| شرفات
التقويم هو وسيلة البشر لقياس الوقت وهناك تقسيمان طبيعيان للوقت هما الأيام والسنوات، وقياس اليوم سهل لأن كل يوم يتحدد طرفاه بالمدة ما بين شروق الشمس وغروبها لكن قياس عدد أيام السنة صعب لأن كل سنة يجب أن تساوي الوقت الذي تستغرقه الأرض في إتمام دورة كاملة حول الشمس والمعروف في الوقت الحاضر أن هذه الرحلة تستغرق 365 يوماً و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية،
وفي الأزمنة الغابرة كان الوقت يقاس بالقمر لا بالشمس وكان المصريون القدماء يضعون تقويمهم اعتماداً على القمر وهم أول من قاس السنة بشكل مضبوط تقريباً، فقد لاحظوا أن القمر الجديد يظهر كل 29 أو 30 يوماً وأن 12 قمراً تتضمن أربعة فصول أي سنة كاملة، ثم لاحظ المصريون شيئاً آخر، ، ففي يوم واحد من كل سنة يبزغ نجم لامع هو «الشعري اليماني» قبيل شروق الشمس تماماً وقد حسب الكهان عدد الأيام التي تمر قبل أن يحدث هذا مرة أخرى فكانت 365 يوماً ومن هنا قسموا السنة إلى 12 شهراً مؤلفاً من 30 يوماً مع خمسة أيام زائدة في نهاية السنة ويعتبر ذلك أول قياس للسنة الشمسية،
وقد استخدم البابليون السنة القمرية تقويماً لهم وقسموها أيضاً إلى 12 شهراً، ويبدو من هنا أن فكرة السنة بدأت في الشرق الأوسط وبالذات في منطقة المشرق العربي حيث وضعت أسس التقويمين الشمسي والقمري ويرجع التقويم الشمسي الحالي إلى الرومان الذين استمدوه من مصر لكنهم لم يعرفوا في البداية إلا عشرة أشهر ثم أضافوا إليها شهرين ولكي يجعلوا تقويمهم متفقاً مع السنة الشمسية كانوا يضيفون شهوراً اضافية كلما دعت الحاجة، وقد أنهى يوليوس قيصر هذا الخلط باستخدامه تقويماً يقوم على سنة شمسية من 365 يوماً وربع اليوم وجعل مع كل سنة رابعة سنة كبيسة مؤلفة من 366 يوماً وقد صحح هذا التقويم على يد البابا غريغوريوس الثالث عشر حيث أمر بإسقاط عشرة أيام من عام 1582 ولإبقاء التقويم صحيحاً في المستقبل أوجب تخطي السنة الكبيسة في السنة الأخيرة من كل قرن ما لم تكن قابلة للقسمة على «400» وعلى هذا الأساس لم تعتبر سنوات 1700، 1800، 1900 سنوات كبيسة وهذا التقويم هو المستخدم حالياً في معظم أنحاء العالم،
توحيد السنين
وكان التقويم الروماني يقوم على الخرافة والتخبط فقد كان هناك 12 شهراً تبدأ بآذار «مارس» الذي كانت تبدأ به السنة الرسمية وفي عام 153 ق، م، جعلت البداية في شهر كانون الثاني «يناير» ولم يكن التقويم الروماني موحداً وانما كانت هناك هيئة من الموظفين تتولى تنظيمه كل عام وكل شهر وكان هؤلاء الموظفون يعرفون بالأحبار ومهمتهم مراقبة الهلال كل شهر وعندما يرونه يعلنون عدد الأيام التي يجب أن تسبق النونز أو «التواسع» وهي أيام خاصة يجيء واحدها في الخامس من يناير وفبراير وأبريل ويونيو وأغسطس وسبتمبر ونوفمبر وديسمبر وفي السابع من مارس ومايو ويوليو وأكتوبر تبعاً لتحديد الأحبار وبسبب ذلك كانت أطوال السنين تختلف عند الرومان مما كان يسبب ارتباكات كثيرة وقد حاول يوليوس قيصر توحيد السنين عام 46 فأنشأ تقويماً جديداً وهو الذي أصلحه البابا غريغوروس فيما بعد، ومع أن التقويم الغريغوري يقوم أيضاً على الخرافة لأنه يبدأ من يوم ميلاد لم يتأكد تاريخياً فإنه أصبح بحكم هيمنة الغرب على العالم هو المعمول به لكن استناده إلى الشمس وليس إلى القمر يجعله منتظماً وعملياً لأن التقويم الشمسي يرتبط بالمواسم الزراعية والفصول الأربعة،
