| الاقتصادية
* كتب/ عبدالله الرفيدي:
شهد الاقتصاد السعودي خلال النصف الأول من العام الحالي نمواً اقتصادياً مطرداً وذلك بفضل استمرار تحسن أسعار النفط التي حافظت على مستويات إيجابية خلال الفترة مما انعكس على نمو المداخيل وارتفاع النشاط التجاري والاستثماري بشتى أنواعه، وواصل النمو مخالفاً التوقعات وارتفع 5، 4% وقد دعم هذا النشاط الكبير تحسن الدولار أمام العملات الرئيسية مثل الين والمارك الألماني والجنيه الاسترليني التي تمثل تعاملتها نسبة كبيرة من التجارة الخارجية للمملكة مع الدول التي تتعامل بهذه العملات،
من جانبه ساهم في انخفاض قيم الاستيراد الذي يحقق وفرة داخلية كبيرة وصلت في معدلاتها على التاجر والمستهلك نسبة ملحوظة،
ولإلقاء المزيد من الضوء على أداء الاقتصاد السعودي خلال النصف الأول من هذا العام نطرح ما جاء في النشرة الاقتصادية السعودية للبنك السعودي البريطاني التي أعطت قراءة على الأداء الاقتصادي والاستثماري في المملكة وقارنت بين الآراء التي ذهبت بعضها إلى تحفظ النمو للناتج المحلي للنفط وارتفاعه في غيره أو في هبوط الناتج الكلي،
من جهة أخرى ذكر وزير المالية والاقتصاد الوطني في منتصف شهر مايو بأنه كان من المتوقع ان يحقق الاقتصاد السعودي الاهداف المحددة في الميزانية المالية على ضوء النمو الذي كان قد فاق المتوقع في القطاع الخاص والاستقرار النسبي لاسعار البترول، وعلى المدى المتوسط فان من المتوقع ان تكون الميزانية متوازنة، كما تعدلت أيضاً نسب النمو لعام 2000م نحو الاعلى ليصل النمو الفعلي لاجمالي الناتج المحلي 5، 4% مقارنة بنسبة 11، 4 كما ورد في بيان الميزانية ومتوسط النمو الاسمي الى 3/21% مقارنة بنسبة 5، 15% كما ورد في بيان الميزانية، كما ارتفع ناتج القطاع الصناعي بنسبة 8% في عام 2000م، وطبقاً لمؤسسة النقد ووزارة المالية والاقتصاد الوطني فان كافة المؤشرات تدل على أن نمو القطاع الخاص في عام 2001م سيكون اعلى مما كان عليه في السنة السابقة،
جاء ذلك في تقرير للبنك السعودي البريطاني في نشرته الدورية،
وحسب توقعات سفارةالولايات المتحدة لشهر مايو 2001م فسوف يشهد القطاع الخاص نمواً جيداً بالرغم من التوقعات السلبية لنمو اجمالي الناتج المحلي لعام 2001م اذ يتوقع ان تكون 2% بسبب خفض انتاج البترول،
يتوقع ان يؤدي هبوط انتاج النفط واسعار تصدير النفط الى هبوط اسمي في الناتج بمقدار 7، 10% في عام 2001م كما يتوقع ان ينتعش القطاع غير البترولي على الرغم من التراجع المتوقع في ايرادات النفط والاسعار والناتج،
وتتلخص رسالة السفارة في ان الحكومة تستطيع التحكم في الانتعاش الاقتصادي ولديها المقدرة على ادخال الاصلاحات الهيكلية والمؤسساتية المطلوبة لتعزيز نمو القطاع الخاص وتطوير اسواق المال والانضمام الى منظمة التجارة العالمية والى مشاريع الخصخصة، الخ، ،
وانطلاقاً مما تقدم فان بالامكان تصور الخلاصة التالية:
«من حيث المبدأ يمكن حل الكثير من المشاكل الاقتصادية للمملكة العربية السعودية باستخدام الامكانيات المتوفرة حالياً على صعيد الموارد البشرية والمالية، وتملك المملكة العديد من الموارد وخاصة المالية «على الرغم من ان معظمها مستمر في الخارج» لاعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع القاعدة الصناعية والتجارية والابتعاد عن الاعتماد الشديد على البترول، ويمكن للاصلاحات الاقتصادية ان تفعل الكثير لتحرير قوى السوق مما يقود الى نمو اكبر وفرص عمل اكثر واستقرار اقتصادي اكثر رسوخاً واذا ما ارادت المملكة العربية السعودية ان تسخر عناصر اكثر من قواها الطبيعية للعمل فان مستقبلها سيكون باهراً،
