| مقـالات
لن ندعي الكمال ولا إدراك تقلبات المستقبل لأننا بصراحة اتكاليون أي إن كل واحد منا يرمي مسؤوليته على الآخر حتى ينال البراءة وكأن ما حدث هو عطل لن يتكرر أو خطأ يندر حدوثه. ذلك أننا جميعاً في كل مصلحة وهيئة نضع ثقتنا المطلقة بما بين أيدينا دون احتساب الخلل الذي ينجم عن أي شيء يتعرض للاستهلاك وله عمر افتراضي. بمعنى أننا نهمل أهم ركائز المحافظة على ما بين أيدينا وهو الصيانة. ولا أريد أن أضرب الأمثلة فهي تحدث يومياً في كافة الأجهزة التي نتعامل معها وبعد ذلك أي معالجة الخلل تعود إلى السبات وكأنما الاصلاح أنهى أي عطل محتمل مرة أخرى.
وشركات التأمين بالذات لديها الدراية والفطنة عندما نضع جهازا تحت مسؤوليتها فهي تقوم بالكشف الدوري حتى لا تتعرض الأجهزة المؤمّن عليها للتلف فتدفع مبالغ تضر بمصلحتها إنما تتوخى الحذر بالصيانة المستمرة لكي يطول أجل تلك الأجهزة. ان الصيانة كما لا يخفى على أحد من عوامل تفادي العطل المفاجئ. ورغم وجود أقسام الصيانة في أكثر المصالح إلا أنها لا تلقى الاستجابة لتحديث أجزاء من الأجهزة التي تشرف عليها إنما تتلقى الوعود والتسويف حتى يقع الفأس بالرأس كما يقول المثل الدارج. والذي أعرفه انه وعندما انتهت الدولة قبل بضع سنوات من تأسيس البنية التحتية التفتت إلى المحافظة على تلك المكتسبات الوطنية فقررت التركيز على الصيانة في معظم القطاعات ورغم ذلك فما زلنا نفاجأ بأن مصلحة من المصالح فقدت السيطرة على أحد أجهزتها عندما تخطى عمره الافتراضي، فإذا بها تتعثر في مواجهة الأعطال وتفقد حتى البدائل التي كان من المفروض تكون جاهزة للعمل وإن كان بمستوى أقل إنما كي لا يسود الظلام فجأة في قطاع كان مضيئاً. وجميعنا نذكر كيف ان شركة الكهرباء بالرياض وأجهزتها في السنوات الماضية واجهت مثل هذه المواقف المحرجة عند ارتفاع الاستهلاك مما لا تحتمله أجهزتها في أوقات الذروة لولا أنها بادرت إلى مواجهة تلك المواقف بإيجاد البدائل وقد نجحت في ذلك الاتجاه لأن امكانياتها المادية وكذلك جهازها الفني في مستوى ذلك الخلل. وقد واجهت مصلحة المياه في الآونة الأخيرة موقفاً لم تحسد عليه عندما انفجر أحد أنابيبها الرئيسية في موقع التحلية فإذا بالماء ينقطع عن ملايين البشر في عاصمة البلاد ليواجهوا أسوأ حالة في بداية فصل الصيف، فهل الخطأ من قسم الصيانة أم أن العطل لم يكن يتوقع؟ ولماذا لا يمكن أن يحصل مثل هذا العطل مرة أخرى وثالثة.
إنه درس مستفاد قد ينتقل إلى مصالح الخدمات الأخرى مثل التي تتعامل بالأجهزة الإلكترونية لاسيما الكمبيوتر الذي أصبح سائداً في كافة القطاعات خاصة المصارف والبنوك التي تفاجئ مراجعيها بأن جهازها معطل وعليهم الانتظار حتى يتم اصلاحه لتتضرر مصالحهم وربما يفقدون خدمة بعض القطاعات المرتبطة بتسديد الفواتير وخلافها، فهل سنفكر ملياً بتدعيم أجهزة الصيانة حتى تكون في مستوى المطلوب منها؟ هذا ما أرجوه.
للمراسلة: ص.ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|