| محليــات
شهر ونصف ألْقمت قلمي بذرة الصَّمت كي ينهل من رشف الرُّواء...
زاده في ركضه نحوكم شوقٌ يعمِّر فتيل القول، يوقظ رهج البوح، ينادي في متاهات المُضاء...
وتلك علاقة أزلية بعدد لمحات لحظات العمر.. حين كان القول تعثراً تقع فيه مخارج الكلمات حتى استوى إبلاغاً في صمت التعبير حين لم يعد يعزُّ الكلام...
جئتكم أركض...
سبعٌ وثلاثون رسالة..
وتلك أحبار الكلام تتحول إلى سؤال... ، و«لما هو آت» إجابة عن كلِّ سؤال...
ووراء كلِّ رسالة تقف نفسٌ نديَّة بالود.. عامرةٌ غامرةٌ بالصدق.. وإلاَّ كيف يبحث شخصٌ في اختباءة الصفحة الثانية وراء الأولى عن موقع خلا من صاحبه وقد عُلم مسبقاً أنَّه أراد «استراحة» من ركض السؤال؟...
الكاتب لا يستريح...
ذلك لأنَّ فكره لايتوقف عن النبض...،
والقارئ اليقظ ينبض بصدق الفهم لمن يمنحه بُعْد المعنى...،
والمعاني التي تُلتقط من رصيف الحياة.. تحتاج إلى الخروج من معقل شبكة العابرين لا يعيرون صراخها بالاً...، وحين يهدأ ضجيج الأرصفة فذلك يعني أنَّ هناك من فكَّ عنها الإسار.. ومن أطلقها للريح...
والمعاني حين تُطلق للريح.. ترتدي الأجنحة المجنَّحة كي تستوي مع الغمام في مراكب الأبعاد... كي يهمي البوح...
وللَّه ما أعمق الإحساس بصدق السؤال...
جئتكم بعد شهر ونصف الشهر أسأل كيف امتلأت مساحاتكم طيلة هذا الزمن، والزمن يركض لكنَّ المساحات قد تمتد، وقد تنكمش.. فهل اتسعت مساحاتكم أم اعتراها شيء؟!...
جئتكم أسأل عن «أحوالكم» هل طفت في بحور الابتسام، أم غرقت في أنهار الدموع، أم ترى كانت بين ابتسامة ودمعة، أم بين آهة وأخرى؟ هل قدرتم أن تتنفَّسوا فرحاً، أم تغصُّوا ألماً؟...
وتلك الأنباء تتقاطر لا مايُفرح فيها، ولا مايسر...
غير أنَّني أتخيَّلكم أكثر قدرة على النهوض بكلِّ انكسارٍ تعبرون به، ذلك لأنَّ كافَّة ما لحق بالأرض من انكسارات عزَّز فيها بوح الماء...، وتلاحم الأطراف...
وأنتم...
كيف عبرت بكم لحظات الليل، ولحظات النهار... والرمضاء كانت غائظة، والإنسان يتعرَّى من ستر السِّتر في براءة الصدق؟!
ألم تكتشفوا كيف يستطيع الإنسان أن يتوارى خلف خزيه، وكيف يلوِّن هذا الخزي بتبريراته، وكيف يبرِّر لنفسه عثرة الغدر؟...
ألم تضعوا أيديكم على صدوركم تسألون النَّجاة بما بقي في الداخل من مساحة الصَّفح كي تضيء فيها راية السلام؟...
جئتكم وقد كبُرت راية السلام في داخلي...
ولقد احتويتكم أجمعين تحت ساريتها...
فهلاَّ تقبَّلتم منِّي دعاء البياض كي نبدأ رحلة العبور في موكب الحمام؟... ألا..
فشكري لكلِّ من يقف خلف السؤال...
سبعة وثلاثين كانت أسئلتكم في سبعة وثلاثين صوتا موشومة بها الأوراق فيما جاءت بقيَّتها في صدى أصوات لاتزال تحرِّك في هذا القلم نشوة البوح..
وكلُّ لحظة صدق وأنتم بخير.
|
|
|
|
|