| الاقتصادية
* القاهرة - مكتب الجزيرة:
* تحقيق - عبد الله الحصري:
يمر الاقتصاد المصري منذ عام 1997م بظروف حرجة تسببت في تباطؤ نموه وانعكاس ذلك سلبيا على شتى مناحيه حيث تدنى اداء البورصة وانخفض الاحتياطي من النقد الاجنبي عاما بعد الآخر من 21 مليار الى 14 مليار فقط، وحاولت الحكومة المصرية دون استمرار هذا التباطؤ الا ان محاولاتها تبوء بالفشل بسبب اتخاذها بعض الاجراءات التي زادت الامر سوءا كان آخرها فرض المرحلة الثانية من ضريبة المبيعات ثم تخفيض قيمة الجنيه المصري،
خبراء الاقتصاد يؤكدون ان الاقتصاد المصري يمر بأزمة ويدللون على ذلك بالارقام الرسمية حيث بلغت نسبة العجز الاجمالي للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 99/2000م حوالي 8، 4% من الناتج المحلي الاجمالي مقابل عجز نسبته 2، 4% للعام السابق له، وبلغت قيمة هذا العجز حوالي 2، 16 مليار جنيه وكان العجز في العام السابق له 4، 9 مليار جنيه وبخلاف ذلك فان الحكومة فرضت المرحلتين الثانية والثالثة من ضريبة المبيعات لتعويض هذا العجز فيما وصفه الخبراء بأنها سياسة تخبط ادت الى اشتعال الاسعار،
وهروبا من مواجهة ارتفاع الدولار المستمر أمام الجنيه قررت الحكومة تخفيض الجنيه فجأة بمقدار 37 قرشا فارتفع السعر من 390 قرشا الى 427 قرشا الامر الذي أدى الى زيادة أسعار كافة السلع المستوردة وتوقف المستوردون مؤقتا عن استيراد صفقاتهم من الخارج خشية تحقيق خسائر لان زيادة الدولار بمقدار 37 قرشا فجأة يكبدهم خسائر هائلة، ،
26 نوعا من الضرائب:
ويشير محمد فريد خميس عضو مجلس الشورى ورئيس مجموعة «النساجون» ان الصناعة المصرية تواجه 26 نوعا من الضرائب والرسوم ليس لها مثيل في العالم بالاضافة الى الرسوم الجمركية على الآلات والمعدات وقطع الغيار ومستلزمات الانتاج التي لا تصنع محليا وتتراوح ما بين 5% الى 30% رغم التخفيضات التي اجريت على السلع تامة الصنع والسلع الوسيطة بالاضافة الى ضريبة تبلغ نسبتها 10%،
ويضيف ان هناك رسوما اخرى تطبق على الآلات ومدخلات الانتاج تتراوح بين 1% الى 4% من قيمة الرسائل الخاضعة للضريبة وايضا هناك رسم آخر على الآلات وقطع الغيار ومستلزمات الانتاج نظير استخدام الكمبيوتر يبلغ عشرة جنيهات على كل بند من البنود الجمركية،
وينتقد محمد فريد خميس السياسة الضريبية التي ادت الى تحميل المنتج المصري بأعباء رهيبة جعلته عاجزا عن مواجهة المنتجات العربية او الاجنبية، مشيرا الى ان الدول العربية هي المستفيد الاول من اتفاقياتها التجارية معنا حيث تكسب السلع العربية المنافسة امام منتجاتنا المحملة بضرائب ورسوم تفوق الحد، مشيرا الى وجود ضريبة 32% على القيم المنقولة في حالة الاستثمار في اوراق مالية في جهات اخرى، وضريبة تأمينات اجتماعية على الاجور نسبتها 40% يتحمل منها صاحب العمل 26%، وضريبة الدمغة النوعية التي تبدأ من 006، 0% وتنتهي عند 008، 0%،
