| عزيزتـي الجزيرة
الصدق أمر مطلوب من جميع الناس لكن من التجار وأرباب الصناعات يتأكد وذلك لغلبة حب المال عند هذه الفئة أكثر من غيرها وقد ورد في الشريعة الإسلامية ما يحث على الصدق وأن منزلة التاجر الصدوق عند الله منزلة عظيمة ولقد كان عدد من الصحابة رضي الله عنهم يمارسون التجارة ويؤدون الذي عليهم فيها وقد ذكر الحافظ بن حجر حديث «والتاجر الصدوق ممن يظلهم الله في ظله» وقد جود الحديث وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما قوله عليه الصلاة والسلام «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» ومقام الصديقين مقام رفيع ومع علو هذا المقام فهو بفضل الله ميسور لمن أراده وبدايته الصدق وتحري الصدق في البيع والشراء وكل شؤؤن الحياة، وقد ذكرت كتب السير نماذج رائعة للتجار الذين صدقوا في بيعهم ولم يغشوا أحداً من عامة الناس أو خاصتهم ومن ذلك ما قاله النضر بن شميل: غلا الخز في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة وكان يونس بن عبيد خرازاً فعلم بذلك فاشترى من رجل متاعاً بثلاثين ألفاً فلما كان بعد ذلك قال لصاحبه هل كنت علمت أن المتاع غلا بأرض كذا وكذا؟ قال لا ولوعلمت لم أبع قال هلم إلي مالي وخذ مالك فرد عليه الثلاثين ألفاً، وحمزة بن حبيب الزيات شيخ القراء قال عنه الذهبي كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ثم يجلب منها الجبن والجوز.. ثخين الورع رفيع الذكر قال عنه ابن فضل: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة قال حسين الجعفي: «ربما عطش حمزة فلا يستقي يعني لا يطلب من أحد الماء، كراهية أن يصادف من قراء عليه« فما ظنك بورعه في تجاربه؟ وعبدالله بن المبارك تاجر صدوق قال عنه عبدالرحمن بن مهدي ما رأت عيناي مثل أربعة: ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري ولا أشد تقشفاً من شعبه ولا أعقل من مالك ولا أنصح للأمة من ابن المبارك. فإذا كان ابن المبارك أنصح للأمة فما ظنك بصدقه في تجارته وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مائة ألف درهم.
فكانوا رحمهم الله يتعاملون بصدق وينفقون بسخاء على فقراء المسلمين وقال أحيد بن حفص: دخلت على اسماعيل والد أبي عبدالله البخاري عند موته فقال: لا أعلم من مالي درهماً من حرام ولا درهماً من شبهه.
فكانوا ينزهون أموالهم من كل شائبة خشية الوقوع في ما حرم الله عز وجل ولهذا كانوا مستجابين الدعوة فإن من أعظمم أسباب استجابة الدعوة أكل الحلال. قال أبوسعيد بكر بن منير: كان حمل إلى محمد بن اسماعيل بضاعة أنفذها إليه أبو حفص فاجتمع بعض التجار إليه بالعشية وطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم فقال لهم: انصرفوا الليلة، فجاء من الغد تجار آخرون فطلبوا منه البضاعة بعشرة آلاف درهم فردهم، وقال: إني نويت البارحة أن أدفعها إلى الأولين فدفعها إليهم، وقال: لا أحب أن أنقض نيتي. إن التجارة بحاجة إلى أن يقرؤوا سير الصادقين من التجار من سادات هذه الأمة وممن يستقي بهم المطر.
ابراهيم بن عبدالعزيز الشثري
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بمركز السويدي وسلطانة بالرياض
|
|
|
|
|