«غريب الدار» لا وطنا وأهلا
نزلت بساحنا ضيفا فأهلا
أراك تصوِّب النظرات نحوي
كأنك لم تشاهد قبل نخلا
أو انك سابح في التيه روحا
أو انك في الفلا مجنون ليلى
يناغي طيفها صبحا وليلا
يؤمِّل من رؤى الأشباح وصلا
***
أراك بعدتَ عن أهل ودار
ولكن ما نسيت أخاً وخلا
أتيتَ تسارق الخطوات نحوي
ففي ظلّي الحنون رُبيت طفلا
وأنفقت السنين بلا هموم
تُعلِّقها على «قنو» تدلَّى
وتمرح والصحاب بظل فرعي
يخالط جدكم في اللهو هزلا
أنا للبيت زاد إن أردتم
وحلوى للوليد وكنت أحلى
أنافس في المحبة كل فرد
وربّ يتيمة في العقد أغلى
ملأت دياركم رُطبا جنيا
وجمّلت الربى جبلا وسهلا
***
وقفت رقيقة العسبان وحدي
أصارع كالرّدى ريحا ورملا
بقيت أبيّةً لم أشك يوما
أعيش على الضنى فرعا وأصلا
فلا لهب السَّمائم مسّ عودي
ولا غضب السواقي هزّ ظلا
ولي في الحي تاريخ طويل
تردِّده الصبا حولا فحولا
وترويه الصحائف من قرون
بقصة مريم تختال حبلى
وعيسى حينما حملته طفلا
تكلَّم في الجموع وما أطلا