ويؤكد فريد خميس ان سبب تباطؤ الاقتصاد المصري ونقص السيولة التي يواجهها يرجع الى العجز الكبير في الميزان التجاري حيث تقف صادراتنا عند حد 4 مليارات دولار مقابل 16 مليار دولار واردات وهو عجز هائل لا تفلح معه اي قرارات حكومية مشيرا الى ضرورة رفع كافة الضرائب والرسوم عن المنتج المحلي حتى يستطيع المنافسة مع نظيره المستورد،
الرقابة والقطاع المصرفي:
ويهاجم الدكتور حمدي عبد العظيم عميد اكاديمية السادات عدم احكام الرقابة على القطاع المصرفي من جانب البنك المركزي وهو ما تسبب في ضياع ملايين الجنيهات على البنوك بعد ان هرب مقترضوها للخارج اثر تحويلها للبنوك الامريكية او الاوروبية،
وقد حصل ثمانية من عملاء البنوك الكبار على 12 مليار جنيه ولا يمر يوم الا ونسمع فيه عن عميل هرب للخارج بعدة ملايين من الجنيهات كان ابرزها هروب البليدي بحوالي 89 مليون جنيه،
وأضاف ان الحكومة ارتكبت أخطاء فادحة خلال الفترة الماضية ابرزها اصرارها على فرض المرحلتين الثانية والثالثة من ضريبة المبيعات التي وقف التجار ضدها وقاموا باضراب يومين متتالين احتجاجا على التطبيق، الا ان الحكومة أصرت على التطبيق الامر الذي ادى الى احداث تباطؤ رهيب في عمليات البيع والشراء وارتفاع الاسعار بنسب بلغت 30% في بعض السلع مشيرا الى ان الهدف من الضريبة هو تعويض العجز في ميزان المدفوعات وتدبير جزء من السيولة المفقودة تقريبا،
مطلب صندوق النقد:
ويضيف ان تخفيض الجنيه كان مطلبا ملحا لصندوق النقد الدولي منذ سنوات، وكانت الحكومة المصرية ترفض دائما هذا المطلب، ولكنها فجأة قررت الاخذ به بحجة ان ذلك سيدفع الصادرات حيث ستنخفض اسعار المنتجات المصرية مقومة بالدولار فيزيد حجم الصادرات مقابل زيادة اسعار الواردات مما سيدفع المستثمرين لتقليل الواردات فيقل بالتالي العجز في الميزان التجاري،
ويؤكد ان المعادلة بهذا الشكل صحيحة نظريا لكن عمليا لن يحدث لأن الواردات لن تتوقف لانها سلع استثمارية ووسيطة وغذائية، كما ان الصادرات لكي تزيد تتطلب تغييرا شاملا في تعامل الحكومة مع المنتجات الوطنية بالغاء الرسوم والضرائب عنها،
احتياطي كاف:
ويرى الدكتور منير هندي الخبير الاقتصادي ان التعامل مع مشكلة سعر الصرف لن ينتهي بمجرد صدور قرارات تحدد السعر بل يتطلب الامر اتخاذ حزمة من الاجراءات اهمها توفير احتياطي كاف لدى البنك المركزي يستخدمه لتغطية مراكز البنوك التي تلبي طلبات شراء الدولار مهما كان مصدرها مثلما كان الوضع منذ ثلاث سنوات حيث كان يباع الدولار ويشترى بحرية تامة عن سعر 339 قرشا مع هامش قرش او قرشين بين سعري الشراء والبيع،
ويؤكد ان تحريك الدولار بهامش ربح 3% يؤدي الى خلق المضاربة على الدولار وهو ما حدث بالفعل حيث بلغ سعر الدولار 427 قرشا واصبح له اكثر من سعر مما حدا باتحاد الغرف التجارية الى مطالبة الحكومة بعمل غرفة تداول تضم في عضويتها شعبة الصرافة ووزارة الداخلية والبنك المركزي مهمتها متابعة اسعار الدولار حتى لا ترتفع اسعاره عن السعر المحدد بهامش 3%،
