أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 27th August,2001 العدد:10560الطبعةالاولـي الأثنين 8 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

«القضيَّة» في مذكرات بيكر
د. عبدالله الصالح العثيمين
كان جيمس بيكر من أقل وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية سوءاً من حيث التعامل مع قضية فلسطين التي هي قضية العرب والمسلمين الكبرى، أو هي القضية وكفى.
على أن قلة سوء بيكر في ذلك التعامل لا يجعله، بطبيعة الحال، يرقى كفاءة إلى مستوى شخصيات مرت على وزارة خارجية تلك الدولة؛ مثل دالس، الذي اشتهر بقوته وغروره، أو الصهيوني كيسنجر، الذي عرف بدهائه ومكره. ومع عدم رقيه إلى مستوى كفاءة هذين الوزيرين فإنه حتما لاينزل إلى مستوى ضعف كفاءة وزير الخارجية الحالي.
واختلاف مستوى كفاءة وزراء خارجية أمريكا ليس أمراً غريباً بل إنه متفق تمام الاتفاق مع اختلاف مستوى كفاءة رؤساء هذه الدولة فمن البدهيات الواضحة أنه من الصعب المقارنة مثلاً بين شخصية ايزنهاور، الذي كان له من رصيده الذاتي في الحرب العالمية الثانية، ومن تجاربه الحياتية، ما له من عظمة ومكانة، وبين شخصية رئيسها الحالي، الذي ربما كانت سمعة أبيه أكثر من مؤهلاته الذاتية قد ساعدته في الوصول إلى ما وصل إليه أقول هذا دون أن أشبهه ب «خوات شمّا»، اللواتي وصلن إلى سدة الحكم في باكستان والهند وبنجلادش وأندونيسيا.
ما علينا.
إن تركيز كاتب هذه السطور، في ضوء قراءته لمذكرات بيكر، سيكون على ماورد فيها عن «القضية» قضية فلسطين.
لقد تحدث الوزير بيكر في مذكراته عن كثير من القضايا العالمية المهمة، والمتغيرات الدولية المختلفة، في فترة توليه وزارة الخارجية الأمريكية. ومع أن بعض هذه القضايا والمتغيرات تبدو لأول وهلة ان لا صلة لها بتلك القضية العربية الإسلامية فإن بين طياتها ما له علاقة بها من قريب أو بعيد.
إن ما حدث للاتحاد السوفييتي السابق مثلاً ترك أثره المهم على «القضية»؛ إذ أصبحت أمريكا وحدها وهي التي أثبتت إخلاصها للصهاينة من قبل إنشاء دولتهم على أرض فلسطين ومن بعد إنشائهم لها صاحبة الكلمة الأولى في كل ما يتصل بها. ألم يقل طيب الذكر والسيرة العطرة، الذي خرق السفينة العربية بالحل المنفرد: إن 99% من حلها في يدها؟
لاشك أن ذلك الطيب الذكر، العطر السيرة، حين قال ما قال كان يدرك غاية الإدراك أنه وأمثاله حينذاك قد فقدوا الإرادة ومن فقد الإرادة فقد القدرة على الحركة، ورضي بالأمر الواقع مهماكان سوء ضرباته، أو بعبارة أدق استسلم للمهانة والذل.
على أن الغريب في ذلك الشأن أنه لم يسأل أحد من المنتمين إلى مدرسة الحكيم المؤمن نفسه: وما هي النسبة التي يمكن أن تكون في يد حبيبة أمريكا التي لا تقاوم فتنتها، والتي يعرف الجميع مدى خوف عشاقها الأمريكيين من عواقب هجرها لهم أو عتابهم لها؟
أفلا يحس المرء عمق المعاناة التي يبديها بوش الابن فرج الله كربته الغرامية عندما قال ملتمساً عطف تلك الحبيبة:


ملكتِ القلبَ حتى باتَ فكري
يطوف فلا يرى أحداً سواكِ
بكل تراث أمريكا أضحِّي
إذا ما نلتُ في هذا رضاكِ

أجل.
إنها المعاناة البوشية النابعة من حب «بالفطرة» لدولة الصهاينة كما وصفه سفيره الصهيوني، أنديك، لدى هذه الدولة. وهي معاناة لا تساويها، أو تقرب منها، إلامعاناة نائب الرئيس المحترم جدا، من عشقه الذي يكنه للحبيبة ذاتها. لكن هذا النائب، فيما يبدو، أدرك ان لغة تعبيره بالفصحى لن ترقى إلى مستوى منافسة رئيسه، ففضل أن يعبر بالعامية قائلاً:


حبي لكم يابني صهيون
سيطر على كل وجداني
وقلبٍ هوى في هوى شارون
ناه «يا دان لا داني»

قال عفريت من الإنس:
لكن من أين لتشيني معرفة الهجيني والصوت؟
فأجاب الفقير إلى الله:
ألم تر أن سوق بيع القصائد رائجة منذ سنوات؟
وإذا كان هناك قادة يبيعون ضمائرهم وقضايا أمتهم فهل يلام محتاجون باعوا كلاما يطير به الهواء؟

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved