| الريـاضيـة
بالأمس تابعت كل التحليلات الرياضية لمباراة منتخبنا مع المنتخب البحريني الشقيق وكانت في معظمها تصب جام غضبها على اللاعبين والبعض الآخر على طريقة المدرب وخاصة لعبه بثلاثة محاور. وجاءت التحليلات الرياضية بكلمات وجمل قاسية وعنيفة ووصفت تعادل المنتخب السعودي في مباراته بالأمس بالسقوط الشنيع وغياب الروح القتالية والكارثة بل ان البعض بلغ منه اليأس اقصى درجاته وقال بالخط العريض اكلناها وفات الوقت للانقاذ. المتابع لتاريخ التصفيات في العالم كله يجد ان معظم الفرق التي تأهلت قد لاقت خسائر قاسية في بداية مشوار التأهل للتصفيات ومن اقل الفرق قوة. رب ضارة نافعة، لا اقول هذا الكلام تبريراً فالمنتخب السعودي وبدون جدال لم يظهر بمستواه المعروف كما ان اللاعبين وبالذات الذين تميزوا فنياً في لعبهم مع انديتهم لم يقدموا نصف مستواهم من حيث اللمحات الفنية او الروح القتالية.
اذن ماهو سبب هذا الاخفاق الفني ان صح التعبير؟؟
انا واعوذ بالله من كلمة انا اخالف كل المحللين الذين انتقدوا طريقة المدرب او اللاعبين او حتى إدارة الكرة وارجع ذلك الى اسباب نفسية حدثت اثناء المباراة نفسها. لقد كاد اللاعبون يتخطون هذه الحالة ويصلون مرحلة التألق وانسجام الروح في الخمس دقائق بعد تسجيل هدف التعادل لكن سرعان ما اختفى هذا التألق وتلك الروح. لعل من أهم الأسباب والتي لاحظتها في أعين اللاعبين بين شوطي المباراة حيث كانت اعينهم مليئة بحزن شديد وكانت دماؤهم مخطوفة ويعيشون في حالة من الهلع والصدمة النفسية القوية. اقول لعل من أهم الأسباب هو الجمهور السعودي داخل الملعب فلم اكن اتصور أمس أننا كنا نلعب في ملعب الأمير فيصل بن فهد بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بل كنت في معظم الفترات اعتقد انني في البحرين في مدينة المنامة فالاهازيج بحرينية والتشجيع بحريني والاغاني بحرينية والتصفيق بحريني وحتى الأعلام الحمراء كانت تغطي جزءاً كبيراً من الملعب. ألم يساعد ذلك على رفع الحالة المعنوية عند الاشقاء ويحبطها عند لاعبينا؟ ان تحسن الحالة النفسية يرجع الى الجمهور والذي يعتبر اللاعب رقم «12» او اللاعب رقم «1» فأين دور الجمهور في تلك المباراة؟
النظريات العلمية الحديثة تؤكد على ان اللاعب مهما اعد من الناحية الفنية واللياقية واعترته أثناء المباراة بعض العوامل النفسية فهذه الأخيرة تلعب في افراز بعض الاحماض والانزيمات في جسم اللاعب تجعله منهكاً وغير قادر على العطاء كما تؤثر في قوته العضلية والبدنية.
اللاعب السعودي يشعر كغيره من اللاعبين بحاجته الى من يدعمه من الناحية النفسية والاجتماعية مع دعمه للناحية الفنية واللياقية. والأولى تكون في الغالب داخل الملعب ويقوم بها الجمهور.
اين المشجعون المعروفون مع انديتهم؟ لقد شاهدت مباراة الافتتاح في مدينة أبها بين النادي الأهلي وبين منتخب عسير ورأينا كيف لعب جمهور الأهلي بطبوله واناشيده واهازيجه في تحقيق الفوز للاهلي مع ان الأهلي من الناحية الفنية كان سيئاً للغاية. اين هذا الجمهور من المنتخب؟
اين جمهور الاتحاد المعروف؟ اين جمهور الهلال وجمهور النصر، ام أنهم لا يظهرون إلا مع انديتهم فقط؟ تلك اسئلة ملحة وملحة جداً ويلعب الإعلام دوراً مهماً في الاجابة عليها.
في مباراتنا التجريبية مع قطر وبعد ان سجل المنتخب القطري الشقيق هدفه الثاني انقلب الجمهور من جمهور صامت الى جمهور مشجع للمنتخب القطري ومحبط للمنتخب السعودي ويتلفظ بألفاظ غير لائقة.
لقد بذلت الرئاسة العامة لرعاية الشباب الشيء الكثير للمنتخب من معسكرات ومباريات تجريبية وصرفت الكثير من الأموال لكن الإعلام الرياضي لم يساهم في خلق ولاء رياضي قوي للمنتخب لأسباب غير مقصودة بالطبع لعل من أهمها انشغال الإعلام. ومن خلال المقالات اليومية والتحليلات تجد ان معظم كتابنا قد تفرغوا للمهاترات الصحفية والهمز واللمز فكل كاتب ينتمي الى ناد معين ومحبب له لذا ابتعد التحليل والنقد عن الموضوعية المطلوبة والمناقشة البناءة البعيدة عن الانفعال. لا اريد ان اعطي امثلة لهؤلاء الكتاب ولكن ابسط القراء ثقافة في الرياضة يعرفهم.
انا متفائل ان جمهورنا الوفي سوف يستدرك هذا الخطأ وان يكون اكثر حماساً في المباريات القادمة. كما انني متفائل ان شاء الله بأن يحقق المنتخب نتائج ممتازة في المباريات القادمة وستعود للمنتخب هيبته مع المنتخبات الآسيوية وسوف نفوز ان شاء الله على منتخب ايران في المباراة القادمة وسوف ينطبق على المنتخب السعودي قول المتنبي:
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت
لك المهابة ما لا تصنع البهم |
د. عبدالإله بن سعد بن سعيد
عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم
|
|
|
|
|