ويضيف ان على الحكومة ان تسعى الى وضع استقرار لاسعار الصرف مع الدفاع عن السعر الذي تضعه حتى لا تفاجأ بأن الدولار وصل الى 500 قرش بنهاية العام الجاري في ظل هذه المضاربة التي بدأ بعض رجال الاعمال بتجهون اليها كأفضل عناصر الاستثمار في هذا الوقت،
تراجع البورصة:
وفيما يتعلق بالبورصة المصرية فان حالها لا يسر عدوا ولا حبيباً بعد ان اصبحت كالجثة الهامدة حيث انسحب منها الكبار ولم يبق الا الصغار الذين ينتظرون الفرج لعلهم يحصلون على جزء من الارباح بعد الخسائر التي تكبدوها،
ويؤكد الدكتور عصام خليفة عضو مجلس ادارة جمعية الاوراق المالية ان تراجع البورصة انعكاس لتراجع الاقتصاد المصري الذي عانى من نقص السيولة وارتفاع اسعار العملات الاجنبية وانخفاض ارباح الشركات وتوقف برنامج الخصخصة تقريبا اضافة الى ضريبة المبيعات التي فرضت مؤخرا مما اثر بالسلب على اداء البورصة بشكل كبير،
ويرى ان ارتفاع نسبة شراء الاجانب في البورصة بالرغم من تراجعها المستمر يرجع الى اقبال الاجانب على شراء السندات لارتفاع هامش ربحها بالمقارنة بالسندات الامريكية حيث يصل في مصر الى 12% مقابل 4% في امريكا،
ويرى الدكتور منير هندي ان تسجيل البورصة المصرية في مؤشر مورجان ستانلي لا يكفي لتنشيطها بدليل انهيار بورصة المغرب عقب تسجيلها في هذا المؤشر، مشيرا الى ان اصلاح الاقتصاد هو الاساس لاصلاح احوال البورصة التي هبط بها التعامل اليومي بالكاد الى ما دون ال20 مليون جنيه بينما كان التعامل فيها منذ سنوات يبلغ 400 مليون جنيه يوميا،
وآخر احوال البورصة طبقا لتقريرها ان 63 شركة من الشركات الاكثر نشاطا تراجعت اسهمها عن سعر الطرح بنسب متفاوتة بينما ارتفعت اسعار اسهم 12 شركة فقط،
تراجع في المعدلات:
الدكتور محمود عبد الفضيل رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يرى ان الاقتصاد المصري بدأ يتراجع بعد عام 1997م عقب ازمة دول جنوب شرق آسيا بسبب الاتجاه المتزايد للاستيراد للاستفادة من انخفاض اسعار منتجات دول جنوب وشرق آسيا حتى زادت الواردات المصرية الى 17 مليار دولار في عام 1998م ثم حدث نوع من التحسن في الفترة من يناير 1999م حتى يناير 2000م ثم تلا ذلك تراجع كبير في المعدلات الاقتصادية،
واكد ضرورة التنبؤ بالازمات الاقتصادية قبل حدوثها حتى لا يصيبنا ما أصاب دول جنوب وشرق آسيا وذلك بوضع مؤشر للانذار المالي يمكن التنبؤ من خلاله بالاحوال الاقتصادية،
سياسة البنك المركزي لا تتغير:
ويشير الدكتور محمود الامام وزير التخطيط الاسبق الى ان سياسة البنك المركزي تجاه ازمات سعر الصرف لا تتغير وان تغيرت القرارات، فالسياسة التي ينتهجها المركزي تتمثل في تحديد سعر الصرف الذي يظل ثابتا عدة ايام ثم يعود مرة اخرى للارتفاع وظهور السوق السوداء وهو ما يؤدي الى استمرار الازمة، ، اما الحل الامثل لذلك فيكون في عدم السماح للمصريين بحيازة الدولار خارج مصر، اي لا يكون هناك سيولة نقدية من عملات اجنبية ويجب التعامل بها من خلال الشيكات وليس نقدا،
