| عزيزتـي الجزيرة
ونحن نستعيد بكل ألم الذكرى الحادية عشرة للغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة أتذكر أني كتبت مقالاً في تلك الفترة ونُشر في جريدتي العزيزة الجزيرة وكنت آنذاك في الصف السادس الابتدائي وجاءت كتابتي لذلك المقال بمحض الصدفة؛ فإليكم هذه القصة: معلوم ان تلك الفترة كانت بداية فترة الاجتياح العراقي للكويت وما نتج عنه من تشريد واعتقالات وقتل واستباحة للأراضي والأعراض... الخ، وقد استقبلت المملكة العربية السعودية الآلاف من الأسر الكويتية الذين فرّوا من جحيم الطاغية صدام حسين، فكان معي في نفس الفصل الذي أدرس فيه طالب كويتي اسمه يوسف الهاجري قد حل ضيفاً كريماً هو وأسرته في بلادنا، وفيما بعد اكتشفت أنه يسكن في نفس الحي الذي أسكنه من خلال مشاهدتي له في مسجد الحي، بعدها نشأت بيننا علاقة وطيدة وصداقة حميمة، ومن خلال جلوسنا أنا وبعض أبناء الحي معه أخذ يروي لنا القصص والمواقف عما جرى لهم ولبلادهم، إذ كان لنا مكان معين نجلس فيه بعد كل صلاة نتجاذب أطراف الحديث في عدة مواضيع، لكن المواضيع الأكثر طرقاً موضوع الغزو وهموم الدراسة كوننا كما أسلفت في نفس الفصل، وفي أحد الأيام دخل علينا مدرس اللغة العربية وكانت المادة الإنشاء وأخبرنا بأن الموضوع بعنوان (رسالة إلى صديقي)، وعندما رأيت العنوان مكتوباً على السبورة تعاظمت الموضوع واستصعبته، فماذا عساي أن أكتب عن مثل هذا الموضوع وأنا في تلك المرحلة؟! ولكن استعنت بالله ثم قررت ان أجعل الرسالة موجهة إلى صديقي الكويتي يوسف لكي تسهل عليّ كتابة الموضوع وأستطيع إيجاد محاور ونقاط أنطلق منها من خلال ما حدث للكويت والكويتيين، وبدأت في كتابة الرسالة وعندما أنجزتها عرضت ما كتبته على شقيقي عبدالعزيز ليبدي ملاحظاته ومرئياته ولاسيما أنه شاعر ذو مشاعر فقد جادت قريحته الشعرية في تلك الفترة بالعديد من القصائد الوطنية لعل من أبرزها القصيدة الشهيرة التي يقول مطلعها:
يادار لا هنتِ ولاهان راعيك
ولا هان شعب كرموا راية الدين |
وعندما قرأ أخي الرسالة أعجب بها وأخذ نسخة منها، وطلب مني صورة فوتوغرافية لي، فأعطيته إياها دون أن أعرف السبب، وبعد حوالي أربعة أيام تفاجأت أثناء تصفحي لجريدة الجزيرة بوجود صورتي موضوعة تحت عنوان: (رسالة من طفل سعودي إلى طفل كويتي) وإذا بالرسالة التي كتبتها في مادة الإنشاء مسطرة تحت ذلك العنوان، في الحقيقة لم تسعني الدنيا من الفرح في ذلك اليوم حيث قمت بشراء نسخة من الجزيرة وأهديتها لصديقي يوسف الذي احتفظ بها حتى حررت الكويت وأخذها معه، هذه باختصار قصة مقالي، وإن كان ثمة وقفة في ختام هذا المقال فهي أن نتذكر الحالة التي كنا عليها في مثل هذه الأيام قبل أحد عشر عاما كيف كانت؟! من خوف وذعر وصفارات إنذار وصواريخ سكود ورعب الأسلحة الكيماوية، لكن بفضل الله ورحمته زالت تلك الأيام الموحشة وأصبحنا ولله الحمد والمنة نتفيأ ظلال الأمن والأمان في بلادنا الحبيبة أرض الرسالات والمقدسات فالواجب علينا ان نشكر الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة، أسأل الله العلي القدير ان يديم علينا نعمة الإسلام والإيمان والأمن في الأوطان، وأن يحفظ لهذه البلاد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني، كما أسأله تبارك وتعالى أن يحفظ المسلمين فوق كل أرض وتحت كل سماء وأن يحفظ للكويت العزيزة أميرها وشعبها وأرضها وأن يرحم موتاهم ويفك قيد أسراهم آمين. والله من وراء القصد وهو نعم المستعان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
محمد بن سالم حمد السلام - الرياض
|
|
|
|
|