أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 26th August,2001 العدد:10559الطبعةالاولـي الأحد 7 ,جمادى الآخرة 1422

الثقافية

سيرتي الذاتيَّة
تأليف : برتراند رسل قراءة وتعليق:
حنان بنت عبدالعزيز بن عثمان بن سيف
اسم الكتاب: سيرتي الذاتية.
اسم المؤلف: برتراند رسل.
الطبعة: دار المعارف بمصر سنة 1970م وقد قام بترجمة هذا الكتاب عدد من الأساتذة الدكاترة الفضلاء.
لقد تحكمت في حياة مؤلف الكتاب برتراند رسل انفعالات ثلاثة بسيطة، غير أنها متناهية في القوة والحنين للحب، والبحث عن المعرفة، والإشفاق الشديد على الذين يقاسون ويتعذبون، وتقاذفته هذه الانفعالات كالرياح العاتية في طريق غير مستقيم فوق بحر عميق من العذاب يصل إلى حياة اليأس ذاتها.
بهذه العبارات المؤثرة بدأ المؤلف كتابه، واستهل بها خطابه، ولعل هذه المقدمة تبين الهدف السامي الذي عاش من أجله رسل، ونلمس في هذه العبارات السابقة صدق اللهجة، وحرارة العاطفة، وما أقرأ فيه هو ترجمة الكتاب لا أصل هذا الكتاب حيث يظهر من الاستهلال الجهد الذي بذله المترجمون في محاولة تقريب الترجمة قرباً تاماً من حديث المؤلف، لكن هذه الترجمة يغلب عليها أحياناً جانب الأدب والفن البلاغي، وأحياناً يغلب عليها جانب الترجمة الحرفية ولا أدري ما السبب؟ هل هو عائد إلى تقسيم العمل في هذا الكتاب بين الأساتذة المترجمين الفضلاء؟ أم هو عائد إلى اسلوب المؤلف نفسه والذي قد يتراوح حيناً بين استخدام العبارات الأدبية أو تركها في بعض مواضع الكتاب وهو مقسم إلى عدة فصول جاء الفصل الأول معنوناً له بالعنوان التالي «مرحلة الطفولة» ويحكي فيه المؤلف عن ذكرياته في الطور الأول من أطوار حياته، ويصف والديه بقوله: كان أبي متحرر الفكر وقد كتب مؤلفاً ضخماً نشر بعد وفاته أسماه «تحليل العقيدة الدينية»، كما كان يملك مكتبة عظيمة، ... لقد كانت والدتي كما عرفتها من خلال مذكراتها وخطاباتها قوية البنية، تفيض حيوية، لماحة، جادة قادرة على الابتكار لا يتطرق إليها الخوف، ويظهر من النص السابق أن كلاً من والديه كانا مثقفين، فوالده اللورد أمبرلي توفي منذ زمن وجيز، ووالدته وشقيقته توفيتا على إثر إصابتهما بالدفتريا بعد عام ونصف من وفاته، وقام بشؤون تربيته من بعد والديه جداه، وتعتبر شخصية جدته الاستكلندية الأصل أهم شخصية في حياته خلال هذه المرحلة، وحرصت على تنمية مواهبه فيقول: وقد اعتادت جدتي أن تقرأ لي بصوت عال وبهذه الطريقة أستطعت أن ألم بالأدب الإنجليزي إلماماً كبيراً، فقرأت معها شكسبير وملتون ودرايدن وقصيدة الواجب ل(كوبر)، وقصر الخمول ل(طومسون)، وفي سن الحادية عشرة بدأ في دراسة هندسة إقليدس، وهذا من أهم أحداث حياته، وكان يكره اللاتينية واليونانية ويقول: «كنت أحب الرياضيات أكثر من أي شيء آخر وبعدها التاريخ»، وفي هذا الفصل عرض لكل شيء حدث له في طفولته وكانت تعيه ذاكرته كما تعرض للمؤثرات البيئية الخارجية التي أثرت في هذه الطفولة، ويلي هذا الفصل الفصل الثاني وهو مرحلة المراهقة وفي هذه المرحلة طرأ عليه تغيير وهو استخدامه اللغة الدارجة وتظاهره بانعدام الشعور وتشبه بالرجال عامة، وكان من عادة أهله أن يفرضوا عليه محرمات كثيرة فتولدت عنده عادة الكتمان والمخادعة ويقول:«التي لازمتني حتى سن الحادية والعشرين، وأصبحت بعد ذلك أصدر عن طبع راسخ حين أحتفظ لنفسي بما أريد أن أفعله لا أفضي به لأحد، وفي هذه المرحلة من حياته كان كثير الاهتمام بالسياسة والاقتصاد، فقرأ كتاب مل «الاقتصادالسياسي»، وقرأ الفيلسوف هربرت سبنسر كما قرأ أيضاً مؤلفات الكاتب هنري جوج صاحب كتاب «التقدم والفقر»، وفي فصل الكتاب الثالث كامبردج أشار إلى أن والده كان قد تلقى تعليمه في كامبردج ولكن أخاه تعلم في أكسفورد، أما هو فقد ألتحق بكامبردج لاهتمامه بالرياضيات، وكانت بدايته في ديسمبر 1889م حينما دخل امتحان القبول للمنح العلمية ويشير إلى أن أعضاء هيئة التدريس في كامبردج لم يسهموا في متعته: «فقد كان العميد أشبه بشخصية خرجت لتوها من كتاب «المتعجرفين»، لثاكري وكان عادة يبدأ ملاحظاته بقوله: «منذ ثلاثين سنة تماماً»، أو بقوله: «هل تذكرون بالصدفة ما كان السيد بت يفعله من مائة سنة تماماً؟» ثم يمضي في سرد حكاية تاريخية تبعث على الضجر ليدلك على عظمة رجال الدولة الذين ورد ذكرهم في التاريخ».
