| الريـاضيـة
يعتقد الكثيرون وكنت بالطبع احدهم ان معشر اللاعبين محظوظون جدا بالمشاركات الخارجية، ، والمعسكرات التدريبية الاستعدادية من حيث التجوال والاطلاع على معالم تلك الدول، ، فالرياضة تشكل (الطريق المختصر) ليصبح العالم بين يديه، ، وبدونها قد لا يتمكن هذا الرياضي من الطواف والانتقال من بلد لآخر، ، واكتشاف حضارة ومعالم كل دولة يحط الرحال لهاإلا بموجب دفع فاتورة غالية السداد!!
في مدينة ادمنتون الكندية التي استضافت بطولة العالم الثامنة لالعاب القوى، ، وفي اليوم التالي لاخفاق العداء الاولمبي هادي صوعان من الظفر بواحدة من ميداليات سباق 400 متر حواجز،
** التقيته في مقر سكن اللاعبين، ، وبدأ في حالة من التفكير العميق ومراجعة الذات، ، فبادرته ملاطفاً: ارفع رأسك عالياً، ، فأنت بطل وستبقى بطلا دائما!!
** وبكل أدب وشعور بالخجل، ، قالها بصوت يبعث على الاستمرار معه بالحوار (شكراً، ، ولكن!! و، ، ما هذه الا، ، كن، ، يا هادي؟
** تنهد وتحسر يجتر مشاعر الألم من داخله، ، واعقبها بكلمات تكاد لا تسمع، ، ضاع الأمل، ، ويا خيبة التدريب المتواصل طوال تسعة أشهر، ، كل المدة هذه افتقدها بزمن أقل من الدقيقة!
** ويواصل حديثه قائلا:
منذ ان نجحت بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ، ثم بدعم واهتمام المسؤولين من الحركة الرياضية وبتشجيع خاص من رائد انطلاقة القوى السعودية، ، الأمير نواف بن محمد، ، في تأكيد قدرتي على ابراز مكانة المملكة وحضورها على مستوى الاولمبياد الدولي بالفوز بأول ميدالية (فضية سيدني)،
** إلا وقد تضاعف حجم الشعور بالمسؤولية التي اعتبرتها (امانة) يجب ان احفظها بالعمل المتواصل على (انمائها) وزيادتها،
** وحقيقة لم أعد أفكر بالعائد المادي أو الأدبي لي كعداء (هادي صوعان)، ، لقد كان (الوطن) يمثل بالنسبة لي اكبر هاجس ولا أخفيك سراً انه في ليلة السباق، ، يطير النوم احيانا فالوطن العزيز يتراءى امام ناظري يطالبني، ، يحفزني، ، ينتظر من احد ابنائه العمل على رد الجميل في مناسبة كهذه، ،
** قلت ل هادي،
هذا شعور طبيعي، ، لكنك الآن اصبحت في عداد اللاعبين الدوليين، ، ومن الأوائل عالميا، ، وتمتلك الخبرة الكافية في دخول اي منافسة دون وجود عوامل مؤثرة على مستوى الاداء في مضمار السباق!!
قال: هذا الكلام رائع يمكن كتابته على الورق، ، اما الواقع فالأمر مختلف جدا، ، ولو كنت لاعبا لمررت بالتجربة، ، خذ مثلا فريقا جماعيا (كرة قدم)، ، انه يتأثر بمستوى الحدث، ، لذا يتطلب اعداده نفسياً ومعنوياً، ، فكيف الحال بلاعب واحد، ، مطلوب منه تحقيق الانتصار في أقل من دقيقة بينما في مباراة كرة القدم، ، يمكن التعويض في أي دقيقة من زمن المباراة الساعة ونصف، ، عدا الوقت بدل الضائع، ، وربما الاضافي!!
سألته عن طبيعة وجو المعسكرات التدريبية؟
** اجابني قائلاً: هي شاقة بمعنى الكلمة خاصة بالنسبة لمثلي في هذا النوع من السباق الذي يتطلب جهداً واداء متواصلا، ، لا مجال فيه للراحة والسكون والبرامج الترفيهية، ، هناك من يتوقعها نزهة وسياحة، ، فلا والله انها ليست كذلك على الاطلاق، ، ومن أراد أن يتأكد من هذه الحقيقة، ، فانني أوجه له النصيحة بأن يسارع في الانضمام لالعاب القوى، ، وإذا كان طموحه الوصول لعالم النهائيات عليه ان ينسى التفكير في نفسه بأن يشغل وقته بالتمارين الشاقة، ، كنت مؤخراً في لوس انجلوس، ، لك ان تعرف أنني في الساعة التاسعة والنصف أكون نائما من شدة التعب والارهاق، ، وهذا واقعنا نحن لاعبي القوى، ، لقد زرت معظم دول العالم، ، ولكن لو سألتني عن أبرز المشاهد والانطباعات، ، سوف التزم الصمت، ، وربما اجيبك بعبارة مختومة وهي من المطار الى الفندق الى الملعب، ، والعكس كذلك!
