| الريـاضيـة
*
لأول مرة في التاريخ.. يعقد «رياضي عربي» مؤتمراً صحفياً عالمياً تحتضنه عاصمة أوروبية، ويحتشد لتغطيته ومتابعته صحفيون من مختلف قارات العالم.
هذا «الرياضي العربي» هو: نواف بن بندر التمياط.. أشهر لاعب كرة في ملاعب آسيا والعرب والمتوج كأحسن لاعب في آسيا، وأحد احد عشر لاعباً على مستوى العالم اختارتهم الأكاديمية الفرنسية الصارمة في معايير اختياراتها التي لا تتلاعب فيها الأهواء والعواطف والانحيازات وأساليب «جبر.. الخواطر» اختارته الأكاديمية الفرنسية لكرة القدم لتصوير فيلم وثائقي عن كرة القدم في العالم.
يقول محمد حمادة أهم الصحفيين العرب:«نواف جمع في قلبه وضميره كل مشاعر العرب في ذلك المهرجان العالمي الكبير.. لم يعد يمثل نادي الهلال السعودي وحده أو المملكة العربية السعودية وحدها.. بل مثل جميع العرب من المحيط إلى الخليج».
«ألماسة» الكرة السعودية نواف التمياط.. يتفوق على كل من سبقه في ملاعب الكرة السعودية، وربما على من سيعقبه لكونه يمتلك خصالاً من النادر أن يمتلكها غيره.. لأنها خصال لا توهب.. ولا تشترى فموهبة واقتدارية اللعب الجميل والنظيف والحريف هي نعمة ربانية من يوهب اياها.. ويشكر امتلاكها بالبذل والاخلاص والعمل الجاد والحرص الحريص على تنميتها باستمرار وتجدد.. سيكون لاعباً موهوباً يصفق له ملعب الكرة .. كثيراً.. وعندما تتكامل هذه الموهبة بالعلم والثقافة والسلوك القويم.. سيكون صاحبها المحظوظ بها، والمتباهي بها..« كنواف التمياط».. لاعباً خرافياً.. تصفق له كل الملاعب.. دائماً.
والحمد لله الذي وهب الكرة العربية لاعباً خرافياً كنواف التمياط، يستحق أن يكون نموذجاً وقدوة للنشء العربي بأخلاقه، وسلوكه، وموهبته وثقافته.
حمى الله «ثروتنا الوطنية» الغالية من حسد الحاسدين، ومن تسلط الكارهين لنجاحات وتفوق غيرهم، والناقمين على المتميزين أولئك الأميون في عملهم ومعارفهم وثقافتهم وسلوكياتهم وتعصبيتهم وأحادية الأنانية في ذواتهم وردات أفعالهم.
***
في مؤتمر التمياط العالمي: اندس صحفي صهيوني يمثل صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية بين حضور المؤتمر اسمه «ميخائيل يوخبن» حسب ما ذكرته صحف ايطالية وفرنسية، ويسأل «ألماسة» الكرة العربية، بعد أن عرف بنفسه وصحيفته، ليفاجئه «نواف» سليل الحضارة العربية الإسلامية بأنه يرفض الاجابة على اية أسئلة له، بل ولا يقبل بوجوده في المؤتمر!
الصحفي الصهيوني، تفاجأ بموقف اللاعب السعودي، واعترض على اخراجه من القاعة، ليقول التمياط لجميع الحضور بلغة العقل والمنطق والتاريخ:« أنتم تقتلون شعبنا في فلسطين، وتغتالون أحلامنا، أنا سعودي الجنسية، عربي الهوية، وكل شهيد فلسطيني هو شهيد العرب.. لذا أرفض وجودك في المؤتمر الصحافي».