ويرى الامام ضرورة وجود سوق موحدة للجنيه بين الصرافة والبنوك مع وجود جهاز رقابي وتحليل للطلب على اسعار الصرف،
أين الادارة الاقتصادية:
عبد الستار عشرة المستشار الاقتصادي لاتحاد الغرف التجارية المصرية يرى ان هناك خللا واضحا في ادارة الاقتصاد المصري بدليل اصرار وزارة المالية على فرض ضريبة المبيعات على التجار قبل عشرين يوما من بدء فعاليات مهرجان السياحة والتسوق ثم تصدر قرارات البنك المركزي اثناء فترة المهرجان بتخفيض سعر الجنيه مقابل الدولار بنسبة 36% وكل هذه القرارات احدثت شيئا من البلبلة في السوق فارتفعت الاسعار بشكل كبير من جهتين:
أولا: ارتفع سعر المستورد نتيجة لزيادة سعر الدولار مقابل الجنيه حتى ان ما تم استيراده بالفعل قبل زيادة سعر الدولار قام التجار بزيادة اسعاره بحجة ان الدولار ارتفع سعره،
ثانيا: والكلام لعشرة استغل التجار فرصة المرحلتين الثانية والثالثة من ضريبة المبيعات فرفعوا اسعار السلع بنسبة تتراوح بين 20% و30% رغم ان الحكومة اعلنت مرارا ان الاسعار لن تزيد،
تزايد العجز في الموازنة:
ويضيف ان مؤشرات الموازنة العامة للدولة تؤكد تزايد العجز فيها بسبب نقص الايرادات العامة عن النفقات العامة وبما يزيد من مديونية الحكومة وكان ذلك هو السبب في الاصرار على فرض ضريبة المبيعات في هذه الفترة الحرجة وذلك يعبر عن سوء ادارة المال العام والارقام تؤكد ان العجز في الموازنة كان 3، 2 مليار جنيه عام 96/97 بنسبة 9، 0% من الناتج المحلي قفز عام 99/2000 الى 2، 12 مليار جنيه بنسبة 6، 3% من الناتج المحلي ثم واصل ارتفاعه الى 8، 13 مليار جنيه عام 2000/2001م بنسبة 3، 4% من الناتج المحلي ثم يصل الى 20 مليار جنيه في موازنة 2001/2002م ويتخطى نسبة ال6% من الناتج المحلي البالغ 318 مليار جنيه،
3، 64 مليار جنيه ضرائب:
ويشير الى ان العجز في الموازنة في تزايد مستمر رغم زيادة الضرائب التي يتحملها المواطن المصري التي كانت 48 مليار جنيه عام 98/99 زادت الى 59 مليارا عام 99/2000 ثم اصبحت 3، 64 مليار جنيه عام 2000/2001م اضافة الى العبء الجديد بعد تطبيق المرحلتين الثانية والثالثة والتي من المتوقع ان ترفع الحصيلة في العام القادم الى 70 مليار جنيه،
من جهة أخرى وبالارقام الحكومية فان الدين العام اللازم لتغطية العجز في الموازنة العامة يتزايد باستمرار فبعد ان كان 148 مليار جنيه عام 97/98 ارتفع الى 201 مليار عام 99/2000 ثم وصل في ديسمبر 2000 الى 225 مليار جنيه وذلك بخلاف الدين العام الخارجي البالغ 40 مليار جنيه ليصبح اجمالي الدين العام 265 مليار جنيه وبنسبة 83% من الناتج المحلي الاجمالي،
ونتيجة لتزايد الدين العام زادت اعباؤه لتصبح الاقساط المسددة سنويا والفوائد عليها حوالي 28 مليار جنيه في موازنة 2000/2001م تلتهم ما نسبته 25% من اجمالي النفقات العامة،
|
|
|
|
|