلا محاكاة للواقع ونقلاً حرفياً له، لكن السنوات الأخيرة شهدت تقدماً في مجالات الرؤية الفنية والبناء الدرامي واللغة خاصة في أعمال عبده خال رغم الاهتمام الكبير الذي حظيت به أعمال تركي العمر وغازي القصيبي إلا أنهما يظلان أكثر إبداعاً في مجالات أخرى، بخلاف عبده خال الذي يعمل في صمت وبروية كبيرة تؤهله لأن يكون روائيا وقاصاً من طراز فريد، والمشاهد على تطور الرواية السعودية وتقديمها النقاشات والحوارات المستضيفة بين المهتمين العرب بشأن الرواية ورؤاهم حول أعمال تركي، غازي، وعبده خال.
وفي الآونة الأخيرة اتجه كاتب سعودي هو أحمد أبو دهمان لتسطير عمل باللغة الفرنسية لفت به الأنظار للرواية السعودية ورغم النقد الذي لاقته الرواية من بعض الأقلام بوصفها رواية ضعيفة وانها حظيت بالاهتمام فقط لأن كاتبها لا ينتمي لأقاليم شكلت حضوراً كبيراً على المسرح الروائي العالمي، إلا أن الرواية أحدثت خلخلة في البناءات النقدية الغربية والعربية حيال الرواية السعودية ونبهت النقاد إلى امكانية دراسة الرواية السعودية بوصفها أداة فنية تعالج وتقدم مجتمعاً لم تتطرق إليه الرواية من قبل وتكتشفه من جديد..
فهل يعني هذا ان مرحلة جديدة في الرواية السعودية على وشك الظهور أم أن ما يحدث الآن مجرد ظاهرة ستؤول إلى الخفوت وسط ضجيج الشعر الشعبي الذي يمسك بزمام المشهد الثقافي السعودي الآن؟.
ابراهيم المعطش
|
|
|
|
|