يتوقع هنري عزام «مجموعة ميدل ايست كابيتال» نمواً اسمياً في اجمالي الناتج المحلي قدره 4% في عام 2001م وقد بنى ذلك على اساس تقديراته لما يسمى مضاعف المصروفات، وهو ما يعتبر جيداً لمعظم الاقتصاديات ولكن ليس بالضرورة للاقتصاد السعودي حيث يسيطر قطاع النفط، ونتيجة لذلك وحيث لاحظنا هبوطاً في انتاج البترول لتهبط حصة المملكة العربية السعودية بنسبة 7% عن انتاج الربع الاول لعام 2001م وهي التي كانت تقل بنسبة 4% عن مستويات الانتاج الفعلي في اواخر عام 2000م، وحيث فشلت اسعار النفط حتى الآن في المحافظة على متوسط عام 2001م، والبالغ 27 دولاراً للبرميل الواحد فان من غير المحتمل ان ينمو اجمالي الناتج المحلي الاسمي في عام 2001م بدون انعكاس جوهري في انتاج البترول والاسعار في النصف الثاني من عام 2001م، ويتوقع ان يهبط اجمالي الناتج المحلي الاسمي من البترول اذا ما تراجعت الاتجاهات الحالية بنسبة تتراوح بين 1218% في عام 2001م ومن ناحية ثانية فان القطاع غير البترولي لا يملك حتى الآن الديناميكية اللازمة لتعويض ذلك الهبوط، ولذلك فان اكثر التوقعات الحالية عقلانية هي التي تفترض في افضل الاحوال ناتجاً محلياً اسمياً مستقراً في عام 2001م، بل وربما هبوطاً بنسبة 23%،
يصبح نمو اجمالي الناتج المحلي موضوعاً آخر اذا ما علمنا ان الهبوط الرئيسي في اجمالي الناتج المحلي الاسمي يمكن ان يحصل بسبب هبوط اسعار البترول، وكانت توقعات البنك السعودي الامريكي هي التوقعات الوحيدة من بين التوقعات الثلاثة التي تفترض هبوطاً في اجمالي الناتج المحلي الفعلي بنسبة 2% وهي نفس توقعات السفارة الامريكية بخلاف هبوط انتاج البترول بأكثر من 10% عما كان عليه عام 2000م، ولكن مع ارتفاع كبير في الناتج خلال النصف الثاني من عام 2001م او تسارع كبير في النمو غير البترولي فان من المحتمل جداً تحقيق اجمالي ناتج محلي حقيقي مستقر مالم يحصل هبوط متواضع بمقدار 1 الى 5، 1% هذا مع ملاحظة ان كافة هذه التوقعات تفترض فقط نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير البترولي بحوالي 3% وكل التوقعات تبدو متشائمة ومتسائلة من حيث ان الايرادات البترولية القياسية في عام 2000م لم تحقق بعد دفعة ملحوظة للقطاع الخاص،
لا يستطيع احد ان يتوقع تغيراً ملحوظاً في تضخم الاسعار فقد بقي التضخم تحت السيطرة لعدة سنوات مع تراجع تكلفة المعيشة بمقدار 9، 0% في عام 2000م، وقد يصل التضخم في اسوأ حالاته الى 1% ولكن من المرجح ان يبقى صفراً او سلبياً بعض الشيء، ويتوقع بنك الرياض حصول تضخم هامشي في الاسعار بمقدار 3، 0% في عام 2001م،
* بدأت المشاريع الجديدة في التسارع واصبحت الهيئة العامة للاستثمارات ذات سمعة عالمية كما اصبح المناخ للاستثمارات الاجنبية اكثر جاذبية مع التغيرات الموعودة، ومن ناحية ثانية تشهد التعرفة الجمركية انخفاضاً وذلك استباقاً للانضمام الى عضوية منظمة التجارة العالمية حيث قام المجلس الاقتصادي الاعلى بالاعلان عن تخفيض التعرفة من 12% الى 5% في نهاية شهر مايو وهناك انواع جديدة من الاستثمارات الاجنبية التي تتم الموافقة عليها مثل الترخيص لاتحاد امريكي من اربع شركات لبناء وتمويل 3 آلاف مدرسة بتكلفة قدرها 13 بليون دولار امريكي،
