أخفي الأسى وقصائدي تُبدي
للناس ما أُخفي من الوَجْدِ
لولا القصائدُ ما درى أحدٌ
عن سرِّ وُجداني وما عندي
فالشعر يفتح بابَ ذاكرتي
ويزور أعماقي بلا وَعْدِ
ويُثيرني ويهزُّ أوردتي
هَزَّاً، ويَتْبَعُ برقَه رَعْدي
حتى أبوحَ بما يكتِّمه
غيري، وأُبدي منه ما أُبدي
ما هزَّ قافيتي التي وقفتْ
في عِزَّةٍ كالشامخ الصَّلْدِ
إلاَّ أنينُ القلب أرّقني
فجمعْتُ بين اللَّيل والسُّهْدِ
يا سائلي عمَّا أُكابدُه
بعضُ الأسى آلامُه تُعدي
قد يبلغ الحزنُ العميقُ مَدَىً
في النفس مَعْهُ الصَّبْرُ لايُجدي
لكنّنا نجتاز محنتَه
بالشكر للرحمن والحَمْدِ
يا سائلي عنِّي، على شَفَتيْ
لحنٌ، وفي قلبي لَظَى وَقْدِ
من مسقط الرأسِ العزيز سرى
رَكْبُ الأنين إلى رُبَى نَجْدِ
لم يُبْقِ في مَسْراه خاطرةً
إلاّ وسوَّدَ لونَها عندي
تَعَبُ الحياةِ يكاد يجرفني
لولا التصبُّرُ لانقضى عَهْدي
تبكي المسافةُ حين أقطعُها
وأنا أُقاومُ رَمْلَها وحدي
تبكي المسافةُ وهي مدركةٌ
أنَّ الفَناءَ نهايةُ العَبْدِ
هي خُطْوةٌ قَصُرَتْ مسافتُها
من مَهْدِ دُنيانا إلى اللَّحْدِ
يا رحلةَ الأَيام ، فيكِ لنا
ذكرى تقرِّبُنا من البُعْدِ
فلكم مَضَيْتِِ بمن يعزُّ على
أهلٍ، وكم فرَّقْتِ من حَشْدِ
ولكم فقدنا مَنْ نُحبُّ، فما
أقساهُ مِن أَلَمٍ ومن فَقْدِ
ولكم رَصَدْنا فيكِ مَنْ رحلوا
عنَّا، فما أشقاهُ من رَصْدِ
يا رحلةَ الأَيَّامِ، يا حُلُماً
يُطْوَى، ويا حَرْباً بلا جُنْدِ
قولي لمن يشقى بغفلتِه
منّا، رويدَك فالهَوَى يُرْدي
ما السيفُ حين تُسَلُّ صفحتُه
كالسَّيفِ حين يُدَسُّ في الغِمْدِ
ما الكفُّ تحمل جَمْرَ مَوْقدِها
كالكفِّ تحمل طَاقةَ الوَرْدِ
يا رحلة الأَيَّام، فيكِ لنا
إِلْماحَةٌ تُغني عن السَّرْدِ
قولي لسلمانَ الذي برزَتْ
فيما يقول مَعالمُ الرُّشْدِ
قولي له، والأرضُ مُورقةٌ
مِن حوله بسنابل المجد
بالصبر يرقى المرءُ منزلةً
عُظْمى ويبلغ غايةَ السَّعْدِ
فالصبر نورُ الصابرين إذا
باتوا من الآلامِ في جَهْدِ
والصبر بابٌ للنَّجاةِ، إذا
قَسَتِ الحوادثُ يا أَبا فَهْدِ
للْهِ فينا حُكْمُ مقتدرٍ
سبحانَه من خالقٍ فَرْدِ
يقضي الاِلهُ بما يشاءُ فما
يُغني الفتى حَذَزٌ ولا يُجْدِي
فَلْتَحْتَسِبْ فَقْدَ الفقيدِ على
ما يُرْتَجَى من جَنَّةِ الخُلْدِ