| الثقافية
الهم وحده هو الدافع الحقيقي للمبدع. يوقظ مضجعه. يؤرقه في ليلة ويلاحقه اينما كان. فيجسده المبدع في احد القوالب الابداعية شعراً كان ام نثراً.
1
لكن هذا المبدع لا يكاد يلبث طويلاً بعد ان ازاح عن نفسه ولو الشيء القليل من ذلك الهم حتى يجسد نفسه امام همين آخرين قد يقف امامهما عاجزاً حتى عن التعبير ولسان حاله يقول:
هموم المبدعين دائماً مضاعفة.
والحقيقة ان الهم الاول قد يشترك فيه كل المبدعين العرب عامة. وهذا ما قد يضعف وطأته على المبدع وهو هم القارئ العربي، فاشكالية النتاج الادبي الابداعي العربي اشكالية عامة في مجتمعاتنا العربية حيث ان هذا النتاج منتجه ومستهلكه هو المثقف وحده. والطبقة المثقفة أو المهتمة والمتابعة للنتاج الأدبي في كثير من المجتمعات اقلية محدودة. ويصدق هذا القول تماماً على مجتمعنا العربي. الجمهور المتلقي في كثير من الاحيان هو مقياس النجاح والوصول. لكن ماذا سيكون الحال لو انعدم هذا الجمهور الا ممن لهم العلاقة الحميمة به. وهذا ما يحدث بالنسبة لنتاجنا الابداعي الذي من خلاله يقاس مدى تقدمنا وحضارتنا. فالمقياس الفعلي لحضارات الامم وتقدمها لا يتم الا من خلال مدى تأثير هذا النتاج على افراد شعوبها ومن ينتمون اليها.
وعند تسليمنا بهذه الاشكالية المحزنة التي لا حول لنا فيها ولا بصيرة، تتجه انظارنا فوراً الى تلك الطبقة المهتمة والمتابعة لهذا النتاج الابداعي. فنجد كل افرادها قد نصبوا انفسهم نقاداً ورقباء على نتاجهم الابداعي حتى فيجد المبدع نفسه امام الهم الآخر وهو هم الناقد.
اقول ان المبدع عندما قام بكتابة ابداعه ذلك وعندما زج به الى ايدي القراء «الطبقة المهتمة» لا اعتقد بل واجزم بانه لا يملك افضل مما كتبه وابداعه. فان نال على اعجابك فهذا ما يطمح اليه وان لم يكن كذلك فدعه وشأنه بل ربما تغيرت نظرتك الانتقادية تلك في وقت لاحق. بالاضافة الى ان ما لم يعجبك قد يعجب غيرك والعكس صحيح. هذا بالنسبة للقارئ الناقد. اما الناقد المتخصص فله ذلك. لكن ارى عدم ضرورة النقد التطبيقي واضافة الى مراعاة التلطف في توجيه النقد الى النص الابداعي.
وهذا لا يعني انني اقف مع من يقول بأن النقد ترف او ثرثرة بلا معنى. فالنقد ضرورة ملحة لا غنى عنها. ولكن أليس من المحزن ان يضاف الى هم هذا المبدع المغلوب على امره همين اضافيين احدهما لا محالة منه.
|
|
|
|
|