تم في شهر مايو 2001م اختيار 8 شركات بترول دولية للمشاركة في ثلاثة مشاريع غاز كبرى وقد أرسي المشروع الرئيسي الاول وهو بمبلغ 15 بليون دولار تطوير حقل غوار الجنوبي الى شركة اكسون/ موبيل وشركة رويال دتش شيل وبريتيش بتروليوم وفيليبس، اما المشروع الرئيسي الثاني على شاطئ البحر الاحمر فقد أرسي على شركة ايرون واوكسيدنتال، بينما أرسي المشروع الرئيسي الثالث في حقل غاز شعيبة الى شركات شيل وتوتال فاين إلف وكونوكو ومن المتوقع ان يتم التوقيع على مذكرات التفاهم خلال صيف عام 2001م،
* اظهرت النشرة الاحصائية لمؤسسة النقد لشهر ابريل بأن نمو الوارد النقدي تحت السيطرة تماماً فقد بلغ نمو الوارد النقدي M3 أقل من 5، 1% خلال الاربعة اشهر الاولى من عام 2001م وقد شهد شهر ابريل تحولاً كبيراً من الودائع الآجلة/ ودائع التوفير «هبوطاً بنسبة 6، 4%» الى ودائع تحت الطلب «ارتفاعاً بنسبة 3، 2%» وطبقاً للنشرة فإن مطالبات البنوك على القطاع الخاص تعتبر مستقرة في حدود 174 بليون ريال «من 172 بليون ريال في شهر ديسمبر 2000م» بينما هبطت مطالبات البنوك على القطاع العام من 7، 124 بليون ريال كما في شهر ديسمبر 2000م الى 8، 122 بليون ريال كما بنهاية ابريل 2001م وبقي مؤشر اسعار الاستيراد بالمفرق عند 4، 103 نقطة منذ شهر ديسمبر 2000م بينما انخفض مؤشر تكلفة المعيشة بنسبة 5، 0% منذ شهر ابريل 2000م،
* من المحير في الوقت الحاضر غياب العلاقة المتبادلة بين نشاط صندوق التنمية الصناعية السعودي واصدار تراخيص صناعية جديدة للمشاريع الحالية والجديدة فقد جرت العادة ان يكون هناك بعض الوقت بين اصدار التراخيص ومنح التسهيلات الائتمانية من قبل صندوق التنمية الصناعية الا ان الارقام الحالية تظهر تراجعاً محيراً في سرعة منح التسهيلات الائتمانية من قبل صندوق التنمية الصناعي وتفيد وزارة الصناعة والكهرباء بأنها قد منحت 635 ترخيصاً صناعياً في التسعة اشهر الاولى من عام 1421ه باستثمارات تبلغ 13 بليون ريال سعودي، ويمثل هذا الرقم زيادة كبيرة على ال 519 ترخيصاً الممنوحة في نفس الفترة من عام 1420ه، وبالمثل فان مبلغ الاستثمارات لهذه التراخيص ارتفع ايضاً بأكثر من 50%،
ويتباين هذا النشاط المزدهر مع تمويلات الصندوق السعودي للتنمية الصناعية حيث وصلت المبالغ المصروفة من قبل الصندوق ذروتها، 2012 مليون ريال في عام 1997م، ثم هبطت بشدة منذ ذلك الوقت لتصل المبالغ المصروفة في عام 2000م الى 1083 مليون ريال فقط، وهذا الرقم يقل حتى عن رقم عام 1999م والذي كان بحد ذاته عاماً متواضعاً بالنسبة لتمويلات صندوق التنمية الصناعية السعودي، وبالطبع فليست المشكلة مشكلة نقص اموال ولكنها موضوع يتعلق بالطلب اذ ان المبالغ المسددة للصندوق تزيد بالتأكيد عن التسهيلات الائتمانية الجديدة «93 مليون ريال في عام 2000م»،
الشئ الذي يجب ان يحصل هو ان النمو في التراخيص الصناعية الجديدة يجب ان يؤدي الى المزيد من الطلب على تمويلات صندوق التنمية الصناعية وهذا يدعونا الى ترقب ما سوف يتم في السنة القادمة،
|
|
|
|
|