| العالم اليوم
* سكوبيه د، ب، أ:
يتطاير التراب الناتج عن تحركات الآليات العسكرية ويتصاعد في الجو فوق مطار سكوبيه قبل أن يهبط على الخيام الجديدة التي نصبها جنود حلف شمال الاطلنطي «ناتو»،
ويحمل الجنود البريطانيون حقائب أمتعتهم الثقيلة على ظهورهم في الجو الحار وهم ينصبون معداتهم حول مقر عملية «الحصاد الجوهري»، حيث يجري الاعداد على قدم وساق لمهمة حلف الناتو الثالثة في البلقان منذ أن تولى الحلف مسؤولية صيانة السلام في البوسنة قبل حوالي ست سنوات، والقوة البالغ قوامها 500، 3 جندي التي سيتم نشرها في هذه العملية سوف تتلقى الاوامر من سكوبيه،
ويقول ضابط بريطاني مسؤول عن الإعلام موجها كلامه للصحفيين «لا تتعبوا أنفسكم بتوجيه أسئلة سياسية إلى الجنود» حيث ان لديهم كما أن حلف الناتو نفسه لا يرد على أسئلة مثل «ماذا لو، ، ؟» والوضع كما هو قائم في الوقت الراهن معقد بما يكفي، فمهمة التحالف الغربي هي جمع الاسلحة التي يتخلى عنها بمحض إرادتهم الثوارالالبان الذين يرون أنفسهم ملتزمين بالاعلان الذي أصدره بهذا الصدد زعيمهم السياسي علي أحمدي،
وقد ركزت المهمة بذلك على جانب واحد من الصراع المقدوني ولم تستطع إقناع الاغلبية السلافية في البلاد أو الالبان، فالسكان الالبان ينتظرون بفارغ الصبر من الناتو أن ينشر قواته في المناطق لريفية ويظهر تواجده في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، والاحزاب السياسية التي تمثل مصالح السكان الالبان تحاول إقناع الناتو بالالتزام بالبقاء بالمنطقة لفترة أطول،
وقال عبد الهادي وسيلي، نائب رئيس الحزب الالباني للازدهار الديمقراطي «نطالب أن تمتد مهمة قوات الناتو في مقدونيا لكي يحموا السكان الالبان من الجيش والقوات شبه العسكرية المقدونية بالاضافة إلى نزع سلاح الثوار»، ويطالب زعماء الحزب الديمقراطي للالبان ببقاء قوات الناتو حتى يتم الانتهاء من تدريب أفراد الشرطة الالبانية الجديدة طبقا لما نصت عليه خطة السلام، ويعتقد هؤلاء أنه إن لم تفعل قوات الناتو ذلك فإن العنف سوف يتجدد بعودة الشرطة المقدونية إلى المناطق الالبانية،
وعلى النقيض من ذلك، فإن ردود فعل الاغلبية السلافية من السكان إزاء بدء مهمة الناتو في مقدونيا تتراوح بين الحذر والمعارضة الصريحة، وما تتوقعه الاغلبية السلافية من نشر القوة البالغ قوامها 500، 3 جندي يذهب بعيدا جدا عن الامور التي يعتزم حلف الناتو نفسه القيام بها، فالمقالات الافتتاحية في الصحف والاحاديث التي تجري في المقاهي تطالب بالمستحيل، في حين أنها تعتقد في الوقت نفسه أنه ليس من الممكن تحقيق أي شيء على الاطلاق من الاساس،
والمنتظر من حلف الناتو نزع سلاح الثوار بأسلوب نشط وتشتيتهم، وفي الوقت نفسه يعمل بوصفه ضيفا في دولة أجنبية ولا يتعدى على سيادتها،كما يجب على قوات التحالف الغربي أن تغادر في أسرع وقت ممكن ولكن شريطة أن تضمن أولا استمرارية السلام قبل مغادرتها،
وقد ارتفعت درجة الحرارة السياسية منذ عملية التفجير التي تعرض لها دير تاريخي تابع لكنيسة مؤخرا، وحامت الشبهات حول الثوار الالبان، وساعدت التعليقات العدوانية من جانب بعض الصحف على تفاقم الوضع،
وتساءلت صحيفة دنيفنيك المقدونية في لهجة تنم عن الاتهام «هل هذا هو سلامكم أيها السادة وأصحاب السعادة؟» وينظر إلى جذور المشكلة على أنها لا تكمن في مقدونيا وأخطائها السياسية ولكن في أمور أخرى،
وأستاذ الفلسفة فينكو أندونوفسكي هو وحده الذي وجه هذا الاسبوع سؤالا إلى القيادة السياسية في البلاد حيث كتب يقول «الجميع يتحدثون الآن عن الحصاد الجوهري، ولكن القليلون فقط يسألون عن من ذا الذي نثر البذور وما الذي يتم حصاده بالضبط!»،
|
|
|
|
|