| العالم اليوم
* بلجراد د.ب.أ:
فجر قاتل محترف في شوارع بلجراد بركانا سياسيا في أوائل آب/أغسطس الحالي كشف تماما العداوة بين الرئيس اليوغسلافي فويسلاف كوستونيتشا ورئيس وزراء صربيا زوران دينديتش وهما حليفان ظاهريا ويبدو أنهما بدآ يتصارعان على غنائم الثورة التي قاداها قبل 10 أشهر مضت، ففي الثالث من آب/أغسطس، الحالي قتل مهاجمون مجهولو الهوية ضابطا سابقا برتبة كولونيل في الشرطة السرية الصربية، هو مونير جافريلوفيتش، بعد ساعات من اجتماع مطول مع المساعدين المقربين لكوستونيتشا.
وفي غضون أيام، سربت مصادر من مجلس وزراء كوستونيتشا لوسائل الإعلام معلومات بأن جافريلوفيتش قدم أدلة على أن وزراء دينديتش لهم صلة بالجريمة المنظمة، مما أوحى مباشرة بأن قتله كان بسبب ما كشف عنه من أدلة.
ورد دينديتش، ومعه معظم أعضاء ائتلاف المعارضة الديمقراطية لصربيا المكون من 18 حزبا، بأن طالبوا بإبراز هذه الادلة المزعومة واتهموا كوستونيتشا والحزب الاشتراكي الديمقراطي لصربيا الذي يتزعمه، وهو من الاحزاب المشاركة في الائتلاف، بشن حملة تشهير خطيرة على حد وصفهم.وقد استمر تصاعد المواجهة واتساعها مما أدى إلى انسحاب وزراء الحزب الاشتراكي الديمقراطي لصربيا من مجلس وزراء دينديتش. على الرغم من تأكيدات الحزب بأنه لن يسقط الحكومة ويفرض إجراء انتخابات مبكرة في صربيا قبل تحقيق الاصلاحات الدستورية، ولكن كثيرا من المراقبين في بلجراد يرون أن ما حدث بعد مقتل جافريلوفيتش يعتبر بداية غير رسمية لحملة الانتخابات المقبلة التي سيتنافس فيها كوستونيتشا ودينديتش وحدهما للفوز بها. وكوستونيتشا، وهو سياسي قومي هزم سلفه القوي سلوبودان ميلوسيفيتش في الانتخابات في أيلول/سبتمبر الماضي بوصفه مرشحا عن ائتلاف المعارضة الديمقراطية لصربيا، يعتبر بكل المقاييس أكثر الزعماء السياسيين شعبية في صربيا.إلا أن كوستونيتشا تعرض لعزلة عميقة منذ معارضته للاخرين في ائتلاف المعارضة الديمقراطية لصربيا بشأن تسليم ميلوسيفيتش إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي في يونيو الماضي.
وبفضل الوعود الكبيرة من المانحين الاجانب التي بلغت حوالي 3. 1 مليار دولار بعد أن سلم ميلوسيفيتش للمحكمة. كسب دينديتش المثير للجدل أرضية رغم أنه لا يستطيع أن يأمل في الوصول إلى شعبية منافسه، لكن حزب دينديتش. وهو الحزب الديمقراطي لصربيا. يتمتع بقوة اقتصادية وبنية تحتية تفوق بكثير قوة الحزب الاشتراكي الديمقراطي لصربيا بزعامة كوستونيتشا كما أنه يتمتع بتأييد زعماء أحزاب من ائتلاف المعارضة الديمقراطية لصربيا يتعرضون لهجمات من كوستونيتشا. وهي أحزاب صغيرة ولكن لها نفوذ من خلال الحقائب الوزارية التي تمتلكها. والانتخابات المبكرة في صربيا ستجري عاجلا أو آجلا، وستوضح الاستقطاب الناتج عن التحالف المفروض للمتنافسين بين دينديتش وكوستونيتشا.
فإذا ما أسفرت النتيجة عن مشاركة أخرى بين الاثنين، فإنها سوف تقوم بشروط جديدة بدلا من البرنامج البالي الذي وضع في الصيف الماضي والذي كان هدفه الوحيد هو تنحية ميلوسيفيتش عن السلطة، كما أن المشاركة الجديدة سوف تدخل إصلاحات في السلطة التنفيذية وتحول بعضها من الموافقة بإجماع الآراء في اتخاذ القرارات داخل اجتماعات خلف أبواب مغلقة لزعماء ائتلاف المعارضة الديمقراطية لصربيا. إلى مؤسسات الدولة وهي خطوة تحتاجها صربيا بشدة، وهناك أمور غير معروفة قليلة وهامة في الانتخابات المقبلة وهي تتمثل في المعارضة التي تتكون من أحزاب النظام السابق التي من المحتمل أن تستفيد بالنفوذ الهامشي الحالي إلى أقصى حد.ومجوعة الخبراء الاقتصاديين ذات النفوذ المعروفة باسم «جي17 بلاس» قد تختار أن تتحول إلى مجموعة سياسية خالصة وتخوض الانتخابات مستقلة بنفسها وخبراء هذه المجموعة مفوضون من جانب ائتلاف المعارضة الديمقراطية لصربيا لادارة الاتصالات نيابة عن صربيا والحكومة الفدرالية مع المانحين الدوليين والمؤسسات المالية.
وإذا ما حدث ذلك، فإن جي17 بلاس قد تتحالف مع دينديتش الواقعي للاشتراك معه واستغلال استعداده لقبول الشروط التي يضعها الغرب لاستمرار المساندة المطلوبة بالحاح.
وعلى أية حال، فإن رئيس وزراء صربيا قد يستفيد من موقفه المتعاون إذا ما بدأت المساعدة الموعودة في التدفق. وإذا لم تتدفق، فإن كوستونيتشا سوف يذكر الناخبين بأنه رفض التعاون المشروط وخاصة فيما يتصل بتسليم ميلوسيفيتش.
وبعد عملية تحرير الاسعار الصعبة والتي لم تستكمل حتى الآن، وقبيل جهود إصلاح الشركات المتعثرة التي تجعل مئات الآلاف من العمال يخشون من فقدان أعمالهم، والشتاء الذي من شأنه أن يشهد ثانية نقصا في إمدادات الطاقة، فإن وصول المساعدات بسرعة أو عدم وصولها سوف يقرر أكثر من أي شيء آخر ما قد يكون كافريلوفيتش المقتول قد كشفه أو لم يكشفه.
|
|
|
|
|