لم يرضخ الصحفي الاسرائيلي على الخروج من القاعة، إلا بعد تدخل رجال الأمن المنظمين للمؤتمر الصحفي.. وظل يملأ القاعة بلجاجه.. وضوضائه.. وقبل أن يغادر القاعة نهائياً سأل التمياط: كل ما أردت سؤاله هو أن لو فرضنا أن منتخب السعودية هو ثالث التصفيات الآسيوية في كأس العالم 2002 وانه سيواجه أحد المنتخبات الأوروبية الذي قد يكون منتخب اسرائيل.. فماذا سيكون رأي نواف؟!
أجاب السعودي الواثق من معرفته وترتيب أفكاره ومخزونه الثقافي والمعرفي: «..هناك مسؤولون عن المنتخب السعودي وهم المخولون وحدهم بالتعامل الصحيح مع مثل هذه المواقف. أما عن موقفي الشخصي فإنني أقول اننا ضحينا ونضحي بأرواحنا لتطهير الأراضي المقدسة منكم ومن رجسكم، ومن باب أولى أن نضحي بكأس العالم ليس مرة واحدة بل 50 مرة في حال فرضت الظروف أن نواجه منتخبكم».
الله أكبر.. لله درك يا زينة الشباب السعودي المملوء بالموهبة والثقافة والجذور العربية الفروسية الأبية.
حمى الله «ثروتنا الوطنية» الثمينة من كل مكروه.. وأمد بوجوده وتواجده في ملاعب الكرة.. موهبة نادرة.. وقدوة صالحة.. ومثقفاً مدركاً.
يا كل نشء هذه الأرض السعودية المباركة.. خذوا من لاعبكم المفضل نواف.. قدوة واقتداء في سلوكه وثقافته، في احترامه للعمل والجد في العطاء.. حتى تبلغوا ما بلغه، وتكونوا من النافعين الشاكرين الحامدين لنعم خالقكم سبحانه وتعالى..
عليكم.. يا كل نشء الوطن الأخضر.. أن تجالسوا ما وجده نواف التمياط أنه خير جليس.. في الزمان: «الكتاب» فمن يجالس «الكتاب» ويصاحبه يزداد معرفة وثقافة ومدارك.. تجعل منه انساناً صالحاً، ناجحاً ، متفوقاً.. يرفع رأس المنتمين له.
***
لو أن الذي فعل ما فعله نواف التمياط أهم لاعب سعودي في التاريخ، كان لاعباً عراقياً أو أردنياً أو اية لاعب لا يرتدي الفانلة السعودية الخضراء.. لوجدت المقالات والمعلقات تملأ الصحافة العربية، ولوجدت قنوات الفضاء لا تكل ولا تمل من ترديد ومتابعة الموقف الشجاع النبيه الذي وقفه لاعب سعودي في مؤتمر رياضي عالمي.. الذي من سوء طالع تلك الصحافة الأرضية والفضائية.. أنه سعودي الأصل والمنشأ والولادة.
أما على مستوى الصفحات الرياضية المحلية.. فقد كان الحدث عادياً لا يستحق المتابعة ولا التعليق والاهتمام من صحافة بليدة محشوة بأنصاف الأميين والمشجعين لذلك تعاملت مع الحدث من خلال زاوية ضيقة ومسطحة ومن منظور الانتمائية التشجيعية لذا تم القفز عليه لكونه سيرفع من أسهم لاعب «هلالي» وسيعزز قيمة وأصالة معدن النادي الذي نبتت فيه موهبة التمياط واستنبتت عطاءها وتفوقها من معين أجوائه الصحية والحضارية والثقافية التي جعلت منه أكبر أندية العرب وآسيا، وأكثرها شهرة وانتشاراً وانجازاً.
ساستثني من الصحافة التي وعت، وأدركت أهمية وقيمة الحدث الرياضي الهام، وقفزت ممارستها المهنية عن عقد وفرزية الانتمائية التشجيعية الأمية.. صحيفتي «الجزيرة» و«الرياضية».
***
في زمن الصفحات الرياضية.. الأمية، المملوءة بأنصاف الأميين وطقاقات الطبول الصفراء المنتشرين في كامل الأرض الصحفية الرياضية بشكل مريب وعجيب.. لم يعد «محمد الدعيع» حارس القرن والنجم الكروي الأول واختفت صوره واحتفاليات التمجيد به.. كما كان قبل أن يرتدي فانلة «الهلال»!!
