| عزيزتـي الجزيرة
أتابع ما يتم نشره حول التعليم والمعلمات، ويشدني طرح الموضوعات التربوية وخاصة تعليم الكبار «محو الأمية» الذي تبذل حكومتنا من أجله الكثير والكثير، وتوليه جل عنايتها، واهتمامها، وعلى رأسها والد الجميع خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية.
وأجدها فرصة الاشارة هنا إلى أن قضية معلمات محو الأمية لابد أن تجد الاهتمام من قبل المسؤولين على ذلك شأنها شأن غيرها من القضايا الخاصة بالمعلمين والمعلمات، فجرح معلمات محو الأمية لا زال ينزف، ولم يعالج، حيث ظللن يستنزفن صحياً، ونفسياً، واستهلكن بما فيه الكفاية لعدد من السنوات دون مردود ايجابي يضمن لهن حقوقهن المهمشة لدرجة النسيان ألا تدل المطالبة بتحسين أوضاع معلمات محو الأمية على أن هناك سوء أوضاع يجب تحسينها والنظر فيها بجدية؟!
إنهن يعملن خارج سلك التعليم، وهن معلمات، وهذا طبعاً ما يحتوي عليه مضمون العقد مع المعلمة عند التعاقد معها، فكيف تكون خارج سلك التعليم وهي معلمة؟! لا أجد اجابة لذلك.
عند فوات موعد التعاقد السنوي مع المعلمة وعدم الحضور لأي طارئ أو سبب مفاجئ، فان ذلك العقد يلغى تماماً ويؤتى ببديلة لذا يعتبر يوم التعاقد مع معلمة محو الأمية يوم عالمي بالنسبة لها يحدد مصيرها ومستقبلها، فلابد أن تهيء لذلك اليوم العدة والعتاد.
ان معلمة محو الأمية يطبق عليها ما يطبق على المعلمة التي تعمل صباحاً في القرارات الطلبات التحضير الوسائل الخصومات اعداد الأسئلة وغيره إلا أنها مهدرة الحقوق ليس لها حقوق مقارنة بمعلمة الصباح، فكيف تطبق عليها تلك القرارات وفي المقابل لا حقوق لها سوى أنها متعاقدة يمكن الاستغناء عنها في أي لحظة متى ما تطلب الأمر ذلك برغم ما تحمله من مؤهل تعليمي وخبرات قد تفوق معلمة الصباح، ولكن تلك الفئة المغلوبة على أمرها لا اعتبار لها ولا لخبراتها، وكأنها لا تؤدي دوراً ولا تساهم في العملية التعليمية المسائية برغم الاجحاف بحقها من نواح عدة، يأتي في مقدمتها الراتب الزهيد الذي لا يتجاوز 1500 ريال ينتهي بمجرد استلامه، اضف إلى ذلك خصومات الغياب التي تقدر ب 50 ريالاً لليوم، بتر وقطع الراتب في الاجازة الصيفية، عدم وجود اجازات اضطرارية عدم التمتع باجازة أمومة سوى أسبوعين فقط مقارنة بمعلمة الصباح التي تتمتع باجازة أمومة لشهرين فأكثر، وكأنهن لسن في الأمومة سواء هذه بعض الأمور التي أغفلت، وأوصدت دونها الأبواب في حق معلمة محو الأمية، مما جعلها تصاب بالغثيان، والاحباط الشديد، عندما ترى هذا التهميش والاجحاف المتكرر بحقوقها والاستهانة بأدائها لدرجة أنها تعمل خارج سلك التعليم فينعكس ذلك على نفسيتها، فيحبط عزيمتها عندما ترى عدم الاهتمام بدورها الفعال في القضاء على الجهل ممثلاً في تعليم الكبيرات، وأجزم يقيناً أن تدريس من فاتهن قطار التعليم من أروع وأجمل ممارسة مهنة التعليم، لأن المعلمة وأقصد معلمة محو الأمية، في هذا الحقل هي كالمجاهدة في ايصال العلم لتلك الفئة التي تتميز بالبساطة اللا محدودة، والخجل من كونها تتعلم في هذه السن المتقدمة، وما يواجهها من عوائق قد تحبط عزيمتها ودوافعها للتعليم، فيتطلب ذلك من المعلمة التحمل والصبر، والاحتساب، وترغيبهن بالوسائل المختلفة من أجل الانخراط في طريق العلم، ومواصلته دون انقطاع.
ولكن قد ينفد الصبر، وتموت الطاقات من معلمة محو الأمية عبر مرور الزمن، ومضي سنوات العمر، وهي ترى زميلاتها ممن تخرجن معها، وحصلن على نفس المؤهل التعليمي، قد حصلن على وظيفة مناسبة لمؤهلهن، واعتلين المناصب تلو المناصب عبر مرور السنين، وهي كما يقال «مكانك سر» أو «مكانك قف» برغم خدمتها لعدد من السنوات في هذا المجال، وتكبدها المتاعب، والمشاق في ذلك، ولكن لا اعتبار لها ولا لخبرتها، ولا لعدد سنوات خدمتها التي أمضتها في مكافحة الأمية ومحو معالمها، والآثار المترتبة على تفشيها في المجتمع.
فمن خلال هذا المنبر تتقدم جميع شرائح مدرسات محو ا لأمية الى المسؤولين والقائمين على ذلك بتحسين أوضاعهن ومساواتهن بغيرهن من معلمات المدارس الصباحية في الحقوق وليس في الواجبات فقط! ويكفي تهميشا!
بحيث أن من أمضت ثلاث سنوات فأكثر في تدريس محو الأمية تثبت على وظيفة مناسبة لمؤهلها العلمي ككادر مدرب ومؤهل للعمل وبذلك نحد ونقلل من وجود البطالة، وتكدس الخريجات وتكون مدارس محو الأمية نافذة للاسهام في توظيف الخريجات واحتوائهن.
نورة الدعجاني - الرياض
|
|
|
|
|