| مقـالات
حتى وقت قريب كنت اعتقد أن الادب الجيد يفرض نفسه رغم كل العوائق، حتى قال لي صديق كان يعمل هنا، انه سوف يسافر إلى بلاده، وعندما سألته لماذا السفر وأنت تقرأ وتكتب وتعمل هنا وتسافر بين وقت وآخر لتمضية إجازات قصيرة وطويلة كلما عن لك ذلك إلى بلدك، فقال لي بأسى ان الكاتب او الاديب لا يكفي ان يكتب القصص والروايات أو الشعر والمسرح، بل لابد كلما أصدر كتاباً ان يقوم بجولات بين النقاد والصحافيين، لاهدائهم ما نشر من المؤلفات اولاً بأول، بل لابد من تعقب النقاد الجدد والكبار والمستشرقين ، ومعرفة عناوينهم وحركات غدوهم ورواحهم، ليستطيع إقناعهم باقتطاع جزء من وقتهم لقراءة مؤلفه والكتابة عنه وبدون ذلك ياصديقي فإن أحداً لن يكتب عنك، فقد غدت الحالة صعبة ومؤلمة، ان لم تخدم على ما تكتب فإنه سيصبح مع مرور الوقت مثل قبض الريح، من الهواء والى الهواء!
أما الجانب الثاني من التخديم فهو في زيارة الاذاعة والتلفزيون وعقد الصداقات وربما تقديم الهدايا لمعدي البرامج أو رؤساء الاقسام الثقافية، ليطل الاديب متحدثا عما ألف من الكتب، وهناك القيمين على الاندية الثقافية والنوادي الاجتماعية، حتى هؤلاء بحاجة لمن يلفت نظرهم او لمن يوصيهم على اديب او كاتب لتتم استضافته في ندوة او مهرجان محلي!
وهناك جانب ثالث في غاية الاهمية والخطورة، وهو ما يتعلق بالمؤتمرات والاسابيع الثقافية والمهرجانات التي تعقد في الخارج، هذه الاماكن لها في كل بلد عمدة، يزكي من يذهب الى هناك، لذلك فإنك تجد هذا العمدة يتنقل في المقاهي والمنتديات كالطاووس، اما لو زرته في الصحيفة أو الهيئة التي يتبوأ فيها مركزاً مرموقاً فإنك سوف تجده محفوفاً بموظفيه وطالبي تزكيته وهو يتحدث ويوجه ويصدر التعليمات وكانت شهرة هذا أو ذاك من الادباء طوع بنانه، يطلقها متى ما اراد، ويقبرها متى ما اراد.. ان هذه النوعية من المثقفين الواصلين لايتحركون إلا محفوفين بهواة التخديم على إنتاجهم، وهم يدفعون الغالي والنفيس ليرضى عنهم هذا العمدة، ويطلقهم الى خارج الحدود عبر توصية لرئيس مهرجان او جامعة او مستشرق!
أما البعض الآخر من الادباء القادرين فإنهم يخدمون انفسهم خارجيا بأنفسهم من خلال المكالمات الهاتفية والفاكسات وارسال المؤلفات والهدايا الى جميع الدول، ولديهم قائمة لا تكذب بمواعيد الندوات والمهرجانات الخارجية. ان التخديم على الادب اصعب من كتابة الادب واكثر الماً ومعاناة، لذلك لم ألم صديقي وهو يحزم حقائبه مسافراِ الى بلده لكي يخدم على ما يكتبه من القصص والروايات.
فاكس 4533173
|
|
|
|
|