أما بالنسبة للتقاويم الأخرى فهناك ثلاثة تقاويم مستعملة في الوقت الحاضر بخلاف التقويم الميلادي وهي التقويم اليهودي والتقويم الإسلامي الهجري والتقويم الصيني وهذه التقاويم كلها قمرية، والتقويم اليهودي يبدأ من أول الخليقة حسب نص التوارة المزعوم والتقويم الإسلامي يبدأ من الهجرة النبوية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أما التقويم الصيني فليست له سنوات معدودة لأن أهل الصين دأبوا على التأريخ بالحوادث وسني حكم الفترات والأباطرة ولا توجد أسماء للأشهر في الصين وإنما تسمى الأشهر بأرقامها وهو نفس الأمر المتبع في تسمية الأشهر الميلادية لأن معظمها أرقام في الأصل،
الأشهر
وتصميم السنة التي نعرفها اليوم هو تصميم «سام» شارك فيه العبرانيون والكلدانيون والأراميون الذين أخذنا عنهم أسماء الأشهر المستعملة في المشرق العربي والتي تبدأ من كانون الثاني «يناير» وتنتهي بكانون الأول «ديسمبر» وقد تبنى الفلكيون الأغريق هذا التصميم مع تعديلات طفيفة وكان ذلك في مدينة الاسكندرية أيام البطالسة،
وعندما تبناه يوليوس قيصر كتقويم للرومان عام 46ق، م احتفظ بأسماء الأشهر الرومانية القديمة وكانت السنة عند الرومان قبل ذلك تبدأ بآذار «مارس» وفي عام 10 ق، م جعل الامبراطور أغسطس هذا التقويم عاماً لكل الامبراطورية،
وتستعمل الأسماء الرومانية للأشهر حالياً في أوروبا مع اختلافات في اللفظ تكون كبيرة أحياناً وتستعمل كذلك مع تعديلات في الصيغ في المغرب العربي ومصر والسودان وقد أخذت هذه الأسماء من أصول متعددة فشهر مارس مثلاً مأخوذ من اسم رب الحرب الروماني الأسطوري «مارس» وهو في الوقت نفسه اسم كوكب المريخ في اللغات الأوروبية وكذلك اسم «يونيو» مأخوذ من «يونو» واسم أغسطس اقتبس من اسم الامبراطور أغسطس ومعناه الأصلي الشهر السادس أما سبتمبر فمعناه الشهر السابع «تبعاً للتسلسل القديم الذي يبدأ من مارس» وكذلك بقية الأشهر أسماؤها مأخوذة من رقمها في التسلسل فأكتوبر معناه الثامن ونوفمبر التاسع وديسمبر العاشر ويلاحظ هنا أن معظم أشهر السنة الغريغورية التي نعتمدها حالياً ليس لها أسماء وانما هي أرقام وهو نفس ما نجده في الأشهر الصينية التي يعبر عنها برقم الشهر فمثلاً شهركانون الثاني «يناير» يسمى «إي يوى» أي الشهر الأول وشهر شباط «فبراير» يسمى «إريوى» أي الشهر الثاني وهكذا،
الأسبوع
أما الأسبوع فهو تقسيم اصطناعي للوقت وقد وصفه الانسان بهذا الاصطلاح دون الاستناد إلى ظاهرة طبيعية تحدده وكان الباعث على ذلك هو تحديد أيام العمل والسوق بعد أن نشأت المدن وبدأ النشاط الاقتصادي القائم على التبادل وقد حددت أيام الأسبوع أحياناً بعشرة وأحياناً أخرى بخمسة إلى أن جاء البابليون فجعلوها سبعة أيام وكانوا لا يعملون في اليوم السابع وانما يلتقون لأداء واجبات دينية أو للمتاجرة وسار اليهود على غرار البابليين لكنهم كانوا يقتصرون في اليوم السابع على النشاط الديني،
وهكذا وُلد الأسبوع بهدف توزيع أيام العمل والسوق وقد صار لأيام الأسبوع فيما بعد أسماء وقد استخدم هذا التقسيم للوقت من قبل العديد من الشعوب قديماً لكنه لم يكن أسبوعياً لدى الجميع فالبعض لم يكن لهم أسبوع وانما عاشور أي أسبوع من عشرة أيام وكان للرومان ثامون استمروا عليه أربعة قرون ثم اتخذوا الأسبوع بعد أن احتكوا بالشرق الأوسط، وقد عرف العرب الأسبوع في وقت مبكر من العصر الجاهلي اقتباساً عن أسلافهم الساميين، والتنظيم الحالي للأسبوع العربي مأخوذ من اليهود بعد تغيير نهاية الأسبوع من السبت إلى الجمعة بالنسبة للمسلمين وإلى الأحد بالنسبة للمسيحيين، وقد أخذ اسم السبت من «سبات» العبري وهو السبات في العربية ويشير الاسم إلى يوم الراحة من العمل وسميت بقية الأيام على أساس الترقيم اليهودي ما عدا الجمعة التي اشتق اسمها من الاجتماع وهو اجتماع الناس للصلاة والتعارف والتسلية، ، ا لخ وكان اسمها في الجاهلية «عَروبة» بفتح العين،
|
|
|
|
|