** في ادمنتون سمعت من الزملاء عن وجود أكبر سوق في العالم بهذه المدينة قاطعته: هذا صحيح، ، وقد زرته خلال فترة اقامة البطولة الثامنة أكثر من عشر مرات!!
علق هادي قائلا: كم أنت محظوظ، ، ثم ألا تعرف السبب! لأنك لست لاعبا قويا!
** وبالنسبة لك، ، أرجو أن تكون زرته ولو مرة واحدة!
** هذا صحيح، ، ولكن لمدة لا تزيد عن خمس دقائق اذ اشتريت غرضاً من الصيدلية وعدت مباشرة للفندق!
** صدقني القول انني لا اعرف شيئاً عن اي بلد نسافر اليه!!
ابني خليفة حمدان، ،
قلت ل هادي، ، أتمنى ان يكون (ولي عهدك) خليفة لك مستقبلا ليواصل مشوارك،
** قال: هو في الطريق بإذن الله، ، ولد أم بنت، فالقادم حياه الله، ، وحسب رؤيتي الحالية فان ابني اتمنى ان يكون بارزا في رياضة معينة، ،
لكن سوف اطلب منه ان يمتنع نهائياً عن ممارسة سباق 400 م حواجز، ، وأقول لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ، خلاص كفاية،
** ان هذا النوع من السباق يتميز عن كافة السباقات بأن تمارينه (موت) ولذا سأوجهه لسباق 100 متر وسأعمل على اعداده منذ وقت مبكر ليصبح خليفة للبطل حمدان البيشي!
ختاما، ، هادي صوعان وان أخفق في انتزاع ميدالية لوطنه في بطولة العالم الثامنة فإن من واجبنا تشجيعه ورفع روحه المعنوية بالتأكيد على انه بطل وجواد أصيل، ، إذا سقط مرة فهذه يمكن اعتبارها حالة استثنائية، ، وسريعا ما ينهض ليسير في طريق البطولات،
** فلنحافظ على هادي وزملائه من ابطالنا في العاب القوى، ، هؤلاء هم رموزنا الرياضية في المناسبات العالمية وغيرها، ، والذين نعلق عليهم كل الآمال والطموحات في حصد الميداليات، ، ولاسيما ان برامج اعدادهم تتم وفق رؤى مدروسة،
صداقة أبها والمحطة المنتظرة!
منذ عقدين وأكثر، ، كنت حاضراً في أبها حيث لا توجد مظاهر سياحة، ، ولاهم يحزنون، ، بالامس القريب حططت رحالي على عجل في مهمة عمل للمرة الاولى في تلك البهية الساحرة (أبها) وبرغم انها لم تستغرق سوى يوم ونصف اليوم، ، إلا أنني حقيقة ذهلت الى ابعد الحدود بما شهدته، ، انها تختلف جذريا عما كانت عليه من قبل، ، ولقد زادها رونقا وحضورا ليضيف لها لمسات من الفن والجمال، ، تلك المهرجانات والفعاليات التي تتناسب مع كل الاذواق، ، وتتوافق ومختلف الاعمار، ، بدءاً من الصغار وانتهاء بالكبار، ، عروس الجنوب بما تمتلكه من طبيعة جذابة ومناخ معتدل، ، امتدت لها ايادي الانماء والتطوير في كل الاتجاهات، ، وكان قطاع الشباب والرياضة احداها، ، فهذه ابها (الصداقة) ترسم صيف كل عام دورتها الخامسة آفاقاً ابعد وأرحب للمستقبل القريب والبعيد، ، وتؤكد بانها قادرة وبرؤية ثاقبة بحكمة ربانها الماهر الأمير محمد بن عبدالله الفيصل على بناء القواعد الاساسية والضرورية نحو الدعوة لتغيير الكثير من المفاهيم والسلوكيات المعوجة في تلك المركبة، ، والتي دائما ما تشكو الحالة المرضية، ، والاختلال في العامل المعنوي الذي يجب ان يتماشى معا بجوار التقدم المادي،
** ان اقامة بطولة الصداقة بصفة سنوية وقد كرست انتماءها الدولي يحتم عليها وهذا ما حدث ان تتجاوز مفهوم ونظرة الكسب المؤقت، ، لتبحث عن الانتصار الدائم المتمثل في نزعتها للمشاركة في بناء شخصية الانسان، ،
لكن علينا جميعاً عدم الوقوف متفرجين بانتظار ماذا سيفعله (ابوتركي) والاكتفاء بالاشادة، ، ومباركة تحركاته!!
** ومن حقه على الجميع دعمه ومساندته في كل النجاحات التي تحققها بطولة الصداقة على مستوى اطروحتها المقامة خارج المستطيل الاخضر، ،
** لنفكر سويا بواقعية، ، لا بدافع العاطفة وبرؤية صادقة تتطلع لقادم الايام، ، في تلك الهموم والآمال التي ينشدها رجل الصداقة الأول خلال مسيرته نحو الهدف والمحطة المنتظرة، ، وسامحونا!!
|
|
|
|
|