| مقـالات
عندما كان ناصر على رأس العمل قبل التقاعد كان محبوباً، وكان من يلتقون به يعشقونه لطيب معشره وحلاوة لسانه، ولغته المليئة بعبارات الصدق، وجمال بيانه وفصاحة لسانه، وقدرته على إقناعك بأنه يفعل ما يستطيع في ظروف عصيبة.
من يعرفونه عن قرب تعودوا على هذا الأسلوب فتجدهم دائماً يمطون شفاههم استهزاءً لأن حيل مديرهم المخادع صارت معروفة للجميع فهو حين يتكلم باتجاه إداري فهو يعمل في نقيضه مما يفاجئ غير العارفين به وآخر ضحاياه شاب جاء ليعمل عنده ثمانية أشهر فأخذ ما عنده في أسبوع وسرحه من حيث جاء.
كان بلا شك ثعلباً إدارياً مراوغاً لكن الثعلب قد يقع في المصيدة وقد وقع في مصيدة الورق الموقع على شيكات قابلة للدفع مع موظفه الذي وثق به، وذلك الموظف المستكين جعل المدير أضحوكة في سذاجته.
في كل الأحوال ما كان ينطبق على ذلك الموظف لم يكن ينطبق على غيره، فالبقية مهمشون مغفلون من كل مزايا إدارية مما أصابهم بالتكلس والجأ موظفي المؤسسة إلى التسول، فترى العمال عند وقت صرف الراتب ينظرون في أيدي المستفيدين وما تحمله لهم من هبات صغيرة.
هذه الصورة هي علامات الفشل الإداري وبعضها يتضح عندما تدخل مكتباً فتجد موظفيه يصطفون على أباريق الشاي ويقهقون دون عمل أو عندما يصرخ أحد الموظفين بمراجع ولا يتخذ المدير أي إجراء سوى تمييع المعاملة ظناً انه خارج المحاسبة.
في تلك المؤسسة لم يكن هناك رقيب وسارت الأمور لناصر سنين يدعمها قول المثل الشهير «خلا لك الجو فبيضي واصفري» لكن لكل شيء نهاية وكما قلت انتهت مدة خدمته فقرر بعض العاملين إقامة حفلة وداعية.
كانت حفلة مميزة خسر فيها منظم الحفلات من جيبه مالاً كثيراً.. وجاء المدير وجاء عمال الطعام والشراب.. وجاء منفذ الحفلة.. وغاب عن الحفل جميع المحتفلين من موظفين ومراجعين ممن كانوا يرفعون أيدي الولاء.
|
|
|
|
|