وكذلك الأمر يندرج على المدافع السعودي الأول عبدالله سليمان قبل أن يرتدي فانلة« الهلال».. الذي تحول فجأة لدى صحافة الأمية المنتشرة.. إلى لاعب.. ولا حاجة!
أما أهم رياضيي التاريخ السعودي وكوكبه خليل الزياني.. فقد اختفى كمدرب وطني عظيم، ولم يعد له ذكر ولا شكر ولا وجود منذ أن درب فريق الكرة «الهلال»!!
لذا لن تفعل صحافة الأمية الصفراء المنتشرة بكل همة ونشاط جديداً، عندما تهمش ألماسة الكرة العربية الأكثر حداثة وتطوراً.
انه الزمن الرديء.. الذي بدأت بشائر فلول معانيه.. هذا الزمن الصحفي الأمي.. الذي يبول فيه الفأر على الأسد.
نواف التمياط ظاهرة رياضية سعودية تعبر عن ظاهرة جيل رياضي جديد.. ينبت في مدرجات الكرة، وفي وعي الرياضة السعودية الجديدة.. الطاردة لكامل الزمن الطارئ.. والمبشرة بمجيء فجر رياضي جديد.. حان أوانه.
نواف التمياط.. سينتظره الهلاليون مستقبلاً.. كمدرب لفنائلهم الزرقاء.. سينتظرونه أيضاً.. رئيساً لناديهم الكبير.
***
أحفاد جابر.. في لبنان
حققت الرياضة السعودية، انجازاً رياضياً هاماً، تمثل في حصول منتخب المملكة الأول والناشئين ل«رفع الأثقال» على بطولة العرب ال15 «للكبار» وال8 «للناشئين» لرفع الأثقال والتي أقيمت في لبنان خلال شهر جمادى الأولى المنصرم.
هذا الانجاز.. لم تهتم به صفحات الرياضة التي تحولت إلى صفحات كرة.. بسبب حشود المشجعين الكرويين الجاثمين على أحوالها.. وأوضاعها «مع الأسف» لا يعون ولا يدركون مهمة ورسالة الصحافة الرياضية التي هي للجميع.. ولكل الألعاب.. فحولوها إلى صفحات كرة أحادية الاهتمام وشديدة الانحياز لناديهم الأصفر.. الذي تجند له كل السبل والأساليب.. لعله يزيد تنطيط الكرة.. وتفريغ الثقافة الرياضية من غاياتها ورسالتها وتعدديتها.
أهمية ما فعله نجوم الرياضة السعودية في رياضة رفع الأثقال يتمثل في التأكيد على ثراء الساحة الرياضية السعودية بالمواهب الرياضية في مختلف الألعاب الرياضية، وأن الرياضة السعودية ولله الحمد ليست رياضة اللعبة الواحدة «كرة القدم» حسب ما ترسخه «مع الأسف» الصفحات الرياضية عندما تنغمس في اهتمامها وهمومها بكرة القدم وتتجاهل بقية الألعاب حسب ما يريد أميو الصفحات الرياضية الصفراء المنتشرون والمهيمنون على معظم صفحات الكرة «المفترض أن تكون لكل الرياضة».
في لبنان تفاجأ جمهور الرياضة السعودية.. بانجاز تم!.. دون أن يعرفوا بوجود ممارسته في أنديتنا ومراكزنا الرياضية «مع الأسف»!!