وفي فصل الكتاب الرابع «الخطوبة» يتحدث المؤلف عن عائلة بيرسال سميث الأمريكية وهي تتكون من أب وأم متقدمين في السن وابنتهما ومعها زوجها، وابنة أصغر تطلب العلم في كلية برين مور للبنات في أمريكا، وكان لهذين الوالدين ابن وهو طالب في كلية باليول بجامعة اكسفورد، وقد حظيت هذه الفتاة على إعجابه فيصفها بقوله: كانت أكثر اتزاناً من شقيقها، وأكثر شعوراً بالمسؤولية من شقيقتها،..
وتساءلت ما إذا كانت ستظل دون زواج حتى أكبر، فقد كانت تكبرني بخمسة أعوام، وبدا لي هذا الخاطر بعيد الاحتمال ولكني ازددت تصميماً على أنه لو تحقق هذا الاحتمال لطلبت أن أتزوجها، ثم يتحدث عن هذا الزواج في فصل كتابه الخامس ويسميه «الزواج الأول»، ويصف هذا الزواج الأول حين تم بأنه قضى فيه فترة من السعادة الغامرة والعمل المثمر في حياته، وفي أثناء السنة الأولى من زواجه قرأ قراءات مستفيضة في الرياضيات والفلسفة على السواء، وحقق قدراً كبيراً من الأصالة والابتكار، ووضع أساساً لعمله في المستقبل، وفي وقت الفراغ قرأ قراءات جدية وخاصة في علم التاريخ كتاريخ مدينة روما لمؤلفه جريجورفيوس، وتعتبر هذه المرحلة من أخصب مراحل حياته على الإطلاق.
وفي الفصل السادس الذي أسماه «أصول الرياضيات» تحدث عن المؤتمر الدولي للفلسفة الذي انعقد في باريس وقد كان هذا المؤتمر نقطة تحول في حياته الثقافية لأنه قابل فيه بيانو عالم الرياضيات الكبير ولم يكن يعرفه من قبل إلا بالاسم فقط ويصفه بقوله: فلما حضرت إلى المؤتمر، وتتبعت مناقشاته لاحظت أنها أكثر ميلاً للدقة من مناقشات أي إنسان آخر، وأنه إذا دخل في مناقشة مع الغير كانت حجته هي الأقوى، وفي عام 1906م اكتشف «نظرية الأنماط» ولم يبق عليه في تحرير كتابه الرياضي إلا القليل وبين الفصول الواردة في الكتاب كان المؤلف يضيف كتاباته إلى جمهور أصدقائه وردودهم عليه، وقد شكلت الرسائل حجماً كبيراً من الكتاب والمؤلف كان عالماً متخصصاً في «الرياضيات»، ولا بأس هنا أن ننقل رأيه في التخصص حيث يقول: إن التخصص أدعى للكفاءة والكفاءة نوع من الايثار.
ومهما بلغ من ضيق أفق المتخصص فلابد أن نتسامح معه إذا أتقن عمله، إنني أؤمن بهذا إيماناً قوياً لأن إغراء التشويق والإثارة بدلاً من الفعالية في مجال التخصص إغراء يؤدي إلى المخاطر ونظريته في الكتابة تتلخص في قوله: الكتابة هي المخرج من المشاعر المستبدة بالنفس التي يمكن مع ذلك الإفلات من قبضتها والسيطرة عليها لابد من التمكن من شيئين: سمو المشاعر والسيطرة على هذه المشاعر وكل شيء آخر بمحض الإرادة، وتشير هذه الرسائل التي أوردها المؤلف عقب فصل الكتاب السادس إلى المواد التي عني بتدريسها كمادة المنطق وأصول الرياضيات وكان يعطي طلابه أربعاً وعشرين محاضرة خلال الفصل الدراسي الواحد، مدرساً هاتين المادتين السابقتين.
وفي الفصل السابع من الكتاب وهو الأخير يصور المؤلف شعوره بعد تأليف كتابه «أصول الرياضيات»، وشغله نفسه بأمور السياسة فيقول: عندما فرغت من كتابي «أصول الرياضيات»، شعرت بشيء من التوزع والحيرة وكان ذلك الإحساس على الرغم من ذلك لذيذاً، يشبه إحساس من أفرج عنه من السجن، ولما كنت في ذلك الوقت شديد الاهتمام بالصراع بين الأحرار وبين اللوردات حول الميزانية وحول القرار الذي اتخذه البرلمان فقد شعرت بميل نحو الاشتغال بالسياسة، وأخيراً ختم الكتاب بمجموعة من الرسائل التي كانت بين المؤلف ولداته، ومن خلال قراءتي في الكتاب يتجلى الوصف الدقيق في تتبع المؤلف لأحداث حياته وتقييدها بالتواريخ إن امكنه ذلك، كسرده لرسالةأمه التي وصف فيها ميلاده ثم وصفه للبيت الذي استقر فيه جداه من قبل والده، وذاكرة المؤلف قوية جداً فقد وصف أحداث حياته حينما كان يرفل في الخامسة من عمره.
ورغم المكانة العلمية التي وصل إليها المؤلف إلا أنه كان يتصف بالصلافة والخجل الشيد وقد حاول بكل ما أعطي من قوة أن يتخلص منهما في تقدم شبابه وأيام عمره الأولى.
للتواصل: ص.ب 54753 الرياض : 11524

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved