| عزيزتـي الجزيرة
* * كنت بعون الله وتوفيقه أتمتع برباطه جأش وموقف صامد عند الشدائد وملمات الحياة ومصائبها وهو مايتمنى أن يكون عليه الكثير من الزملاء والاصدقاء.. ولكن فجيعتي ومصيبتي في فقدان الشقيقة العزيزة «جواهر» كانت أكبر من أن أصمد وأتجمل أو أتحمل كالعادة لأن الفقيدة رحمها الله وعوضّها عن شبابها خيراً كانت تمثل لنا نحن أشقاءها شيئاً آخر في هذه الحياة فهي لم تكن لنا شقيقة تشاركنا في حمل الاسم وتقوم بما يمليه عليها واجبها فقط.. بل إنها بطيبتها وسمو أخلاقها وحنانها الفياض كانت تقوم بأدوار أكبر وأعظم من دور الأخت، فقد كانت تمثل الأم في غيابها حيث تجسد ذلك الدور في الكثير من المناسبات التي كنا نجد في «جواهر» العون والسند في أمور نجهلها أو أمور نحتاج خلالها الى امرأة مخلصة محبة نستأنس برأيها ونصغي لمشورتها ونستفيد من تجربتها النسائية.. ففي الأفراح كانت هي عراب كل مناسبة سعيدة.. فهي الواجهه والخاطبة ومن يشتري الشبكة وكل مايخص زوجاتنا من هدايا قبل الزواج.. وحتى أثناء اللحظات الحرجة في حفل الزواج هي امامنا وعلى رؤوسنا تساعدنا وتنقذنا من ورطة حقيقة وموقف محرج يتمثل في عدم معرفتنا كيفية تقليد زوجاتنا مانقدمه لهن في البداية من عربون ارتباط ومحبة، وهي قبل هذا وذاك من يدبر و«يعبر» حتى ينفض المولد دون ان تخرج منه هي سوى بابتسامة الرضا ومشاعر الفرحة وهي ترى إخوتها سعيدين هانئين بحياة زوجية سمتها الألفة والمودة.
* * ودور شقيقتنا الكبرى عليها رحمة الله ومغفرته لايتوقف عند هذا الحد فهي معين لا ينضب من الدفء والحنان فدائما ما نجتمع في منزلها ودائما مانحس ونحن نلتقي بها بشعور من الراحة والطمأنينة والسعادة.. ولذا فإننا فقدنا برحيلها جزءاً مهماً في حياتنا وركنا من أركان أسرتنا وتركت من خلفها فراغا من الصعب جداً ان يملأه احد بعدها.. فالوجه البشوش والاستقبال الحار الذي نلاقيه دائما منها كان ملح حياتنا ونورها واملاً يضيء لنا دروب دنيانا المليئة بطبيعتها بالكثير من المشاكل التي تتضاءل وتخف وطأتها بمجرد رؤية وجهها المتفائل المتميز بالابتسامة العذبة والنظرة البريئة التي نرى فيها نافذة مضيئة تطل على حياة جديدة مشرقة بروح التفاؤل والأمل في الحاضر والمستقبل.
* * لقد رحلت الغالية «جواهر» وتركت في القلب لوعة وفي النفس حسرة على فراقها.. وخلفت من ورائها أربع بنات و«صالح» الذي لايتجاوز عمره الثلاث سنوات والذي كلما رأيناه يلعب أمامنا ببراءة الاطفال المعهودة تتجدد احزاننا وتسيل دموعنا وترفض ان تجف مآقينا.. ولا نلام على ذلك فقد فقدنا عزيزة غالية نسأل الله عز جلاله وشأنه ان يشملها برحمته ومغفرته ونسأله وهو الجواد الكريم أن يلطف بنا في مصابنا ويخفف من آلامنا وأحزاننا في فقدان أعز الحبايب وأغلى الأقارب.. وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان.. ويجمعنا بها في دار النعيم.. والحمدلله في كل الأحوال على قضائه وقدره.. نافذ فينا أمره وماضٍ فينا حكمه.. له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار.. ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».
خالد الدلاك
|
|
|
|
|