تفاجأ الجميع بالانجاز الكبير لأبطال رفع الأثقال.. وتساءل الجميع ألدينا ممارسون لهذه الرياضة؟ والاجابة تؤكدها انجازية أبطال اللعبة السعوديين.. الذين تأكيداً لم يأتوا من فراغ.. إنما من خلال وجود وحضور وفعاليات ومسابقات لها محبوها ومشجعوها والمهتمون بها.. لكن صحافة الأمية الصفراء لا يسرها ولا يهمها إلا متابعة كرة القدم.. وبانحيازية تشجيعية متخلفة.. تهمش ما سواها.. ولا تهتم إلا بما يوجد في دائرة ناديها المفضل.. الذي لا يعرف ولا يمارس إلا كرة القدم.. دون أن تفطن أن في الوطن الكبير عشرات الأندية والمراكز الرياضية المتعددة الألعاب والنشاطات التي تجلب البطولات وتحصد الميداليات.
***
احفظوا هذه الأسماء : علي الدحيليب، عبدالمحسن الباقر، قاسم السادة، عبدالله العباد، نجم الرضوان، حسين المدن، علي المزيدي، جعفر الباقر، حسين رميض، صادق آل باقر، حسين عبداللطيف، رمزي المحروس، عقيل آل حبيل، ميرزا صويلح.
هؤلاء هم أبطال الرياضة السعودية الذين أكدوا تفوق رياضة رفع الأثقال.. والذين أكدوا أن لهذه الرياضة حضورها الناجح، وأن لهذه الرياضة العربية العريقة موقعها ضمن خارطة الرياضة السعودية المتفوقة.
يدرب هؤلاء الأبطال، مدربان وطنيان «يا للفخر» هما كاظم البحراني وجاسم آل وحيد.
هذه اللعبة العريقة.. لا يدري ولا يريد أن يدري «ربما» الجاثمون على صدر الصفحات الرياضية من الأميين الصفر.. أن بلادنا السعودية هي جذر هذه الرياضة في التاريخ.. وانها رياضة مارسها مجتمعنا منذ القدم، واهتم بها، ووصلت في فترات إلى أن تكون اللعبة الشعبية الأكثر ممارسة وانتشاراً.
فوجود رياضة لرفع الأثقال كان منذ عصر الجاهلية، حيث اهتم عرب جزيرة العرب بهذه الرياضة، وازداد الاهتمام بها بعد ظهور الإسلام، ويحفظ لنا التاريخ ما يؤكد اهتمام المجتمع العربي الإسلامي بهذه الرياضة، حتى أن الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه كان مشهوداً له بالبراعة والتفوق في هذه الرياضة، وقيل انه أول من ابتكر موازين الأثقال المرفوعة، وكانت العرب تسمي هذه الرياضة ب«شيل الأحجار».
ويروى في الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مر بقوم يرفعون حجراً ليعرفوا الأشد منهم، فلم ينكر عليهم.
والأخبار عن وجود هذه الرياضة وممارستها في مجتمعنا العربي الإسلامي منذ القدم ثرية وعديدة لا يسمح ضيق الحيز المخصص لهذه المقالة من ايراده، وقد سبق أن تطرقت له في مقالات بحثية سابقة تعفيني من مزيد من الاستطراد.. إلا أنني سأحرص قبل أن اختم هذه السطور على التذكير إلى أن في عهد الرياضة السعودية الزاهرة وجدت أندية رياضية متخصصة في هذه الرياضة لعل أشهرها وأهمها نادي «الصديق» في المدينة المنورة الذي زاول هذه الرياضة منذ عام 1956م.. إلا أنه مع الأسف قد تلاشت هذه الأندية المتخصصة في زمن الرياضة الوحيدة «كرة القدم» واختفاء الأندية المتخصصة التي سبق أن طالبت كثيراً بضرورة تأسيسها ووجودها لأنها هي الكفيلة بتعدد الاهتمام بالألعاب الرياضية المختلفة وارتفاع مستوياتها وحفظها من سطوة الكرة واجتياحها.. وبالذات أن بلادنا السعودية يقع عليها واجب ومهمة الاهتمام والتفوق في ألعاب ورياضات لم يعرفها العالم الحديث إلا من خلالها.. حيث كنا نحن الباعثين والمبتكرين لها، والمعرفين للحضارات الأخرى بها.
لله دركم .. يا أحفاد جابر.. على ما فعلتم.. وما أنجزتم.
|
|
|
|
|